انطلقت من بورسعيد المرحلة الأولى في منظومة التأمين الصحي الشامل الجديد، إيذاننا بإرساء دعائم منظومة صحية متكاملة تشمل مائة مليون مصري وفق احدث المعايير الدولية ، وذلك في حدث تاريخي طالما داعب طموحات وأحلام المصريين خلال عقود طويلة.
ويتزامن مع انطلاق المرحلة الأولى من المنظومة،إطلاق منظومة المستشفيات النموذجية في مصر، بتكلفة قدرها نحو 6 مليارات جنيه ، مستهدفة وجود مستشفيات نموذجية في جميع المحافظات، واختيار المستشفيات الأكثر جاهزية للقيام بدور مستشفى الإحالة، وتكلفة العلاج بتلك المستشفيات، ستكون بحسب التقديرات المبدئية رمزية للمحولين وغير المحولين ، أما غير القادرين فتقدم لهم الخدمة مجانا ضمن برنامج ” تكافل وكرامة” إذا كانوا محولين من الوحدات، و10 جنيهات لغير المحولين.
ومنظومة التأمين الصحي مشروع عملاق أطلقته الحكومة المصرية ، دخل شهره التجريبي الثاني والأخير من أجل تحسين الخدمة الطبية، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وتمثل نظاما تكافليا اجتماعيا ، تقدم من خلاله خدمات طبية ذات جودة عالية لجميع فئات المجتمع دون تمييز، وتتكفل الدولة فيه بعلاج غير القادرين، عبر حزمة متكاملة من الخدمات التشخيصية والعلاجية ، وتتيح للمنتفع الحرية في اختيار مقدمي الخدمة الصحية.
وأيقونة التأمين الصحي الشامل الجديد “طب الأسرة” ، وهو نقلة نوعية غير مسبوقة جاءت ترجمة لما نصت عليه المادة الثامنة عشر من الدستور المصري ” من أن لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وأن الدولة تكفل الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل” ، و ” التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3 فى المائة من الناتج القومي الإجمالي ، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية ” ، و”تلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض ” ، حيث ينظم قانون التأمين الصحي الشامل إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقا لمعدلات محددة.
ففى 5 يوليو الماضي ، أصدر الرئيس السيسي قرارا بإطلاق المرحلة الأولى من تنفيذ ” قانون التأمين الصحي الشامل ” الصادر لائحته التنفيذية في الخامس من شهر مايو عام 2018 ، وتم اختيار بورسعيد المدينة الباسلة للتشغيل التجريبي للمنظومة لمدة شهرين ( يوليو وأغسطس )، وسيتم العمل بالمنظومة على عدة محاور، بالتعاون بين وزارات الاتصالات، والصحة، والإنتاج الحربي، والمالية، ومحافظة بورسعيد، وبمشاركة كيانات طبية من القطاع العام، والقطاع الخاص، والمستشفيات الجامعية، وذلك في إطار هيكل قانوني وهيئات محددة ومصادر مستدامة للتمويل ، ليبدأ بعدها كمنظومة مستديمة ف شهر سبتمبر المقبل ، بحيث يغطى في مراحلة اللاحقة جميع المصريين وكافة الأمراض وخدمات الطوارئ ، وذلك بعد عرضه على مجلس النواب فى دورته الجديدة ، والموافقة على إدخال التعديلات التي أسفر عنها تطبيقه على أرض الواقع في بورسعيد.
ويطبق القانون على 6 مراحل على مدار 15 عاما بداية من 2018 حتى 2032، حيث تشمل المرحلة الأولى: محافظات «بورسعيد، والسويس، وجنوب سيناء، وشمال سيناء، والإسماعيلية»، والمرحلة الثانية: محافظات «أسوان، الأقصر، قنا، مطروح، والبحر الأحمر» ، والمرحلة الثالثة محافظات «الإسكندرية، البحيرة، دمياط، سوهاج، وكفر الشيخ».
وتضم المرحلة الرابعة محافظات «أسيوط، الوادي الجديد، الفيوم، والمنيا، وبنى سويف» ، وتشمل المرحلة الخامسة محافظات «الدقهلية، الشرقية، الغربية، والمنوفية» ، والمرحلة السادسة والأخيرة محافظات «القاهرة، الجيزة، والقليوبية».
ويتم تقديم الخدمة بالمنظومة إما عن طريق خدمة العملاء “الكول سنتر” لتحديد موعد لتلقى الخدمة الطبية على أعلى مستوى من الجودة ، أو بالتوجه إلى وحدات الرعاية الأولية (الوحدة الصحية أو المركز الطبي) التابع له المواطن أو الأسرة، والعرض على الطبيب للكشف أو المتابعة في أي وقت ، بحيث تقوم تلك الوحدات بإجراء الفحوصات الطبية، والإحالة إلى المستشفى في حالة الاحتياج إلى فحوصات متقدمة ، وتغطى المنظومة جميع الخدمات الطبية للمنتفعين والخاضعين لها، بداية من الكشف الطبي المبدئي، مرورا بالأشعة والتحاليل الطبية، وصولا إلى كبرى التدخلات الطبية والجراحية الحرجة والعاجلة.
وتهدف منظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة إلى خفض معدلات الفقر والمرض، وتركز على توفير الحماية الطبية الكاملة للأسرة بالكامل، مقابل تسديد الاشتراكات للأسر القادرة ، فيما تتحمل الموازنة العامة للدولة العبء المالي عن الأسر غير القادرة للتغطية الصحية نيابة عن تلك الأسر ، وبهذا تعمل على تقليل الإنفاق الشخصي من المواطنين على الخدمات الصحية والحد من الفقر بسبب المرض ، وتساهم في تسعير الخدمات الطبية بطريقة عادلة، وحصول المريض على الخدمة دون اللجوء إلى إجراءات إضافية.
ويشترط للانتفاع بالمنظومة أن يكون المنتفع من قانون التأمين الصحي الشامل، مشتركا في النظام ومسددا للاشتراكات، وإذا لم يشترك أو تخلف عن السداد يربط انتفاعه بخدمات التأمين الصحي الاجتماعي الشامل بسداد الاشتراكات المتأخرة دفعة واحدة أو بالتقسيط، فيما عدا حالات الطوارئ ، وتتراوح نسبة الاشتراك ما بين 1 في المائة للموظف من الأجر التأميني، و3 في المائة من صاحب العمل شهريا، فضلا عن دفع رب الأسرة اشتراكات المسئول عنهم، وهم الزوجة غير العاملة وباقي أفراد العائلة، فيما تدفع خزانة الدولة اشتراك غير القادرين.
وتنشأ 3 هيئات تكون معنية بتطبيق القانون ، الأولى هيئة الرعاية الصحية وتكون معنية بمنافذ تقديم الخدمة ، والثانية هيئة الجودة والاعتماد وتمنح المستشفيات الاعتماد وفق معايير الجودة المعمول بها ، والثالثة هيئة التأمين الصحي تتولى إدارة وتمويل التأمين الصحي.
وتضطلع وزارة الاتصالات في المنظومة الجديدة بدور كبير ، إذ أنها ستنفذ البنية المعلوماتية لربط جميع المستشفيات ووحدات الرعاية الطبية بكابلات ضوئية سريعة ، وستقوم ببناء المنظومة التأمينية لبيانات المواطنين بعد إدراجها ، وستتولى مهمة التدريب والتوطين والتوعية لكافة العاملين في المنظومة وتغطية خدماتها، وميكنة المطالبات والتسويات المالية والتعاملات بين مقدمي الخدمة ومتلقيها، وإدارة الشكاوى والتظلمات، وتوعية المواطنين بإمكانية التعامل مع المنظومة ، والرقابة على الخدمة بشكل مميكن للاطمئنان على جودتها.
المصدر : أ ش أ