وصف الرئيس الامريكي باراك اوباما الخميس متحف 11 سبتمبر بانه موقع “للشفاء والامل”، ذلك اثناء حفل تدشين هذه المؤسسة التي اقيمت في المكان الذي استهدفته اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في نيويورك.
وقال اوباما في كلمة مقتضبة “اود ان اعبر عن عميق امتناني لكم جميعا انتم الذين عملتم في هذا المشروع العظيم لانكم اوصلتمونا الى هذا اليوم، لانكم قدمتم هذا المكان المقدس للشفاء والامل”.
واضاف اوباما الذي حضر الاحتفال مع زوجته ميشيل “انه لشرف لنا ان نرافقكم في ذكرياتكم وان نتذكر ونكرم (الضحايا)، لكن قبل اي شيء، ان نستذكر الروح الحقيقية لذكرى 11 سبتمبر وهي الحب والتعاطف والتضحية، وان ندخلها الى الابد في قلب البلد”.
وقال اوباما ايضا “هنا، نروي تاريخهم لكي لا تنسى الاجيال المقبلة على الاطلاق”. واضاف “لا شيء يمكن ان يحطمنا. لا شيء يمكن ان يغير ما نحن الاميركيون عليه”.
يقع المتحف المؤلف من سبعة طوابق تحت الارض تبلغ مساحتها 10210 امتار مربعة، بين حوضي النصب التذكاري الذي افتتح في 11 سبتمبر 2011 في موقع الهجمات في جنوب مانهاتن والذي زاره منذ ذلك الحين اكثر من 12 مليون شخص.
ولا يمكن رؤية سوى طابق واحد من المتحف من الخارج ويبدو متواضعا مقارنة مع ناطحات السحاب التي تحيط به.
ويمكن للزوار ان يسيروا في المكان الذي كان يوما من الايام موقعا للبرجين، والقيام برحلة مؤثرة تعيد الى الذاكرة الماساة التي لن تنساها مدينة نيويورك مطلقا، وغيرت الحياة في الولايات المتحدة بعد ان تسببت في اطلاق الحرب على الارهاب.
ومن اعلى الطوابق السبعة المقامة تحت الارض، يمكن للزوار النظر الى الداخل ومشاهدة قطع ضخمة من جدار بني لحماية المبنى من فيضانات نهر هدسون.
وفي بداية المعروضات خارطة تفصل مسار الطائرات المخطوفة التي نفذت المهمة الانتحارية في ذلك اليوم المشؤوم قبل نحو 13 عاما.
وتظهر صورة للبرجين سماء زرقاء صافية قبل الهجمات، بينما تسمع اصوات من غرفة قاتمة تعبر عن الصدمة والرعب. وبعد ذلك تقود الطريق الزوار تدريجيا الى الداخل.
ويظهر عمود حديدي ضخم هو اخر ما تم انتشاله من موقع الهجمات في مايو 2002، اضافة الى ادراج من شارع مجاور استخدمه المئات من الناس للفرار من موقع الماساة.
ويستغرق الوصول الى قاع المتحف وقتا طويلا، ويضم معروضات وقاعة ضخمة تظهر اثار اسس احد البرجين.
يقول كارل كيربس احد مهندسي المشروع “ياتي الزوار حاملين ذكرياتهم، واردنا ان يكون الامر تدريجيا”.
ويسعى المتحف لان يروي قصة صعبة للغاية، وفي الوقت نفسه تكريم نحو ثلاثة الاف شخص قتلوا في الهجمات. كما انه يسعى الى توعية اجيال المستقبل بما حدث.
والمعرض الاول “في ذكراهم”، مخصص لتكريم 2977 شخصا فقدوا حياتهم في هجمات 11 سبتمبر، اضافة الى ستة ضحايا تفجيرات سابقة لمركز التجارة العالمي عام 1993.
اما المعرض الثاني “التاريخ” فانه يغوص اعمق في الهجمات ويحلل خلفيتها ويتفحص تبعاتها التي لا تزال ماثلة حتى اليوم. ويضم المعرض الذي يدرج الاحداث بحسب ترتيبها الزمني، العديد من الصور للبرجين وهما مشتعلان، وسكان نيويورك وقد اصابتهم الصدمة، ولقطات فيديو من التغطية التلفزيونية الاخبارية، اضافة الى عناوين الصحف.
ويستطيع الزوار، الذين يحظر عليهم التقاط الصور، سماع تسجيلات لاخر رسائل هاتفية من ضحايا البرجين الذين علقوا في المبنيين الى عائلاتهم.
كما سيتمكن الزوار من الاستماع الى تسجيلات صوتية تجعلهم يعيشون اللحظات الاخيرة لركاب الطائرة التي تحطمت في حقل في بنسلفانيا.
ووردت 37 مكالمة من الطائرة قبل تحطمها.
ويسمع صوت مضيفة الطيران سيسي روس-ليلز تقول في مكالمة لزوجها “حبيبي، اسمعني جيدا. الطائرة خطفت. اخبر اطفالي انني احبهم كثيرا”.
اما عربة الاطفاء ذات السلم الملتوي فانها تذكر بتضحيات 343 اطفائيا قتلوا في الحريق والحطام الذي رافق انهيار البرجين.
وتنتهي الزيارة في غرفة يروي فيها مذيع شبكة ان بي سي بريان وليامز قصة “ظهور تنظيم القاعدة” في شريط مدته سبع دقائق. وقد اثار هذا الشريط انتقادات وسط مخاوف من ان يدفع زوار المتحف الى الربط بين القاعدة والاسلام بشكل عام.
الا ان رئيس المتحف رئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبرج رفض تلك الانتقادات، واشاد بالمتحف مؤكدا انه “سيبقي على روح الوحدة حية، اكثر من اي كتاب تاريخ”.
وبرر بلومبرج رسم الدخول الى المتحف البالغ 24 دولارا مؤكدا ان المتحف لا يستفيد من الاموال الفدرالية. وقدر كلفة تشغيله بنحو 60 مليون دولار سنويا.
وثار جدل ايضا حول نقل 7930 رفات لضحايا لم يتم التعرف اليهم بعد ان تعذر ربط 40 بالمئة من الضحايا باي من عينات الحمض الريبي النووي التي قدمتها العائلات، الى مرقد عند اسفل المتحف. فقد رأت اقلية من العائلات في ذلك “اهانة” بل احيانا “تدنيسا” معتبرة ان هذه الرفات مكانها ليس في متحف.
وشددت متحدثة باسم الطبيب الشرعي على ان المرقد الذي اقيم خلف جدار حفر عليه قول للشاعر الروماني فيرجيل حول واجب الذاكرة “ليس جزءا من المتحف” ولن يفتح للجمهور.
وفي 11 سبتمبر 2001 استهدفت هجمات منسقة نفذها 19 من اعضاء تنظيم القاعدة الولايات المتحدة فصدموا بطائرتي ركاب خطفوهما برجي مركز التجارة العالمي فيما اسقطوا طائرة ثالثة على مجمع البنتاجون في واشنطن، وتحطمت طائرة رابعة في حقل في بنسلفانيا (شرق) بعدما هاجم ركابها الخاطفين.
المصدر: الفرنسية (أ ف ب )