زخم خاص وطابع مميز أكسبته مصر للتحالفات والتجمعات الاقتصادية الأفريقية العالمية ، حتى باتت فترة رئاستها للاتحاد علامة فارقة في تاريخه، فمصر لديها في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل وبعد رئاسته للاتحاد ، إرادة سياسية لمواصلة المساهمة الفاعلة في العمل الإفريقي الجماعي لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة والشراكة بين دولها ، بالإضافة إلى التحرك على المستوى الثنائي مع دولها لتعزيز المصالح المتبادلة.
تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول القارة السمراء ، وتطوير منظومة السلم والأمن ، من أولويات مصر تجاه إفريقيا خلال العام الحالي ، خاصة في مجال إعادة إعمار وتنمية ما بعد النزاعات، وترسيخ قيم الحوكمة والشفافية والمساءلة، وتشجيع القطاع الخاص والمجتمعي على المساهمة في البرامج والمشروعات الإفريقية القارية، وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين، استنادا إلى مبادئ الاحترام المتبادل، وتحقيق المصلحة المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، مع التأكيد على الدور المحوري للشباب والنساء في أحراز أهداف أجندة 2063.
وتشهد أفريقيا في الوقت الراهن موجة جديدة من الاكتشافات المعدنية الكبرى، في الوقت الذي ترحب فيه الدول الفقيرة في المنطقة بفرص زيادة الاستثمارات ، وتشير الاكتشافات الأخيرة إلى أن العديد من الدول الأفريقية ستستمر في زيادة اعتمادها على الصناعات الاستخراجية في المستقبل المنظور، وبالتالي فإن هناك حاجة ملحة أكبر لمساعدتها على إدارة مواردها الثمينة بحكمة وترو للإعلان عن قصة جديدة عن أفريقيا الحديثة، التي يشارك فيها جميع الأفارقة في الازدهار.
وتنظر الدول الكبرى ومن بينها روسيا والصين واليابان إلى القارة الأفريقية على أنها لاعب مهم على الساحة الاقتصادية والعلاقات الدولية، بفضل مواردها الطبيعية والبشرية وإمكانياتها الاقتصادية الضخمة ، حيث شهدت بيئة الأعمال تحسنا ملحوظا في عدد من الدول الأفريقية ، وهو ما ساهم في زيادة معدلات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالقارة، علاوة على النمو السريع لعدد من القطاعات الاقتصادية بأفريقيا كالتجارة والطاقة.
فمن منتدى التعاون الصيني الإفريقي ” فوكاك”، إلى تحالف أوروبا إفريقيا ، وصولا للقمة السابعة لمؤتمر طوكيو الدولي السابع للتنمية الأفريقية “تيكاد 7″،الذي عقد في شهر أغسطس الماضي ، لمحطة منتدى الاقتصادي الروسي الأفريقي المنعقد حاليا فى منتجع سوتشى ، حملت مصر لواء أفريقيا كقاسم مشترك ولاعب فاعل في الاقتصاد العالمي ، يمكنه المساهمة في إرساء نظام سياسي واقتصادي دولي جديد للقرن الحادي والعشرين.
وتشمل مجالات التعاون المواتية بين دول التجمعات الاقتصادية العالمية وأفريقيا الزراعة والطاقة ونقل التكنولوجيا والعلوم والتعليم والابتكارات والبنية التحتية والتعدين، والتكنولوجيا النووية والنقل ، وبهذا صارت القارة السمراء محط أنظار شركاء دوليين يتنافسون لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري في إطار سياق جديد ، وتزايد اهتمام القوى الاقتصادية الكبرى وسعيها إلى الاستفادة من الفرص الاقتصادية والتجارية والاستثمارية المتاحة بالقارة ، لتعزيز نموها الاقتصادي، وخاصة مع إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية .
فمع وجود النفط في النيجر وأوغندا، والغاز الطبيعي في موزمبيق وتنزانيا، و الحديد الخام في غينيا وسيراليون ، يتزايد العثور على رواسب جديدة غنية بالثروات المعدنية و النفط والغاز ، الأمر الذى يجذب معه انتباه الشركات العالمية شرقا وغربا للمراهنة على ازدهار أفريقيا والاستثمار فيها عبر استخراج ثرواتها الطبيعية الموجودة فى أراضيها ، والتى لم تفصح عنها الأرض بعد .
ورغم غنى بعض أكبر دول أفريقيا بالنفط والمعادن، وتمتعها بأعلى معدلات الناتج المحلي للفرد على مستوى القارة، فإنها تأتى بين أدنى دول العالم مرتبة فى التعليم والصحة والمساواة بين الجنسين، وغيرها من المؤشرات الاجتماعية الرئيسية. وتاريخيا، لم تترجم الحكومات عائدات الصادرات والنمو الاقتصادي اللذين حققتهما ، فخامات النفط والغاز والحديد وغيرها من الموارد الطبيعية جاءت بالتساوي مع خفض كبير في معدلات الفقر وتحقيق المزيد من الرخاء، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية لجميع مواطنيها.
وفي الدول التي ليس لديها نفط وثروة معدنية ، فإن التركيز على النمو في حد ذاته يحتاج إلى إعادة نظر بشكل واضح ، ولذلك، فإن إبرام أفضل الصفقات الممكنة في مقابل بيع الموارد من الثروة المعدنية يمثل بالنسبة لهم أمرا حيويا لمستقبل التنمية لديهم.
وثروات أفريقيا المعدنية والنفطية هائلة. فالقارة لديها 30 في المائة من معادن العالم، وما يعادل 10 في المائة من الاحتياطيات النفطية المؤكدة للمخزون العالمي. إلا أن الكثير من الثروات الطبيعية في القارة لا يزال غير مكتشف. وفي السنوات الخمس الماضية وحدها، تم الإعلان عن اكتشافات كبرى جديدة من النفط والغاز والمعادن٠
فعلى سبيل المثال فإن غينيا وكينيا وموزمبيق والنيجر وتنزانيا وأوغندا دول تسير في هذا الاتجاه نحو المزيد من الاكتشافات مع فتح الطلب العالمي لآفاق جديدة. ونتيجة لذلك، فمن المتوقع أن يستمر إنتاج النفط الأفريقي، على سبيل المثال، في النمو بمعدل متوسط قدره 6% سنوياً في المستقبل المنظور.
وإذا تمت الاستفادة من الثروة المعدنية في أفريقيا وإدارتها بشكل صحيح، فإنها ستعمل على تغيير مستقبلها ككل . ولكن تجنب أخطاء الماضي يتوقف على مجموعة متنوعة من العوامل. ويخضع تسخير والاستفادة من الأصول الطبيعية لمشكلة “الحلقة الأضعف” – فإذا ما توقفت أي حلقة واحدة فإن سلسلة التنمية برمتها يمكن أن تتعرض للخطر.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)