يصيب الحر الإنسان بمشكلات صحية تزداد حدتها مع بذل مجهود بدني شاق مثل أداء مناسك الحج، ولهذا فإن تزامن موسم الحج هذا العام مع مايشهده فصل الصيف الحالى من ارتفاع شديد في درجة حرارة الطقس مصحوبا بارتفاع نسبة الرطوبة بمعدلات غير قياسية، يشكل خطرا محدقا بالمواطنين الموجودين فى بيئة تتسم بتلك الصفات، كحجاج بيت الله الحرام فى مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث يصعب على الجسم مع المجهود المبذول التكيف على تنظيم درجة حرارته .
وقال الدكتور محمود الشربيني أستاذ العناية المركزة وطب الحالات الحرجة وعضو الجمعية الأمريكية، فى حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن ممارسة الرياضة والتعرض المكثف لأشعة الشمس يؤديان لنفس التأثير الإكلينيكى، ويؤدى ذلك إلى حدوث خلل في وظائف “ثرموستات الجسم” المسئول عن تنظيم درجة حرارته .
وأضاف أن عدم قدرة الجسم على تنظيم درجة حرارته والتخلص منها، يؤدي إلى الإصابة بعدد من المشكلات الصحية مثل الإجهاد الحراري وضربة الشمس، الأمر الذى يبرز ضرورة مراعاة اتخاذ الإجراءات الوقائية بشكل عام، وللفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمشكلات الصحية الناجمة عن الحر الشديد من كبار السن والمواليد والأطفال دون السادسة، والمرضى بالأمراض المزمنة كأمراض القلب والرئة والكلى بشكل خاص .
وذكر أن التشنجات الحرارية والإجهاد الحراري وضربات الشمس أشكال مرضية مختلفة تصيب الإنسان عند التواجد في بيئة حارة لفترة طويلة، وأن ممارسة التمرينات الرياضية أو القيام بالأنشطة الشاقة تحت تأثير ارتفاع درجات حرارة والرطوبة يمكن أن تسبب التشنجات العضلية، لاسيما في الذراعين أو الساقين أو البطن وهى تقلصات مؤلمة، تنشأ نتيجة فقدان الجسم للمياه والأملاح من خلال إفراز العرق الغزير .
وأوضح أنه يمكن الوقاية من هذه الحالة بتعويض الجسم بالقدر الكافي من الأملاح وأخذ قسط من الراحة وتناول السوائل المالحة والانتقال لبيئة باردة، مشيرا إلى أن الإجهاد الحراري يحدث نتيجة لممارسة تمرينات شاقة أو الزيادة المفرطة في إفراز العرق مع عدم وجود كميات كافية من السوائل “والالكتروليت” بالجسم.
ولفت الشربينى إلى أنه يمكن الحد من المشكلات الصحية الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة ورطوبة الجو باتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة، وتجنب التعرض للحرارة المرتفعة مع حصول الجسم على كميات كافية من السوائل، وتقليل أوقات التعرض للحرارة وأشعة الشمس، لا سيما مع الازدحام الشديد للحجاج فى ظل مناخ قائظ الحرارة شديد الرطوبة.
وأشار إلى 12 طريقة سهلة تساهم في إنقاذ ضحايا الحر الشديد من الوقوع ضحايا لضربات الشمس والإجهاد الحرارى، وفي مقدمتها البقاء في أماكن ظليلة قدر الإمكان، حسن استخدام الأماكن المكيفة والباردة، تجنب القيام بأنشطة بدنية شاقة خاصة في الحرارة المرتفعة وتحت أشعة الشمس المباشرة، أخذ قسط من الراحة قدر الإمكان والحصول على ساعات نوم كافية خلال الليل، وتناول الكثير من السوائل كالماء والعصائر الطبيعية والمشروبات السريعة لتعويض الجسم عما يفقده من سوائل عن طريق العرق.
ونصح بالإكثار من شرب الماء حتى عند عدم الإحساس بالعطش، تجنب شرب القهوة والمشروبات الغازية والمشروبات الكحولية، تناول وجبات مالحة لتعويض الجسم عما يفقده من أملاح في العرق، البعد عن تناول الوجبات الدسمة، ارتداء ملابس قطنية فاتحة اللون وفضفاضة تساعد على تبخر العرق، تفادي ارتفاع درجة حرارة الجسم، ارتداء قبعة لحماية الرأس من التعرض المباشر لأشعة الشمس، واستخدام الأملاح المستخدمة في علاج حالات الجفاف والمعتمدة من وزارة الصحة، بمعدل كيس على كوب ماء كل ساعتين أو 3 حسب كمية السوائل المفقودة.
وأشار إلى أن الارتفاع الشديد في درجة حرارة الجسم يؤثر على الأداء الذهني والبدني للإنسان، وقد يصيبه بمشكلات صحية بعضها طفيف مثل التشنجات الحرارية والإجهاد الحراري، والبعض الآخر خطير مثل ضربة الشمس، لافتا إلى احتمالية ظهور طفح جلدى في صورة بقع حمراء صغيرة على الجلد مسببة وخز وحكة، وأوضح أنه يمكن أن تؤثر الحالات المتطورة للطفح الجلدي على وظائف العضو المسئول عن تنظيم درجة الحرارة “الثرموستات”، مما يؤدي إلى الإصابة بالحمى أو الإجهاد الحراري.
واعتبر أنه من بين الأعراض المصاحبة لهذه الحالة غزارة إفراز العرق وبرودة الجلد ورطوبته، وشحوب الوجه وسرعة وضعف النبض وسرعة وضيق التنفس، إلى جانب بعض الأعراض الأخرى مثل الصداع والدوار والإرهاق والغثيان والإغماء والتشنجات الحرارية والبول الداكن، وتتفاقم حالة الإجهاد الحراري وتؤدي إلى ضربة شمس تهدد حياة المريض.
وقال إن ضربة الشمس، تصيب المرء في أغلب الأحيان نتيجة القيام بنشاط بدني مجهد تحت درجة حرارة مرتفعة وعدم حصول الجسم على الكميات الكافية من السوائل، وتوصف بأنها حالة خطيرة يمكن أن تودي بحياة المريض إذا لم تعالج بالشكل المناسب، مشيرا إلى أنها تحدث عندما لا يستطيع الجسم إنقاص درجة حرارته حيث يتوقف إفراز العرق وترتفع درجة حرارة الجسم بسرعة.
وتابع أنه من الأعراض الشائعة لضربة الشمس ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 40 درجة مئوية أو أكثر وعدم إفراز العرق وارتفاع درجة حرارة الجلد وجفافه وسرعة نبضات القلب وصعوبة التنفس، والارتباك والهزيان والسلوك الغريب واحتمال الانفعال أو الغيبوبة، مؤكدا أن حالات ضربة الشمس تتطلب عناية طبية عاجلة ومناسبة .
المصدر : أ ش أ