التغير المتناخي في العالم له أوجه عديدة ولكن يختلف الأمر عندما تصبح الأضرار الصادمة والمؤكدة لتغير المناخ الناتجة عن تناقص مساحات ما يعرف بالأراضي الرطبة في منطقة البحر المتوسط قد اتخذت شكلا أسرع وأعنف بكثير من بقية المناطق في العالم، مما سينتج عنه تداعيات إجتماعية واقتصادية وبيئية خطيرة علي ملايين الناس في المنطقة بشكل خاص.
وقد نظم مركز التعاون المتوسطي التابع للاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومؤسسة البحر والساحل المتوسطي “ميدسي” ومبادرة الأراضي الرطبة “ميد ويت”, جولة صحفية بمنطقة كالياري في إيطاليا لصحفيين تابعين لدول حوض البحر المتوسط للتعريف والتوعية بأهمية الأراضى الرطبة للبشرية وكوكب الأرض وخاصة في منطقة البحر المتوسط وتأثيرات تناقصها على تغيرات المناخ.
وأوضح الخبراء والمتخصصون أن التقديرات متباينة بصورة عامة وفقا للسيناريوهات المتوقعة في منطقة البحر المتوسط حسب تقديرات “مجموعة خبراء المتوسط بشأن البيئة وتغير المناخ (MedECC)” التي عرضت نتائج صادمة ومؤكدة بشأن منطقة البحر المتوسط، وهي تعكس صورة حية للوضع الحرج للهواء والمياه العذبة والبحر سيكون لها تداعيات جمة فيما يتعلق بأزمة تغير المناخ.
فبالنسبةللهواء، قال الخبراء إن متوسط ارتفاع درجة الحرارة بالمنطقة منذ مرحلة ما قبل عصر الصناعة يبلغ 1.5 درجة مقابل المتوسط العالمي وهو 1.1 درجة، مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار ٢.٢ درجة مئوية عام 2040 مقابل المتوسط العالمي وهو 1.5 درجة، و 3.8 درجة عام ٢١٠٠ مقابل المتوسط العالمي وهو درجتين فقط، وستتزايد معدات حدوث موجات ارتفاع الحرارة وقوتها ومداها الزمني، مع تزايد مساحات المناطق الصحراوية في اسبانيا والبرتغال والمغرب وتونس وصقلية وتركيا وسوريا.
اما بالنسبة للمياه العذبة، فسيتناقص هطول الأمطار بنسبة ما بين 15 و 30 في المائة عبر المنطقة عام 2100، وسيزيد معدل هطول الأمطار الغزيرة ما بين 10 إلي 20 في المائة عادة في فصل الصيف، مع تزايد مخاطر الفيضانات بنسبة 50 في المائة عام 2100، وارتفاع مخاطر التعرية بنسبة 13 في المائة، وستتناقص إمدادات الماء العذب ما بين 2 و 15 في المائة، وستواجه شعوب منطقة المتوسط ضغوطا قوية في مجال المياه تؤثر على 180 مليون نسمة، بما يتعدي ثلث عدد السكان في المنطقة، ومن المتوفع ان يصل هذا الرقم عام 2040 الى 250 مليون نسمة.
وبالنسبة لحالة البحر، فإن درجة حرارة البحر المتوسط ترتفع حاليا بمعدل اسرع من المعدلات العالمية وسترتفع بنسب تترواح بين 1.8 و3.5 درجة في بعض المواقع عام 2100، وسترتفع معدلات سطح البحر في منطقة المتوسط ما بين 52 و 190 سم عام 2100 مقابل المتوسط العالمي الذي سيتراوح بين 30 و 98 سم، مقابل المعدل السنوي الحالي البالغ 3.4 مم، وستعرض المناطق الساحلية للمتوسط لإرتفاع سطح البحر ب10 سنتيمترات أكثر من غيرها من المناطق في العالم، وسيتأثر ثلث سكان المناطق الساحلية بهذه الظواهر، وستتعرض 15 مدينة كبري (يعيش في كل منها حوالي مليون من السكان لخطر الفيضان، وستتعرض ايطاليا لخطر فياضانات خطيرة في المناطق الساحلية منها، وستتعرض جزر البليار بالإضافة الي مناطق أخري الي تغيرات كبيرة في شواطئها.
تشمل الجولة الصحفية اعتبارا من اليوم الجمعة وحتى الأحد القادم إستعراض لأحدث البيانات ونظرة عامة على الأراضي الرطبة بمنطقة المتوسط وزيارات ميدانية في مدينة كالياري، واستعراض لسيناروهات تغير المناخ بالنسبة للمناطق الساحلية في منطقة البحر المتوسط من التركيز على الأراضي الرطبة.
يذكر أن الأراضي الرطبة هي كل وسط تغمره المياه كليا أو جزئيا أكان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة. وتلعب هذه النظم دورا رئيسيا في دورة المياه وهي ذات أهمية حيوية لبقاء البشرية نظراً لفوائدها التي لا حصر لها وللخدمات الإيكولوجية التي تقدمها منذ آلاف السنين.
كما أن الأراضي الرطبة عبارة عن مزيج فريد من النباتات والحيوانات وتشمل مجموعة متنوعة من النظم الإيكولوجية مثل البحيرات، والأنهار، والمياه الجوفية، والمستنقعات، والأراضي العشبية الرطبة، والواحات، ومصبات الأنهار، والدلتا، ومسطحات المد والجزر، وغابات المانجروف وغيرها من المناطق الساحلية، والشعاب المرجانية وجميع المواقع الإصطناعية مثل أحواض السمك وحقول الأرز والخزانات والمستنقعات المالحة، وهي تتضمن مناطق بحرية لا يتجاوز عمق مياهها، في مواقع انحسار المياه، ستة أمتار، ويمكن أن تشمل المناطق الشاطئية والساحلية المتاخمة للأراضي الرطبة، والجزر أو المسطحات المائية البحرية، التي يتجاوز عمقها الستة امتار عند الجزر، والواقعة داخل الأراضي الرطبة.
المصدر: وكاللة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )