دخلت المملكة المتحدة إعتبارا من اليوم الأول من فبراير فصل جديد من مسيرتها الوطنية ببدء مرحلة إنتقالية بعد البريكست ، تتحدد خلالها العلاقة بين لندن والاتحاد الأوروبي علي ضوء الطلاق الذى تم بينهما رسميا الليلة الماضية ، وستستمر تلك الفترة حتى يوم 31 ديسمبر القادم قابلة للتمديد لمدة عام وأثنين على الأكثر.
وخلال تلك الفترة ، ستظل بريطانيا داخل الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، دون أن تكون ممثلة في مؤسساته السياسية ، وستستمر في دفع مستحقاتها المالية للاتحاد حتى نهاية المرحلة الانتقالية ، ومن جانبه سيقوم الاتحاد بتوزيع 27 مقعدا كانت مخصصة لبريطانيا في البرلمان الأوروبي من أصل 73 مقعدا على باقي الدول الأعضاء في التكتّل، فيما سيتم توزيع الـ46 مقعداً المتبقي على الدول التي ستنضم لاحقا للإتحاد.
وفيما يتعلق بأوضاع المواطنين ، فستبقى حقوق الإقامة الخاصة بالبريطانيين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 قائمة وفق إجراءات تقرّها كل دولة على حدة ، غير أنه لن يكون من حق البريطانيين الانتقال من دولة إلى أخرى للإقامة أو العمل بلا قيد أو شرط.
وفي المقابل، سيحتفظ مواطني دول الاتحاد المقيمين في بريطانيا منذ خمس سنوات أو أكثر، بحقهم في الإقامة على أن يسجلوا أسماءهم ضمن قوائم المقيمين بحلول يونيو القادم.
فجر يوم جديد وصف بأنه يوم الإستقلال ، سطع على البريطانيين وسط شعور مختلط و مشاعر ممزوجة من الفرح والحزن بين مؤيدى الانفصال ومعارضي الخروج من الإتحاد ، وغموض بشآن المستقبل الأقتصادى لبريطانيا وتساؤلات عديدة بشأن العلاقة بين لندن وبروكسل ، وهل سيدير رئيس وزراء بريطانيا ظهره للاتحاد أم سيحافظ على علاقات متوازنة معه في ظل شراكات اقتصادية قوية تلوح فو الأفق مع كل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وغيرهما من الدول.
بوريس جونسون الذى فرض نفسه كزعيم من نوع خاص في تاريخ المملكة المتحدة بقيادته ملف خروج بريطانيا من الاتحاد للنهاية بعد تعسر دام ثلاث سنوات ، لتكون بذلك بريطانيا هي أول دولة تغادر الاتحاد على مدار تاريخه ، طمأن البريطانيين ودعاهم للوحدة ، ووعدهم بكثير من التغييرات في مجالات عديدة، وبتوخي القرارات اللازمة والإجراءات المناسبة في مجال الصيد والتجارة والهجرة وغيرها.
وأكد جونسون في كلمة ألقاها الليلة الماضية للأمة البريطانية ، على أن الاتحاد الأوروبي لم يعد يتماشى مع أحلام البريطانيين الذين عبروا عن ذلك، وكان لابد من الانفصال ، معتبرا أن مستقبل بريطانيا سيكون أفضل بعد البريكست ، مضيفا “سننجح مهما كانت العقبات”.
ويتفق المراقبون على أن عملية الخروج لن تكون المحطة الأخيرة في قطار بريكست ، ولكنها ستدشن مرحلة معقدة من المفاوضات التي ستحدد أسس العلاقة بين الطرفين مستقبلا، وهو أمر ليس بالهين ، لاسيما في ظل قصر مدة المرحلة الانتقالية التي أكد المسئولون الأوروبيون أنها غير كافية لمناقشة كافة التفاصيل الخاصة بعلاقات الجانبين والتوصل إلى اتفاق مشترك، في الوقت الذي يصمم فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على عدم تمديد تلك مدة المرحلة والتمسك بانتهاءها في 31 ديسمبر 2020.
عقبات متوقعة في إنتظار كل من بروكسل ولندن بعد البريكست ، حيث سيخسر الاتحاد 51 في المائة من إقتصاده بسبب خروج بريطانيا منه ، فى حين سيكون الجنية الإسترلينى من أبرز المتضررين من حدث الانفصال، حيث سيعرف انخفاضا أمام العملات الأجنبية الأخرى ، يعظمه الديون السيادية للمملكة المتحدة التي تقدر ب 1.72 تريليون جنيه ما يمثل 90% من الناتج المحلي الإجمالي.
وسيعيد البريكست ملف إنفصال اسكتلندا عن بريطانيا للواجهة ، حيث يتمسك الأسكتلنديون بالشراكة الأوروبية ويخشون على مستقبل إقتصادهم، ويعتبرون الإستقلال عن بريطانيا هو الحل الوحيد للحفاظ على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي ، ويبدي غالبية الإسكتلنديين رغبتهم في البقاء فيه.
وعلى الرغم من معارضة 62 بالمائة للبريكسيت يرى الإسكتلنديون أنهم أصبحوا مجبرين على الخروج ، وكان قد سبق للحكومة الإسكتلندية أن أجرت الاستفتاء في عام 2014 بشأن استقلال الإقليم عن المملكة المتحدة، لكن التصويت أظهر أن معظم السكان قرروا البقاء تحت التاج البريطاني ، ورغم معارضة رئيس الوزراء بوريس جونسون، تريد رئيسة وزراء إسكتلندا إجراء استفتاء ثان يحدد مستقبل الإقليم، كما تسعى الحكومة مرة جديدة لحشد أكبر قدر من الأصوات للاستقلال عن بريطانيا.
المصدر: أ ش أ