عقب تبرئة مجلس الشيوخ له من تهم إساءة استخدام السلطة، وعرقلة عمل الكونجرس، الهادفة إلى عزله، وفي أول رد فعل له، نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، مقطع فيديو، عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر، يظهر فيه وكأنه يستعد للانتخابات المقبلة وما يليها من انتخابات، وفي نهاية الفيديو تظهر لافتة أمام ترمب مكتوب عليها “إلى الأبد”، في إشارة إلى استمراره في منصبه، وإعلاناً لنيته في الترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في نوفمبر 2020.
كان مجلس الشيوخ قد صوت في جلسة تاريخية مساء الخامس من فبراير الجاري، لصالح ترمب في تهمة إساءة استخدام السلطة، بواقع 52 نائبا، رأوا أن ترمب لم يذنب فيما صوت لصالح توجيه التهمة 48 نائباً، وفي التهمة الثانية المعروفة بعرقلة عمل الكونجرس، صوت 53 لصالح ترمب، و47 رأوا أنه مذنب، وبذلك أغلقت قضية عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التي بدأتها نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي، قبل نحو عدة أسابيع.
ويشير المراقبون إلى أن هذه التبرئة تعد نصراً كبيراً لترمب، الأمر الذي يعطيه دفعة قوية في الانتخابات الأمريكية المقبلة 3 نوفمبر 2020، ويعزز من فرص وحظوظ فوزه بولاية ثانية.
وتعكس حالة استقبال الجمهوريين للرئيس ترمب بقاعة مجلس النواب، وما صحابها من تصفيق حاد استمر لدقائق إذ بدأوا بهتاف جملة “أربعة سنين إضافية” إشارة كبيرة إلى إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لفترة ثانية.
فقد صفّق المشرعون وبصفة خاصة من الحزب الجمهوري نحو 106 مرات خلال إلقاء الرئيس ترمب خطابه عن حالة الاتحاد، بمعدل تصفيق بعد كل عبارة يلقيها خلال الخطاب الذي امتد لمدة ساعة وعشرين دقيقة، في حين امتنع العديد من الديمقراطيين عن التصفيق إلا قليلاً.
والانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة ربما تكون الأهم والأبرز في تاريخها، على خلفية التنافس والصراع الحاد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي والارتباط بالهوية الحزبية التي كشفت عنها الجلسة التاريخية لعزل الرئيس الأمريكي ترمب.
ومن المرجح أن تعقد سلسلة الانتخابات التمهيدية الرئاسية والتجمعات الانتخابية الرئاسية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي 2020، حيث تعتبر عملية الترشيح أيضا انتخابات غير مباشرة إذ يدلي الناخبون بأصواتهم لاختيار مجموعة من المندوبين لمؤتمر ترشيح الحزب السياسي الذي سينتخب بعد ذلك بدوره مرشح حزبه للرئاسة.
ويسعى الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، الذي انتخب في عام 2016، لإعادة انتخابه لفترة ولاية ثانية، ومن المقرر أن ينصب الفائز بالانتخابات الرئاسية 2020 في 20 يناير 2021.
وهنا تجدر الإشارة إلى طبيعة العملية الانتخابية في الولايات المتحدة، حيث يعد نظام الانتخاب في أمريكا نظاما فريدا من نوعه؛ لأن كلمة الحسم ترجع للمجمع الانتخابي الذي يتكون من 538 مندوبا.
فحينما سيتوجه الناخب الأمريكي في الثالث من نوفمبر إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية، فإنه عمليا لا يختار رئيسه مباشرة، بل يمنح صوته أحد المندوبين في الولاية التي يصوت فيها، وذلك لأن نظام انتخابات الرئاسة الأمريكية يعتمد على ما يسمى بالمجمع الانتخابي .
ولدخول البيت الأبيض يحتاج المرشحان للرئاسة الأمريكية إلى 270 صوتا – أي النصف زائد واحد – على الأقل من مجمل أصوات أعضاء “المجمع الانتخابي” أي ما يوازي عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي. ولكل ولاية أمريكية عدد معين من الأصوات داخل هذا المجمع بحسب عدد سكانها وعدد النواب الذين يمثلونها في الكونجرس الأمريكي.
ويُشار هنا إلى أن ولاية كاليفورنيا، أكبر الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان، لها 55 صوتا في المجمع، في حين تبلغ عدد أصوات فلوريدا 27 صوتا بينما تملك ولاية كارولينا الشمالية ثلاثة أصوات فقط، وفي المقابل لا تحتسب أصوات الناخبين المقيمين في العاصمة الأمريكية واشنطن.
ويشير مراقبون إلى أن فرص وحظوظ ترمب في انتخابات 2020 تحكمها عدة اعتبارات، الأول: مدى التغيير في التركيبة السكانية لكل ولاية من الولايات الأمريكية وتركيبتها الثقافية والاجتماعية، والعرقية ومدى قناعات السكان بواقعية البرنامج الانتخابي لترمب من عدمه.
والثاني: المؤثرات الاقتصادية وقدرة المرشح على الوصول للناخب الأمريكي إعلامياً أو في الجولات الميدانية عبر الولايات، ويتم ذلك من خلال المال السياسي، وهنا يكون للشركات والمصانع وأصحاب الأعمال دور كبير في التأثير، رغم أن الدستور الأمريكي وضع حدوداً مالية للدعاية الانتخابية.
أما الاعتبار الثالث: يتعلق بقناعات الناخب الأمريكي بمصداقية مرشح حزبه في تبني قضاياه التي تؤمن مستقبله سواء المتعلق منها بالهجرة غير الشرعية، أو مستوى معيشته ومتطلبات الأمن الاجتماعي له.
أما الاعتبار الرابع فهو متعلق بقدرة ترمب على توظيف الجانب الاقتصادي خلال فترته الأولى، توظيفاً أمثل للدعاية للفترة الثانية وإبراز نجاحاته في هذا القطاع، حيث تشير تقارير صحفية أمريكية أنه في غضون ثلاث سنوات فقط، تم خلق سبعة ملايين فرصة عمل جديدة، بما في ذلك مليون فرصة في قطاعي التصنيع والبناء، وارتفعت الأجور بصفة خاصة، وتصاعدت بوتيرة أسرع بالنسبة للعمال متدنيي الأجور.
وفي الحاصل الأخير، فإن انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة في 3 نوفمبر 2020، سوف تجرى في ظل انقسام سياسي حاد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الأمر الذي ينعكس على حالة الناخب الأمريكي في اختياره ما بين ترامب أو غيره من مرشحي الحزب الديمقراطي.
وسيكون الرهان المستقبلي على الجانب الاقتصادي، خاصة بعد توقيع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” تشريعاً لإصلاح إطار المساعدات الأمريكية الخارجية، في خطوة حظيت بتأييد جميع القوى السياسة الأمريكية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وأيضاً المهتمين بقضايا التنمية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)