يوم حاسم يترقبه العالم أجمع غدا الجمعة حيث تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسميا بعد 47 عاما من الارتباط، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخها كدولة مستقلة خارج الكتلة الأوروبية، وتصبح جارة للتكتل الموحد.
ومن المقرر أن يصوت المجلس الأوروبي، اليوم الخميس، على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما يعرف بـ “بريكست” بعد أن أقره البرلمان الأوروبي بشكل نهائي أمس، وهو الإجراء الأخير قبل وقوع الانفصال رسميا.
وينص اتفاق “بريكست” على مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي في 31 يناير الجاري، لتبدأ بعد ذلك فترة انتقالية يجري خلالها الطرفان مفاوضات تحدد إطار العلاقات المستقبلية بين الجانبين والذي يتضمن كافة الجوانب المنظمة للعلاقة بدءا من الخدمات المالية، وقواعد المنشأ، وصولا إلى التعريفات الجمركية وقواعد المساعدات الحكومية والصيد.. وخلال هذه الفترة الانتقالية -التي تستمر 11 شهرا- ستظل بريطانيا داخل الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، دون أن تكون ممثلة في المؤسسات السياسية للاتحاد.
وستستمر (لندن) في دفع مستحقاتها المالية للاتحاد الأوروبي حتى نهاية المرحلة الانتقالية، كما سيتم توزيع 27 مقعدا من أصل 73 مقعداً، كانت مخصصة لبريطانيا في البرلمان الأوروبي سيتم توزيعها على باقي الدول الأعضاء في التكتّل، بينما سيتم توزيع الـ46 مقعداً المتبقين على الدول التي ستنضم مستقبلا للاتحاد الأوروبي.
أما فيما يتعلق بأوضاع المواطنين، فستبقى حقوق الإقامة الخاصة بالبريطانيين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي الـ27 قائمة وفق إجراءات تقرّها كل دولة على حدة، غير أنه لن يكون من حق البريطانيين الانتقال من دولة إلى أخرى للإقامة أو العمل بلا قيد أو شرط. وفي المقابل، سيحتفظ مواطنو دول الاتحاد المقيمين في بريطانيا منذ خمس سنوات أو أكثر، بحقهم في الإقامة على أن يسجلوا أسماءهم ضمن قوائم المقيمين بحلول يونيو المقبل.
وستكون بريطانيا هي أول دولة تغادر الاتحاد الأوروبي على مدار تاريخه، ليفقد بذلك الاتحاد واحدة من أقوى وأغنى دول التكتل، وينخفض عدد أعضائه إلى 27.. ويأتي الانفصال بعد ثلاث سنوات من الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار الذي شهدته بريطانيا في أعقاب الاستفتاء المصيري في يونيو 2016، والذي صوت فيه 52% من البريطانيين لصالح خروج بلادهم من التكتل الأوروبي.
ويتفق المراقبون على أن عملية الخروج لن تكون المحطة الأخيرة في قطار “بريكست” المتعثر، ولكنها ستدشن مرحلة معقدة من المفاوضات التي ستحدد أسس العلاقة بين الطرفين مستقبلا، وهو أمر ليس بالهين لاسيما في ظل قصر مدة المرحلة الانتقالية التي أكد المسئولون الأوروبيون أنها غير كافية لمناقشة كافة التفاصيل الخاصة بعلاقات الجانبين والتوصل إلى اتفاق مشترك، في الوقت الذي يصمم فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على عدم تمديد تلك مدة المرحلة والتمسك بانتهائها في 31 ديسمبر 2020.
ويحذر المراقبون من أن عدم الوصول إلى اتفاق خلال الفترة المحددة من شأنه الإضرار بالمصالح الاقتصادية للطرفين، حيث أنه سيكون له تداعيات غير معروفة على أسواق المال والنمو الاقتصادي، ويتوقع هذا الفريق تراجع حرية تبادل السلع والخدمات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي للمرة الأولى منذ عقود، وهذا ما سيفرض تحديات صعبة على الأنشطة الصناعية والتجارية التي ستحاول التكيف مع الواقع الجديد.
في ضوء المشهد السابق، يمكن القول أن بريطانيا مقبلة غدا على مرحلة فاصلة في تاريخها تسدل فيه الستار على سنوات طويلة من الارتباط بالكتلة الأوروبية لتصبح بعد 31 يناير دولة مستقلة عن أقرب جيرانها وشركائها التجاريين لتبدأ حلقة جديدة من حلقات “بريكست” تحدد خلالها مصير علاقتها المستقبلية مع هؤلاء الشركاء الأوروبيين.
المصدر : أ ش أ