قبل حوالي العام انطلقت شرارة العمل في مصنع يطل على ميناء “دوراليه” المتعدد الأغراض بالقرب من ميناء جيبوتي، وعبر أنابيب تمتد من رصيف الميناء بطول 4ر3 كيلومتر
إلى المصنع، شرعت أولى شحنات الزيوت السائلة تعرف طريقها إلى محطة تكرير الزيت وتعبئته لتزيح الستار عن تجربة استثمارية صناعية فريدة وناجحة بأياد يمنية وأفريقية
استهدفت توطين صناعة “زيت النخيل” وتكريره وتعبئته في جمهورية جيبوتي.
وتحت مسمى “أفريقيا الذهبية”، أسس رجل الأعمال اليمني فؤاد هائل سعيد شركته لتنقية زيت النخيل وتعبئته لتصبح أولى لبنات الأنشطة الصناعية في جيبوتي، وهو المشروع
الذي يطمح في الانتشار بشرق القارة الأفريقية، ولاسيما إثيوبيا التي استقبلت أولى الشاحنات المحملة بزيت النخيل المصدر من الشركة.
وبدأت الاستثمارات في الشركة، التي يترأسها المستثمر اليمني هائل، وهو القنصل الشرفي لدولة جيبوتي في ماليزيا، بما يزيد على 30 مليون دولار لتشييد محطة تكرير زيت الطعام،
وهي الأكبر على الإطلاق في جيبوتي ويعمل بها 500 عامل، ويتوقع أن تصل قدرتها الإنتاجية ما بين 8 إلى 9 آلاف طن من زيوت الطعام شهريا، والتي تضخ إليه عبر أنبوب الميناء
الذي يستقبل زيت النخيل الخام من ماليزيا، التي تنتج 85% من زيت النخيل عالميا.
وتشير تفاصيل التجربة اليمنية الأفريقية إلى أن “أفريقيا الذهبية” تمكنت في غضون عام واحد من الاستحواذ على 20% من سوق زيت النخيل في إثيوبيا.
ويقول متابعون “إنه بلا شك أن العلاقات القنصلية للمستثمر بكبار المسؤولين في المجتمع اليمني سهلت إنشاء الشركة في جيبوتي”.. كما أن هناك استثمارات متوقعة بواقع 5 ملايين
دولار من فرع مؤسسة “باسيفيك إنتر لينك” التجارية الماليزية، لتركيب معدات جديدة تسهم في زيادة إنتاج الشركة إلى 5ر13 ألف طن شهريا، كما أنها تخطط أيضا لإقامة مصنع
لإنتاج الصابون.
وقال نائب المدير الإداري لشركة “أفريقيا الذهبية” عدنان حنتوش “إن مصنعنا هو الأكبر في البلاد، لكنه صغير إذا قيس بقدرات المنطقة ككل.. موضحا أن مصنع جيبوتي يعد فرعا
لمجموعة “هائل سعيد أنعم” HSA العملاقة التي تنتشر في جنوب شرق آسيا، ويعمل بها أكثر من 35 ألف موظف باستثمارات تصل إلى عدة مليارات من الدولارات، وهي تعد واحدة
من كبرى الشركات المنتجة والمعبئة لزيت النخيل في العالم”.
ويشير مسؤول الشركة في جيبوتي إلى أنه من المستهدف الوصول بإنتاج الشركة إلى 21 ألف طن شهريا من زيت النخيل على المدى المتوسط، مؤكدا أن ذلك المستوى غير كاف
لمقابلة الطلب الإثيوبي الذي يصل إلى 50 ألف طن شهرياً، وما بين 6 و8 آلاف طن شهريا في الصومال وإريتريا.
وبين أن شركته ترضى بالنتائج التي حققتها لوضع قدمها في سوق قوامه 109 ملايين مواطن نصيبه من استهلاك زيت النخيل لا يتجاوز 4ر5 كيلو جرام سنويا (مقارنة بالمتوسط
العالمي البالغ 25 كيلو جراما)، وهي منطقة شهدت ارتفاعا حادا لواردات زيت النخيل القادم من ماليزيا من 76 ألف طن في عام 2014 ليصل إلى 149 ألف طن في عام 2017.
ومن واقع الإحصاءات، تبدو إثيوبيا هدفا أوليا لصناعة زيت النخيل الماليزية التي تسعى إلى فتح أسواق جديدة أمامها، ولاسيما بعد أن علقت الهند، كمستورد مهم ورئيسي، استيراد
زيت النخيل الماليزي في أعقاب إصدار كوالالمبور بيانا يرفض فيه ممارسات الهند في إقليم جامو كشمير.. وفي الوقت نفسه، تتصاعد فيه الحملات المناهضة لاستهلاك زيت النخيل
في أرجاء متفرقة من العالم.
وحيث أن إثيوبيا تستورد 90% من احتياجاتها من زيت النخيل من الخارج، فإن إنشاء أول مصنع تنقية زيت النخيل يمثل فرصة مهمة، فالحكومة الإثيوبية تنفق 500 مليون دولار
سنويا على الواردات، في وقت تعاني فيه نقصا في النقد الأجنبي.
ويقول محللون “إن أديس أبابا باستيرادها من جيبوتي فإنها لا تواجه إشكالاً يتعلق بالنقد الأجنبي، ما دامت مجموعة (HSA) تسيطر على سلسلة التجارة، فإنها تسيطر على الأسعار
التي قد تبدو تنافسية في تلك الحالة”.. وتقدر السلطات الإثيوبية، التي تشجع على زيادة الإنتاج المحلي، أن عملية التكرير والتنقية عن الاستلام قد توفر 80 مليون دولار سنويا.
المصدر : أ ش أ