يحيي العالم اليوم “اليوم الدولي للأشخاص متحدى الإعاقة”، حيث يأتي الاحتفال هذا العام 2019 تحت شعار “أهمية تعزيز مشاركة الأشخاص متحدى الإعاقة وقيادتهم واتخاذ إجراءات بشأن خطة التنمية لعام 2030″، ويركز على تمكين الأشخاص متحدى الإعاقة من أجل التنمية الشاملة المنصفة والمستدامة كما هو متوقع في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تتعهد “بعدم ترك أي شخص خلف الركب” باعتبار أن الإعاقة من القضايا الشاملة التي يتعين النظر فيها عند تنفيذ أهداف التنمية المستدامة ال(17).
وتتناول أجزاء مختلفة من أهداف التنمية المستدامة قضية الإعاقة وتحديدا في الأجزاء المتعلقة بالتعليم والنمو والتوظيف وعدم المساواة وإمكانية تسهيل الوصول للتجمعات السكانية، فضلا عن جمع البيانات ورصد أهداف التنمية المستدامة. ويعيش أكثر من مليار شخص، أو ما يقرب من 15 % من نسبة سكان العالم التي تقدر بـ 7 مليارات نسمة، مع شكل من أشكال الإعاقة. وتتواجد نسبة 80 % منهم في البلدان النامية.
وكان قد أعلن الاحتفال باليوم الدولي للأشخاص متحدى الإعاقة عام 1992 بموجب قرار الجمعية العامة 3/47، ويراد من هذا اليوم تعزيز حقوق الأشخاص متحدى الإعاقة ورفاههم في جميع المجالات الاجتماعية والتنموية ولإذكاء الوعي بحال الأشخاص متحدى الإعاقة في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وقد أشار أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته، إلى أنه بضماننا حقوق الأشخاص متحدى الإعاقة نقترب أكثر من وفائنا بالوعد المركزي من خطة عام 2030 ألا وهو عدم ترك أحد خلف الركب.
وفي حين ما زال أمامنا شوط بعيد للوصول إلى ما نصبو إليه، شاهدنا إحراز تقدم مهم في إقامة عالم يحتضن الجميع. فالدول الأعضاء في الأمم المتحدة بجميعها تقريبا قد صادقت على اتفاقية حقوق الأشخاص متحدى الإعاقة، وأحث الدول التي لم تصادق عليها أن تبادر إلى ذلك دون إبطاء.
وأضاف جوتيريش أنه ولأول مرة كذلك، اتخذ مجلس الأمن أول قرار له مكرس لحماية الأشخاص متحدى الإعاقة في حالات النزاع المسلح. فنحن إذن مصممون على أن نكون قدوة حسنة في هذا الصدد.
وأكد جوتيريش أنه بمناسبة هذا اليوم الدولي أؤكد من جديد التزام الأمم المتحدة بالعمل مع الأشخاص متحدى الإعاقة لبناء مستقبل مستدام وشامل وتحويلي يستطيع فيه الجميع تحقيق إمكاناتهم، بمن في ذلك النساء والرجال والفتيات والفتيان متحدو الإعاقة.
والإعاقة هي حالة أو وظيفة يحكم عليها بأنها أقل قدرة قياسا بالمعيار المستخدم لقياس مثيلاتها في نفس المجموعة. ويستخدم المصطلح عادة في الإشارة إلى الأداء الفردي، بما في ذلك العجز البدني، والعجز الحسي، وضعف الإدراك، والقصور الفكري، والمرض العقلي وأنواع عديدة من الأمراض المزمنة.
ويصف بعض الأشخاص متحدى الإعاقة هذا المصطلح باعتباره مرتبط بالنموذج الطبي للإعاقة.
ومتحدو الإعاقة أقل حظا من غيرهم فيما يخص الحالة الصحية والإنجازات التعليمية والفرص الاقتصادية، كما أنهم أكثر فقرا مقارنة بغيرهم. وهناك أسباب عدة لذلك منها، أساسا، نقص الخدمات المتاحة لهم والعقبات الكثيرة التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
وأشار تقرير الأمم المتحدة الصادر عن الإعاقة والتنمية لعام 2018، حيث يعاني مليار شخص أو 15% من سكان العالم من بعض أشكال الإعاقة، وتزداد الإعاقة انتشارا في البلدان النامية.
ويتعرض خمس الإجمالي العالمي، أو ما بين 110 ملايين (2.2%) و190 مليون شخص (3.8%) بالغ من العمر 15 عاما أو أكثر يعانون من صعوبات جسيمة في أداء الوظائف.
ويزيد احتمال أن يعاني المعوقون نواتج اجتماعية واقتصادية مناوئة أكبر من التي يعانيها الأفراد غير متحدى الإعاقة، مثل التعليم الأقل والنواتج الصحية الأسوأ وقلة فرص العمل وارتفاع معدلات الفقر.
وتتمثل العقبات التي تحول دون الدمج الاجتماعي والاقتصادي الكامل للأشخاص متحدى الإعاقات في البيئات المادية ووسائل المواصلات غير الميسرة، وعدم توافر الأجهزة والتقنيات المساعدة، ووسائل الاتصال غير المواءمة لاستخدامهم، والفجوات في تقديم الخدمات، والتحيز التمييزي والوصم من جانب المجتمع.
وقد يؤدي الفقر إلى زيادة خطر الإعاقة من خلال سوء التغذية وضعف إمكانية الحصول على التعليم والرعاية الصحية، والعمل في أوضاع غير آمنة وبيئة ملوثة، ونقص مياه الشرب المأمونة والصرف الصحي.
وربما زادت الإعاقة من خطر الفقر بما في ذلك عن طريق نقص فرص العمل والتعليم وضعف الأجور وزيادة تكلفة المعيشة مع الإعاقة.
ويشهد العالم حاليا تزايد مستوى الوعي بالتنمية المراعية لمتحدى الإعاقة.
وتشجع اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بحقوق متحدى الاعاقة ، اندماجهم الكامل في مجتمعاتهم. وتشير الاتفاقية، على نحو خاص، إلى أهمية التنمية الدولية في التعامل مع حقوق متحدى الاعاقة .
وحتى اليوم، وقع 177 بلدا على هذه الاتفاقية، وأصبحت بذلك تحمل قوة القانون الملزم. وفي السنوات الأخيرة، وضع عدد متزايد من المانحين الثنائيين سياسات تتعلق بالإعاقة للاسترشاد بها فيما يقدمونه من معونات دولية. وعلى المستوى الوطني أيضا، ارتفع عدد القوانين والأحكام الدستورية المكافحة للتمييز ضد المعوقين ارتفاعا كبيرا. وتنص خطة التنمية المستدامة لعام 2030، صراحة على أنه لا يجوز أن تكون الإعاقة سببا أو مبررا لعدم القدرة على الاستفادة من برامج التنمية أو التمتع بحقوق الإنسان.
وتتضمن أهداف التنمية المستدامة سبع غايات، تتناول بشكل صريح الأشخاص لمتحدى الإعاقات، وست غايات أخرى عن الأشخاص الذين يعانون من الضعف والمعاناة، ومن هؤلاء الأشخاص المصابون بإعاقات.
كما تتناول أهداف التنمية المستدامة مجالات التنمية الأساسية كالتعليم، والتشغيل والعمل اللائق، والحماية الاجتماعية، والقدرة على مواجهة الكوارث والتخفيف من آثارها، والصرف الصحي، والنقل، وعدم التمييز- وكلها من مجالات العمل المهمة لدى البنك الدولي.
ويلتزم جدول الأعمال الجديد للمدن على وجه التحديد بتعزيز التدابير التي من شأنها أن توفر تكافؤ فرص الوصول إلى الأماكن العامة، والمرافق، والتكنولوجيا، والأنظمة، والخدمات، لمتحدى الاعاقة في المناطق الحضرية والريفية.
وكشف تقرير الإعاقة والتنمية، أن الأشخاص متحدى الإعاقات يكونوا أكثر عرضة لعدم التوظيف مقارنة بالأشخاص غير المعاقين.
ففي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يرتفع متوسط توظيف الأشخاص متحدى الإعاقة (44%) قليلا عن نصف متوسط توظيف الأشخاص من غير ذوي الإعاقات (75%). وغالبا ما لا يحصل الأشخاص متحدى الاعاقة على الرعاية الصحية اللازمة.
وأن نصف الأشخاص متحدى الاعاقة لا يمكنهم توفير تكاليف الرعاية الصحية، مقارنة بثلث الأشخاص من غير المعاقين.
والأشخاص متحدى الإعاقات تزيد لديهم احتمالية اكتشاف عدم كفاية مهارات موفري الرعاية الصحية أكثر من الضعف، ويحتمل بدرجة تقترب من ثلاثة أضعاف أن يحرموا من الرعاية الصحية وتزيد احتمالية إبلاغهم عن تلقيهم لمعاملة سيئة بمعدل أربعة أضعاف مقارنة بالأشخاص غير المعاقين.
ويكون الأطفال ذوي الإعاقات أقل احتمالية للذهاب للمدرسة مقارنةً بالأطفال من غير المعاقين. حيث توجد فجوات إكمال التعليم لدى جميع المجموعات العمرية في كافة البيئات، ولكن العينة تكون أكثر بروزا في الدول الأكثر فقرا. وحتى في الدول التي يذهب فيها معظم الأطفال غير المعاقين إلى المدرسة، لا يذهب العديد من الأطفال ذوي الإعاقات إلى المدرسة. فعلى سبيل المثال في بوليفيا تذهب نسبة 98% تقريبا من الأطفال غير المعاقين للمدرسة، ولكن أقل من 40% من الأطفال المعاقين يذهبون للمدرسة.
وفي إندونيسيا، يذهب إلى المدرسة أكثر من 80% من الأطفال غير المعاقين، ولكن أقل من 25% من الأطفال ذوي الإعاقات يذهبون إلى المدرسة. ويواجه الأشخاص ذوو الإعاقات زيادة الاعتماد على الآخرين ومحدودية المشاركة في مجتمعاتهم وحتى في الدول مرتفعة الدخل، تفتقر نسبة 20 – 40% من الأشخاص ذوي الإعاقات إلى المساعدة التي يحتاجون إليها للمشاركة في الأنشطة اليومية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، تعتمد نسبة 70% من البالغين ذوي الإعاقات على الأسرة والأصدقاء للحصول على مساعدة في الأنشطة اليومية.
وكانت مجموعة البنك الدولي والمشاركون الأخرون في القمة العالمية للإعاقة قد أعلنت عن مجموعة من 10 التزامات بتسريع وتيرة الجهود العالمية من أجل التنمية التي تراعي ذوي الإعاقة في مجالات رئيسية مثل التعليم، والتنمية الرقمية، وجمع البيانات، والمساواة بين الجنسين، وإعادة الإعمار بعد الكوارث، والنقل واستثمارات القطاع الخاص، والحماية الاجتماعية.
وقد أشارت “كريستالينا جورجيفا” المدير الإداري العام للبنك الدولي، إلى أنه آن أوان الاستماع إلى أصوات مليار شخص يعانون من الإعاقة في أنحاء العالم – إنهم شريحة قوية حقا لطالما عانت إمكانياتهم من الإهمال والتهميش. إن تكافؤ الفرص للجميع هو أساس تحقيق النمو الاقتصادي والحد من الفقر، واليوم فإننا نتعهد ببذل المزيد من الجهد وتحسين أدائنا لضمان أن تتاح لذوي الإعاقة فرص متكافئة للنجاح”.
ويقول التقرير العالمي عن الإعاقة الذي أصدره البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، إن هناك أكثر من مليار شخص – منهم ما يقدر بنحو 800 مليون في البلدان النامية – يعانون من شكل ما من أشكال الإعاقة. ويواجه ذوو الإعاقة الوصم بالعار، والتمييز في المعاملة، والحرمان من الحصول على الوظائف والخدمات، مثل التعليم، والرعاية الصحية، ولا يشارك ذوو الإعاقة بالقدر نفسه باستمرار في جني ثمار التنمية مقارنة بنظرائهم من غير المعاقين. وتقوم هذه الالتزامات على الجهود المتواصلة لمجموعة البنك الدولي لتلبية الاحتياجات الملحة لتسريع العمل على نطاق واسع من أجل تحقيق تنمية تراعي ذوي الإعاقة دعما لجدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030.
وتتضمَن الالتزامات العشرة ما يلي:
1- ضمان أن تراعي كل برامج ومشروعات التعليم التي يمولها البنك الدولي متحدى الإعاقة بحلول عام 2025.
2- ضمان أن تراعي كل مشروعات التنمية الرقمية التي يمولها البنك الدولي متحدى الإعاقة، بما في ذلك من خلال استخدام التصميم العام ومعايير التيسير لمتحدى الإعاقة.
3- توسيع نطاق جمع البيانات عن متحدى الإعاقة واستخدامها مع الاسترشاد بالمعايير العالمية وأفضل الممارسات، مثل استخدام لائحة الأسئلة المختصرة عن الإعاقة لمجموعة واشنطن.
4- تضمين مسح المرأة والأعمال والقانون أسئلة عن الإعاقة لتحسين فهم التمكين الاقتصادي للنساء متحديات الإعاقة.
5- ضمان أن كل المشروعات التي تمول منشآت عامة في عمليات إعادة الإعمار بعد الكوارث تراعي متحدى الإعاقة بحلول عام 2020.
6- ضمان أن كل مشروعات النقل والسكك الحديدية في المناطق الحضرية التي يمولها البنك الدولي وتساند خدمات النقل العام تراعي متحدى الإعاقة بحلول عام 2025.
7- ضمان تحري العناية الواجبة بشأن مشروعات القطاع الخاص التي تمولها مؤسسة التمويل الدولية فيما يتعلق بدمج متحدى الإعاقة.
8- ضمان أن 75 % من مشروعات الحماية الاجتماعية التي يمولها البنك الدولي تراعي متحدى الإعاقة بحلول عام 2025.
9- زيادة عدد الموظفين متحدى الإعاقة في مجموعة البنك الدولي.
10- تعزيز إطار دمج متحدى الإعاقة والمساءلة فيما بين موظفي البنك الدولي كوسيلة لمساندة إطار العمل البيئي والاجتماعي الجديد لمجموعة البنك الدولي.
وفيما يتعلق بمشروعات البنك الدولي، ستساعد هذه الالتزامات إلى جانب إطار العمل البيئي والاجتماعي الجديد الذي يتضمن بنودا قوية لحماية مصالح متحدى الإعاقة في المجتمعات المتأثرة بالمشروع، على تعزيز الفرص الإنمائية وتعود بالنفع على الجميع.
وخلال الأعوام الخمسة الماضية، عزز البنك الدولي بدرجة كبيرة عمله المتعلق بالتنمية المراعية لمتحدى الإعاقة في العديد من القطاعات، مثل الهشاشة والصراع، والتعليم، والحماية الاجتماعية، والنقل، والمياه.
فعلى سبيل المثال:
- قام البنك الدولي بجهد رائد في مشروعات التسريح وإعادة الدمج لمساندة المقاتلين السابقين متحدى الإعاقة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا، وجنوب السودان وبوروندي. وكمثال على ذلك، في رواندا، ساند البنك الدولي تيسير سبل الحركة في الوحدات السكنية للمقاتلين السابقين متحدى ذوي الإعاقة، وقدم بعض المساندة لتحقيق الدخل إلى أكثر من 2800 مقاتل سابق ذوي إعاقة ومن ذلك التدريب على اكتساب المهارات وخدمات الدعم والنقل وإنشاء الجمعيات التعاونية.
- قدم البنك الدولي مساعدات مالية ومعرفية إلى برنامج التعليم للجميع في الهند الذي دمج 2.7 مليون طفل من متحدى الإعاقة في المدارس العامة.
- في فلسطين، ساند البنك الدولي تقديم خدمات اجتماعية للأشخاص متحدى الإعاقة وأسرهم، في مناطق لا يمكن للسلطة الوطنية الفلسطينية الوصول إليها، وكذلك قروضا متناهية الصغر وتنمية المهارات للبالغين متحدى الإعاقة والنساء والأطفال متحدى الإعاقة.
المصدر : أ ش أ