تمثل الحرائق المستعرة حتى الآن منذ أكثر من أسبوع فى “غابات الأمازون ” حالة طوارئ دولية ، إذ اجتاحت الحرائق تلك الغابات البرازيلية الواقعة فى قارة أمريكا الجنوبية ، مسجلة أرقاما قياسية ، بموجب إتساع رقعتها التى وصلت خلال العام الحالى إلى ما يزيد عن 72 ألفا من الحرائق ، من بينها 9500 حريق اندلعت منذ الخميس قبل الماضي.
وتهدد الزيادة المقدرة بـ 83 فى المائة مقارنة بالعام الماضى في معدل الحرائق فى غابات الأمازون “أكبر الغابات المطيرة فى العالم ” ، كوكب الأرض بكامله ، حيث تعرف غابات الأمازون بأنها رئة الأرض التى تنتج حوالي 20 فى المائة من الأوكسيجين النظيف اللازم لحياة سكان الكوكب ، وهي مخزن الكربون الحيوي الذي يبطئ من وتيرة الاحتباس الحراري، كما أنها موطن لحوالي 3 ملايين نوع من النباتات والحيوانات، ومليون شخص من السكان الأصليين.
حرائق مستعرة تضافرت مع أسوأ حالة جفاف تعانى منها الأمازون منذ أكثر من 40 عاما ، الأمر الذى أحدث أضرارا بالغة بها ، وأدى إلى إشتعال حرائق في حوض نهر الامازون ، وأصيب سكان المناطق المطلة على النهر بأمراض بسبب تلوث مياه الشرب ، ونفق ملايين الاسماك ، وقد أعلن حاكم ولاية أمازوناس حالة الأزمة في 16 بلدية حيث أثر الجفاف المستمر منذ شهرين على سكان المناطق المطلة على النهر الذين لم يعد بمقدورهم العثور على الطعام أو حتى بيع المحاصيل.
ورغم الأسباب العديدة التى طرحت على الساحة لتفسير ارتفاع معدلات اندلاع الحرائق ، محدثة جدلا سياسيا وعلميا بشأن هذا المعدل الرهيب ، إلا أنها لم تنف حقيقة أن ما حدث هو تلف لا يمكن إصلاحه، وقد يبدأ في إصدار انبعاثات الكربون التي تعتبر المحرك الرئيسي لتغير المناخ، مما قد يسبب كوارث بيئية ، وذلك وفق ما توقعه الصندوق العالمي للحياة البرية .
ويرى العلماء، أن منطقة الأمازون ،عانت من خسائر بوتيرة متسارعة ، مع انتهاج سياسات تفضل التنمية على المحافظة على الغابات ، مؤكدين أن الغالبية العظمى من هذه الحرائق، البشر هم السبب فيها، وأن الإنسان هو المتهم الرئيسى ، ولا يمكن إرجاعها إلى أسباب طبيعية مثل ضربات البرق ، معللين ذلك بأنه حتى في مواسم الجفاف، فان منطقة نهر الأمازون لا تشتعل فيها النار بسهولة.
كما أنه لا يوجد شيء غير طبيعي بشأن المناخ أو هطول الأمطار في منطقة الأمازون هذا العام ، يمكن أن يكون سببا فى حدوث الجفاف وتوافر الظروف المواتية لانتشار الحرائق، مؤكدين أن بدء الحريق هو من عمل البشر، إما عن قصد أو عن طريق الصدفة.
وغالبا ما تحدث حرائق الغابات في موسم الجفاف في البرازيل، ولكنها انتشرت بشكل مرتفع، نتيجة لرغبة الإنسان في إزالة الغابات بطريقة غير قانونية، من أجل تربية الماشية، وأن المزارعين ومربي الماشية، استخدموا النار منذ فترة طويلة، لإخلاء الأرض، ومن المحتمل أن يكونوا وراء الحرائق بتلك الأعداد المهولة التي اشتعلت في الأمازون مؤخرا.
من جانبه، أشار ريكاردو ميلو، رئيس برنامج الأمازون العالمي للصندوق العالمي للطبيعة ، إلى أن الحرائق كانت “نتيجة لزيادة نسبة إزالة الغابات في الفترة الأخيرة”، حيث يجرى حاليا الاعتداء السافر على هذه الغابات من تجريف وقطع جائر لأشجارها ونباتاتها لتحويلها إلى طرق سريعة ومدن سكنية ، بالإضافة إلى قطع أشجار عالية القيمة والجودة كشجر “الماهوجاني” الذى يتطلب بناء طرق واحضار تجهيزات ثقيلة إلى قلب الغابات.
وتعزو منظمات بيئية وباحثون أسباب حرائق الغابات التي اندلعت في الغابة المطيرة البرازيلية إلى مربي الماشية من الشركات المستثمرة في صناعة وتجارة اللحوم ، وشركات الأخشاب التي تعمل على قطع الأشجار وتصديرها إلى الأسواق العالمية لاستخدامها في الصناعات العملاقة.
وبينما ألقى بعض العلماء باللوم فى اشتعال حرائق غابات الأمازون على درجة حرارة المحيط المرتفعة بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض ، والتي ترتبط أيضا بسلسلة أعاصير غير عادية ضربت الولايات المتحدة وأمريكا الوسطى في الآونة الأخيرة ، يشير بعض العلماء إلى أن الهواء المرتفع في شمال المحيط الأطلنطى الذي يغذي العواصف ، ربما تسبب فى هبوط الهواء فوق الامازون ومنع تشكيل السحب وسقوط الأمطار.
وبحسب المعهد الوطني للأرصاد الجوية في البرازيل، فإن الحرائق المندلعة في الأمازون تنتج عن مجموعة عوامل، وهي موجة باردة غيرت الاتجاه الطبيعي للرياح، ثم اندمجت بالدخان الناتج عن الحرائق البرية التي تبعد آلاف الأميال، فنجمت عن ذلك طبقة كثيفة من السحب الضبابية المنخفضة.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)