يواجه السودان الكثير من التحديات السياسية، عقب توافق قوى إعلان الحرية والتغيير مع المجلس العسكري الانتقالي، على التوقيع على وثيقة التفاهمات السياسية وبدء الكشف عن أسماء مسؤولي الدولة خلال الفترة المقبلة.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الجمعة، فهناك الكثير من التحديات الهامة التي من المنتظر أن يواجهها السودان، في ظل تطلع الشعب لإقامة نظام ديمقراطي شاكل يعيد بناء مؤسسات الدولة بصورة جديدة.
البرهان وحمدوك
وفي التفاصيل، رصدت صحيفة الشرق الأوسط توافق “قوى إعلان الحرية والتغيير” في السودان على تسمية الخبير الاقتصادي الأممي عبد الله حمدوك رئيساً لوزراء الحكومة الانتقالية. وقالت مصادر سياسية للصحيفة، إن حمدوك سيتم تعيينه رسمياً من قبل مجلس السيادة الأحد المقبل.
وأشارت المصادر إلى تسمية كل من عبد القادر محمد أحمد رئيساً للقضاء، ومحمد الحافظ نائباً عاماً، ومن المتوقع صدور قرارات رسمية بتعينهما خلال الساعات المقبلة. وعلمت الصحيفة أن قوى إعلان الحرية أجمعت على تسمية المحامي الحقوقي محمد الحافظ نائباً عاماً أيضاً، إضافة إلى تسمية ثلاثة مساعدين للنائب العام.
وبحسب المصدر الذي تحدث للصحيفة، فإن قوى إعلان الحرية والتغيير، ستكشف عن أسماء مرشحيها الخمسة لمجلس السيادة اليوم وسط توافق كبير على الأسماء المطروحة. وأرجعت مصادر تحدثت للصحيفة أيضاً تأخير تسمية مرشحي مجلس السيادة إلى تمسك كتلة “نداء السودان”، بتكوين المجلس القيادي لـ”قوى الحرية والتغيير” لإجازة الأسماء المرشحة، وهو ما أدى إلى إرجاء هذا الإعلان.
التحول الديمقراطي
التحولات الديمقراطية لما يجري في السودان كانت محوراً لتقرير نشرته صحيفة إندبندنت عربية، وهو المقال الذي أشار فيه إلى أن السودان يدخل عهداً جديداً وسط مخاوف من مفاجآت اللحظات الأخيرة. وقالت الصحيفة “التحدي الأبرز الآن هو البحث في الوصول إلى مرحلة استدامة الديمقراطية، وهي المرحلة التي يأمل أبناء الشعب السوداني في تحقيقها”.
وناقش السياسي والأكاديمي أحمد موسى هذه المسألة، وقال للصحيفة إن التعددية السياسية والديمقراطية هي الكفيلة بحل مشكلات السودان، مشيراً إلى أن الديمقراطية بما تتضمنه من مبادئ الحرية والمشاركة والمساواة أمام القانون تزيل الاحتقان والاستقطاب الحاد داخل الدولة وتشعر الجماعات المختلفة بانتمائها للوطن والنظام السياسي”.
بدوره، أشار الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو شوك إلى أن التغيير في أنماط التفكير السياسي والبناء الهيكلي لمؤسسات الدولة السودانية أضحى ضرورة ملحة للخروج من دائرة الفشل السياسي المتكرر إلى رحاب ديمقراطية مستدامة، وهو ما يفرض ضرورة تغيير أنماط هذا التفكير لبناء المؤسسات السودانية على أسس ديمقراطية.
تحولات دقيقة
من جهتها، تطرقت صحيفة العرب إلى حالة الترقب الحذر الذي تعيشه السودان، وهو الترقب الذي يسبق العهد السياسي الجديد الذي تعيشه السودان وسيبدأ بمجرد التوقيع النهائي على الإعلانين الدستوري والسياسي.
وأشارت مصادر مسؤولة للصحيفة إلى أن السودان يعيش الآن في مرحلة دقيقة، مشيرة إلى أنه بحلول الأحد المقبل سيتم حل المجلس العسكري الانتقالي، وإجراء مراسم تعيين المجلس السيادي. وأشار المتحدث باسم الجبهة الثورية محمد زكريا، في تصريح للصحيفة إلى أن الجبهة بانتظار إدراج تفاهمات اجتماعات القاهرة مع الحرية والتغيير لتسود اتفاقيات السلام المتوقع الوصول إليها مستقبلاً على نصوص الإعلان الدستوري، ويتم تشكيل حكومة تصريف أعمال لمدة شهرين إلى حين التوصل إلى اتفاق وقف العدائيات، والنصّ صراحة على تمثيل الجبهة الثورية في المجلس السيادي ومجلس الوزراء.
وعن دور الحركات المسلحة أكد زكريا للصحيفة، إن الحديث عن مشاركة الحركات المسلحة في الترتيبات الأمنية أمر سابق لأوانه، ومفاوضات السلام المستقبلية المتوقع عقدها في القاهرة مع قوى الحرية والتغيير أو مع الحكومة الممثلة حين ذاك هي من ستحدد كيف يكون السير في هذا المسار.
الأمن والسلام
وفي مقال له بصحيفة الرؤية الإماراتية، قال الباحث والخبير الفرنسي البروفيسور مارك لافيرني، مدير المركز الدولي للبحث العلمي بباريس، إن التوقيع على وثيقة الإعلان الدستوري بالسودان جاء ثمرة لجولات متلاحقة من المفاوضات انطوت على النوايا الحسنة بين القوى السياسية السودانية، مشيرة إلى أن الوثيقة تكشف عن حالة من التوازن السياسي المعقول والذي جاء نتيجة للتنازلات المتبادلة من الطرفين من أجل بناء نموذج جديد للحوكمة المستدامة والفعّالة خلال الفترة الانتقالية التي ستدوم 39 شهراً.
وعن مستقبل السودان قال لافيرني إنه وبالرغم من كل ما قيل، فإن هناك بعض الشكوك التي تتراءى إلى الأذهان حول هذه التجربة الديمقراطية الرابعة منذ استقلال السودان عام 1956. وطرح الكاتب عدد من الاسئلة أبرزها: ما مدى قدرة القوى المشاركة على التمسك بمواقفها الموحدة والتغلب على نوازع الانقسامات السياسية والعرقية والجهوية، والتي طالما فعلت فعلها في تقطيع أوصال المجتمع السوداني؟ وما الذي ستفعله البلدان المجاورة باعتبارها قوى إقليمية، فهل ستدعم هذه المحاولة لولادة دولة عصرية مستقرة تحظى بالسلام؟
وتطرق الكاتب للدور الأوروبي الذي من المفترض أن تلعبه القارة العجوز في ذروة هذه التطورات، مشيراً إلى أنه ووفقاً لتطورات الوضع السياسي فإن السؤال الأبرز يبقى: لماذا لا تكون البلدان الأوروبية أو الاتحاد الأوروبي أكثر اهتماماً بدعم المحاولة الجديدة والجادة لإعادة ربط العلاقة بين الدولة والمواطن في السودان؟
المصدر:وكالات