تزايدت حدة المنافسة بين مرشحي الحزب الديمقراطي، والتي تبلغ ذروتها يوم “الثلاثاء الكبير” في الثالث من مارس المقبل، حيث تصاعد اهتمام المرشحين الديمقراطيين بمنافسهم الملياردير الديمقراطي مايكل بلومبرج، والذي تعرض لانتقادات من عدة مرشحين، على رأسهم المرشح اليساري بيرني ساندرز الذي يضع نصب عينيه التصدي لمرشحي “رأس المال”، ومنعهم من خطف الانتخابات، حسب وصف ساندرز.
ومما يرفع من وتيرة وسخونة المنافسة بين المرشحين الديمقراطيين، هو مشاركة ثلاثة مليارديرات في السباق نحو رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المرجح أن تحطم الأحزاب السياسية، والمجموعات خارج الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الرقم القياسي السابق للانفاق على الحملات الانتخابية خلال سباق الرئاسة 2020.
فقد بلغ حجم الانفاق لمرشح الانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الديمقراطي توم ستاير أكثر من 199.99 مليون دولار، ومجموع ما جمعه من تبرعات 205.38 مليون دولا وهو مدير صندوق تحوط أمريكي وناشط في مجال الخير والدفاع عن البيئة وناشط ليبرالي وجامع تبرعات، في حين بلغ حجم الانفاق على الحملة الانتخابية، للمرشح مايكل بلومبرج عمدة نيويورك السابق نحو 386 مليون دولار منذ إعلانه دخول سباق الرئاسة الأمريكية حتى الآن، وبلغ إجمالي حجم الانفاق على الحملات الانتخابية الأمريكية نحو 2.18 مليار دولار حتى الثالث من فبراير الجاري.
ومن المقرر أن يتوجه المرشحون الديمقراطيون إلى ولاية نيفادا في 22 فبراير الحالي، تليها ولاية كارولاينا الجنوبية في 29 من ذات الشهر قبل يوم الحسم “الثلاثاء الكبير” في الثالث من مارس.
وجه ساندرز في احتفال انتخابي في لاس فيجاس بولاية نيفادا، انتقادات حادة إلى بلومبرج قائلاً: إنه لن يحقق “الحماس والطاقة” اللازمين للفوز بالبيت الأبيض، علما بأن الأخير لم يشارك في السباق بشكل كامل حتى الآن ولم يجر أي نشاط انتخابي في بعض الولايات التي يعتبرها غير مهمة من ناحية عدد أصوات المندوبين الذين يمكن أن يحققوا له دفعا في حملته، كولاية نيفادا مثلا.
ولم يذكر ساندرز، الذي يسعى لاكتساب قوة دفع جديدة بعد الفوز الذي حققه في انتخابات الديمقراطيين التمهيدية بولاية نيوهامشير، وبعدما جاء في المركز الثاني بفارق ضئيل وراء بيت بوتيجيج في ولاية أيوا، سوى بلومبرج الذي كان رئيسا لبلدية نيويورك في السابق من بين منافسيه، وانتقد مواقف بلومبرج إزاء قوانين الحد الأدنى للأجور، وحفظ الأمن، وفرض ضرائب على الأثرياء، وتطبيق قواعد تنظيمية على “وول ستريت”.
وكان مايك بلومبرج قرر عدم المشاركة في الانتخابات التمهيدية في الولايات الأربع الأولى، أيوا، نيوهامبشر، نيفادا، كارولاينا الجنوبية، والتركيز بدلاً من ذلك على يوم “الثلاثاء الكبير” الذي تجري فيه 14 ولاية ومنطقة أمريكية انتخاباتها التمهيدية.
وبات هذا القرار محل انتقادات مرشحي الحزب الديمقراطي الأخرين، فقد شن نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والسيناتور آيمي كلوباشر هجوما على بلومبرج، وطلبا منه المشاركة في المناظرات الديمقراطية، وعدم الاختباء وراء موجات الأثير، على حد قول المرشحة كلوباشر.
وقال بايدن إنه سيتحدى بلومبرج بشأن دعمه عندما كان رئيس بلدية لاستراتيجية الشرطة المعروفة باسم “التوقيف والتفتيش”، والتي استهدفت أعدادا كبيرة من الأفارقة الأمريكيين والقادمين من أمريكا اللاتينية مقارنة بغيرهم، في محاولة للرد على حملة بلومبرج الإعلامية التي تستهدف جذب أصوات الأفارقة الأمريكيين والأقليات الأخرى، وبثه مواد إعلامية تظهر تعاونه وتقربه من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
ويرى مراقبون للشأن الأمريكي أن التيار اليساري يدعم فرص ساندرز في مواجهة بلومبرج، واستخدموا التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في العمل على تعرية وكشف المواقف السياسية السابقة لبلومبرج عندما كان رئيس بلدية، لبيان مدى تناقض برنامجه السياسي، حيث نشر منافسوه شريط فيديو صور قبل 12 سنة خلال الأزمة المالية عام 2008، يظهر فيه بلومبرج وهو يتحدث عن ربطه بين الأزمة المالية وتجاوز ما عرف “بالخط الأحمر”، وهي ممارسات سمحت للبنوك بمنح ذوي الدخل المنخفض، ومعظمهم من الأقليات، وخصوصا من السود، قروضا سكنية رغم معرفتهم بعدم قدرتهم على الوفاء بها.
ومن هنا بات المشهد الانتخابي الأمريكي أكثر سخونة، خاصة بين مرشحي الحزب الديمقراطي، وستكون المحطة الثالثة من الانتخابات التمهيدية في نيفادا محدد آخر للمنافس الديمقراطي للرئيس الجمهوري الملياردير دونالد ترامب في استحقاق نوفمبر المقبل، بعد أن كاد التنافس ينحصر بين الثلاث مرشحين للحزب الديمقراطي: بلومبرج وساندرز وتوم ستاير.
يحمل اليساري الراديكالي ساندرز عضو لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي المعنية بالبيئة والأشغال العامة ولجنة الطاقة والموارد الطبيعية، توجهاً ثورياً داخل الحزب الديمقراطي، عبر تحويله إلى حزب اشتراكي، ويدعو إلى تحويل الاقتصاد الأمريكي إلى اقتصاد تسيطر عليه الدولة، وجعل الضرائب أكثر عدلاً وإصلاح قطاع الرعاية الصحية، كما يحظى بدعم الراديكالية إليزابيث وارين.
أما الملياردير مايك بلومبرج، فهو من المعتدلين المحسوبين على الاتجاه المحافظ اقتصاديا والليبرالي اجتماعياً ودينيا، ويبتعد عن اليسار وأفكاره، وبالتالي لديه القدرة على كسب أصوات الوسط واليمين الديمقراطيين، وربما بعض اصوات الجمهوريين.
في حين يأتي الملياردير توم ستاير، صاحب التوجهات الليبرالية ليكون منافساً قوياً ضد ساندرز ومن المحتمل أن يتحالف أصحاب الفكر الليبرالي معاً وهما بلومبرج وستاير ضد اليساري ساندرز وسيكون الاختيار في ذلك للناخب الأمريكي ذاته.
وكان ستاير قد أسهم فى تمويل أنشطة الحزب الديمقراطى في الأعوام الأخيرة، ودعم مرشحين سياسيين ومؤسسات تعزز من قضايا ليبرالية من بينها قضية السعى لتوجيه اللوم وعزل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وظهرت جهوده في سلسلة إعلانات تلفزيونية ظهر فيها ستاير بنفسه يدعو لذلك.
كما أنفق ستاير 100 مليون دولار فى عام 2018 خلال انتخابات مجلس النواب بالكونجرس، حيث كانت تلك ثالث دورة انتخابية ينفق فيها الملايين لدعم مرشحى الحزب الديمقراطي، وبلغت اسهاماته في دعم الديمقراطيين في انتخابات الكونجرس 2014 و 2016 و 2018 بنحو 230 مليون دولار.
يٌشار إلى أن ستاير قد انضم إلى السباق الرئاسي لعام 2020 بعد يوم من انسحاب النائب إريك سوالويل من كاليفورنيا، آملاً في خوض سباق التنافس نحو البيت الأبيض.
المصدر : أ ش أ