في غضون ساعات قليلة ، يبدأ العام الهجري الجديد، حيث تستطلع دار الإفتاء المصرية في وقت لاحق مساء اليوم الجمعة، هلال شهر المحرم الذي يعد ميلاده إيذاننا ببداية عام ١٤٤١ الهجري.
ويحتفل المسلمون في جميع بقاع الأرض بهذه المناسبة الدينية التي توافق ذكرى هجرة رسول الله محمد- صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، والتي تم اتخاذها بداية للتقويم الهجري حسابيا.
وكشفت الحسابات الفلكية التي أجراها علماء المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية عن أن شهر ذي الحجة الحالي ستكون عدته هذا العام 29 يوما، وأن اليوم الجمعة هو أخر الشهر فلكيا، وإنه يمكن الاستفادة من وجود بعض الكواكب بجوار الهلال الجديد للاستدلال عليه على صفحة السماء في يوم الرؤية، ووفقا لتلك الحسابات فإن غدا السبت سيكون غرة شهر المحرم، وبداية العام الهجري الجديد.
وشرعا يفصل المسلمين عن بداية السنة الهجرية رؤية الهلال في السماء، وعلى الأرجح تتوافق الرؤية الشرعية واستطلاع الهلال في كل شهر عربي مع الحسابات الفلكية، ويعود ذلك إلى دقة الأجهزة الفلكية الحديثة وتطورها، والتي غالبا ما تكون حساباتها صحيحة إذا ما قورنت لاستطلاع هلال الشهر الجديد في الليلة السابقة له.
والتقويم الهجري هو أحد التقاويم التي اتخذتها الشعوب، والتي تختلف في خصائصها الدقيقة عن بعضها البعض إلا أنه يمكن إجمالها في نوعين رئيسيين أحدهما شمسي أساسه دوران الأرض حول الشمس، والآخر قمري وأساسه دوران القمر حول الأرض، وثالث مختلط يجمع بين التقويميين الشمسي والقمري.
ويعتمد التقويم الهجري على رؤية الأهلة ومتابعة ورصد حركة النجوم الثابتة المستقرة في حركتها مثل الشمس والكواكب والأقمار، ومن خلال هذه المتابعة ورصد حركة هذه الأجرام وحساباتها، وقد تم تقسيم السنة الهجرية إلى 12 شهرا يحتوي كل منها على 29 أو 30 يوما وفقا لدورة القمر الشهرية حول الأرض، وبحسب التقويم القمري للمسلمين فإن السنة الهجرية الأولى وافقت بالحساب الميلادي الخميس ١٥ يوليو عام ٦٢٢ يوليانية.
وكان العرب قبل الإسلام يستخدمون تقاويم مختلفة ترتبط بأحداث مهمة وجمعيها مبني على حركة القمر الشهرية، فقد كانوا يؤرخون الحوادث بالنسبة للعام الذي بنيت فيه الكعبة عام ١٨٥٥ قبل الميلاد، ولما أصبح هذا التاريخ موغلا في القدم أخذوا يؤرخون بحادث انهيار سد مأرب باليمن (عام ١٢٠ قبل الميلاد)، ثم بدأوا يؤرخون الحوادث بعام الفيل ٥٧١ ميلادية، وقبل ظهور الإسلام بفترة قصيرة أخذوا يؤرخون بعام تجديد الكعبة ٦٠٥ ميلادية.
وبعد هجرة الرسول من مكة إلى المدينة بدأ المسلمون الأوائل يؤرخون حوادثهم بشكل أخر فقد سموا السنة الأولى للهجرة بـ “سنة الإذن بالهجرة”، والثانية بـ “سنة الأمر بالقتال”، والثالثة “التمحيص”، والرابعة “الترفئة” والخامسة “الزلزال” والسادسة “الاستئناس” والسابعة “الاستقلاب” والثامنة “الاستواء” والتاسعة “البراءة” والعاشرة “الوداع” أي سنة حجة الوداع الأخيرة.
واشتهر بني كنانة في مسألة النسئ أو كبس الشهور لكي تتوافق السنة القمرية مع السنة الشمسية ليكفلوا التوافق بين الشهور والفصول لتكون مواسمهم في الفصول المناسبة لإقامتها، أما أسماء الأشهر العربية المتداولة بالتسمية الحالية، فهي نفس الأسماء التي كان يستعملها العرب في العصر الجاهلي، وهي محرم- صفر- ربيع أول- ربيع ثاني- جمادي الأولى- جماد الأخر- رجب- شعبان- رمضان- شوال- ذي القعدة ذى الحجة، وقد سمى العرب الشهور الهجرية بالتسمية الحالية في عهد “كلاب بن مرة” الجد الخامس لنبي الإسلام أي حوالي عام ٤١٢ ميلادية.
وبنزول قوله تعالى إن “عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض” تم تحريم موضوع الكبس أو النسئ في السنة القمرية، واعتبرت السنة الهجرية منذ ذلك الوقت ١٢ شهرا، وتم اتخاذ شهر محرم الحرام ليكون بداية السنة القمرية، وللتقويم الهجري عدة إيجابيات عن التقاويم الأخرى، ومنها أنه إذا أخطأ في أي شهر فإنه يصحح نفسه في الشهر التالي، وعدم ثبوت مواعيد الأعياد والمواسم الدينية والعبادات المهمة نتيجة اختلاف طول الشهر الهجري.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )