بعد تكليفه تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة واستكمال الاستشارات النيابية، بدأ الدكتور حسان دياب مهمة صعبة لتشكيل حكومة تلاقي تطلعات ومطالب الحراك الشعبي
المتواصل منذ أكثر من شهرين، وتتجاوز عقبات القوى السياسية المتنافرة التي تحاول ركوب موجة الحراك الشعبي من خلال وضع شروط محددة لشكل الحكومة
الجديدة، إذ تسعى هذه القوى للظهور بمظهر تأييد مطالب الناس خصوصاً لجهة محاربة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، ووضع سياسة اقتصادية ونقدية تنقذ
لبنان من أزمته الخانقة، ووضع قانون انتخابي جديد عابر للطوائف يمهد لانتخابات نيابية مبكرة، وإلغاء الطائفية السياسية والمحاصصة، مع العلم أن كل هذه القوى
كانت شريكة في حالة الانهيار الحالية، وفي ترسيخ حالة الفساد وتعميمه، من خلال تقاسم «جبنة» الحكم والمنافع في ما بينها.
يقول دياب إنه سيعمل على تشكيل حكومة مستقلة من الاختصاصيين، وإنه سيعمل على مشاركة ممثلين عن الحراك الشعبي فيها، وإن لديه خطة إنقاذية لإخراج
لبنان من أزمته الحالية.
لكن مشكلة دياب أنه يواجه شارعاً يرى في تكليفه تجاوزاً لعرف التمثيل الشعبي باعتباره لا ينتمي إلى كتلة سياسية تحظى بتأييد الشارع من طائفته، فهو رجل
أكاديمي مستقل ولا ينتمي لأي من القوى السياسية الحالية التي ترتكز في وجودها إلى الطائفية، بحيث يمكن تحريك غرائزها الطائفية أو المذهبية عند اللزوم، كما
نشهد حالياً في بعض شوارع بيروت ومناطق لبنانية أخرى.
وإذا كان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري يمثل الكتلة الأكبر في طائفته، فإنه أعلن عزوفه عن المضي في ترشيح نفسه، لأسباب لها علاقة بتحالفاته
مع قوى قررت فجأة التخلي عن تأييده، ما أثار غضب الشارع المؤيد له، إلا أن رئيس الحكومة المكلف حسان دياب وجد نفسه فجأة أمام شارع لا يؤيده، ويطالب
بعودة الحريري الذي لا يريد العودة.
هذا الأمر وضع دياب أمام موقف صعب، فهو من جهة متحمس للمنصب ويحظى بتأييد قوى سياسية منحته 69 صوتاً في استشارات التكليف، ووعد بالسعي لتشكيل
حكومة إنقاذ يحتاج اليها لبنان وتلبي مطالب الحراك الشعبي، وهو من جهة ثانية يواجه موقفاً رافضاً له من داخل قطاع واسع من طائفته.
ومع ذلك قبل دياب التحدي وقرر المضي قدماً في مهمة تشكيل الحكومة الجديدة متجاوزاً كل العقبات، على أمل أن يتمكن من ذلك في أقرب وقت ممكن، باعتبار أن
الوضع اللبناني بات في «غرفة العناية الفائقة» ولا مجال للتأخير أو المماطلة، لأن الحراك الشعبي لن يتوقف، وقد يتصاعد إذا لم تحقق الحكومة المتوخاة مطالبه
وفق الشروط التي وضعها. وحتى لو تم تشكيل الحكومة فإن الحراك سوف يتواصل كي يكون رقيباً على أداء الحكومة للوفاء بالتزاماتها.
لكن ذلك رهن بقدرة دياب على تجاوز العقبات التي تواجهه وهي كثيرة.
المصدر: وكالات انباء