في الذكرى الـ26 لاتفاق أوسلو، التي تحل اليوم الجمعة والتي لم يتبق منه سوى التوسّع الاستيطاني، واستباحة كل المناطق التي صنّفها إلى (أ، ب، ج) وكان المفترض أن ينهي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، خلال خمس سنوات، غير أن الطرف الإسرائيلي غير المؤهل للسلام، داسه بدباباته، فتوارى الاتفاق دون تحقيق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.
انتهى «أوسلو»، واستقال مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، الذي غادر المفاوضات الدولية، بينما ظلت الحقوق الفلسطينية راسخة ولم تتزحزح.
وفيما أجهض اتفاق أوسلو، العديد من الحقوق الفلسطينية المشروعة، فإن جرينبلات تطاول على القيادة الفلسطينية، نتيجة لتمسكها بحقوق شعبها، وأظهر عداءه المطلق للشعب الفلسطيني، وتأييده العلني للاحتلال، علاوة على استخفافه بكل قرارات الشرعية الدولية.
لم يأسف الفلسطينيون على اتفاق أوسلو، بل إن من وقّعوه هم أنفسهم الذين أصدروا شهادة وفاته، وبطبيعة الحال، لم يهتم أحد لاستقالة جرينبلات، الذي حاول إجبار الشعب الفلسطيني على رفع الراية البيضاء، والتنكر لحقوق شهدائه وجرحاه، لكن الفلسطينيون ظلّوا أوفياء لتضحيات هؤلاء، ولم يرضخوا لإملاءاته.
ذهب أوسلو، الذي مزّق الوطن الفلسطيني وقطّعه إلى أشلاء وعزله في «كانتونات» ورحل جرينبلات يجرّ أذيال الهزيمة، إذ لم يستطع كسر إرادة الفلسطيني، وثنيه عن المطالبة بحقوقه الوطنية، أو فرض الحلول التي من شأنها الانتقاص من طموحاته بدولته المستقلة ذات السيادة على الأرض، وعاصمتها القدس الشريف، وكما حقوق اللاجئين في العودة إلى قراهم التي هَجروا منها عنوة وبقوة السلاح، وتعويضهم بموجب القرار الأممي 194.
يذكر أن اتفاقية أوسلو، أو أوسلو 1، والمعروف رسميا باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي هو اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرية التي تمت في عام 1991 أفرزت هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد.
وتعتبر اتفاقية أوسلو، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شيمون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية وقتها محمود عباس، وشكل إعلان المبادئ والرسائل المتبادلة نقطة فارقة في شكل العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
واتفقت الحكومة الإسرائيلية وفريق منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا عن الشعب الفلسطيني على أن الوقت قد حان لإنهاء عقود من المواجهة والنزاع، والاعتراف بحقوقهما المشروعة والسياسية المتبادلة والسعي للعيش في ظل تعايش سلمي وبكرامة وأمن متبادلين، ولتحقيق تسوية سلمية عادلة ودائمة وشاملة ومصالحة تاريخية من خلال العملية السياسية المتفق عليها.
والتزمت منظمة التحرير الفلسطينية على لسان رئيسها ياسر عرفات بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات، فيما قررت حكومة إسرائيل على لسان رئيس وزرائها اسحق رابين الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني، وبدء المفاوضات معها.
ونصت الاتفاقية، على أن هذه المفاوضات سوف تغطي القضايا المتبقية، بما فيها القدس، اللاجئون، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود، العلاقات والتعاون مع جيران آخرين.
وتبع هذه الاتفاقيات المزيد من الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات مثل اتفاق غزة أريحا وبروتوكول باريس الاقتصادي الذي تم ضمهم إلى معاهدة تالية سميت بأوسلو 2.
يذكر ان إسرائيل قد نفذت الكثير من الإجراءات أحادية الجانب بما يتنافى وتفاهمات “أوسلو” ابتداء بإعادة احتلال المدن والمناطق المصنفة(أ) عام 2002، ضمن ما أسماه الاحتلال بـ”عملية السور الواقي”، أو القيام بضم الأراضي وتوسيع المستوطنات، أو الاستمرار في اقتحام المناطق الواقعة ضمن السيطرة الفلسطينية الكاملة وتنفيذ عمليات القتل والاعتقالات، وغيرها.
المصدر: صحيفة البيان