يدلي الناخبون في أوروبا بأصواتهم الأحد في انتخابات من المتوقع أن تهز من جديد مكانة الأحزاب التقليدية المؤيدة للاتحاد الأوروبي وتدعم التيار القومي في البرلمان الأوروبي بما قد يكبح العمل المشترك في السياسات الاقتصادية والخارجية.
فتحت مراكز التصويت أبوابها في الساعة السابعة صباحا (0400 بتوقيت جرينتش) في دول الشرق وستغلق الساعة 11 مساء (2100 بتوقيت جرينتش) في إيطاليا. وقد أجريت الانتخابات من قبل في سبع دول وتجري الأحد في 21 دولة فيما يمثل أكبر ممارسة للديمقراطية على مستوى العالم بعد الهند.
ويتصدر استطلاعات الرأي أصحاب التيار الشعبوي اليميني في اثنتين من الدول الأربع الكبرى الأعضاء في الاتحاد، وهما إيطاليا وبريطانيا التي يفترض أن تنفصل عن الاتحاد، ومن المحتمل أن يحقق هذا التيار الفوز في دولة ثالثة هي فرنسا ليهز بذلك حملة الدعاية المؤيدة للاتحاد التي تصدرها الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون.
غير أن استطلاعات آراء الناخبين بعد الإدلاء بأصواتهم في بعض الدول التي أجريت الانتخابات فيها أتاحت للأحزاب المؤيدة للاتحاد قدرا من الارتياح. إذ يبدو أن حزب العمل الهولندي، الذي كان من المستبعد فوزه، سيحتل المركز الأول بفضل عوامل منها مشاركة مرشح الاشتراكيين الرئيسي في الاتحاد الأوروبي فرانز تيمرمانز النائب الحالي للرئيس التنفيذي للاتحاد.
وفي هولندا حصلت الأحزاب المؤيدة للاتحاد على 70 في المئة من الأصوات بزيادة قدرها ثلاث نقاط عن انتخابات البرلمان الأوروبي السابقة في 2014 ليحتل حزب تيري بوديت الجديد المناهض للهجرة المركز الرابع بحصوله على 11 في المئة.
كما شارك الناخبون الهولنديون بأعداد أكبر رغم أن نسبة الإقبال بلغت 41 في المئة فقط الأمر الذي يعزز الآمال في بروكسل بحدوث تحول في تيار تراجع الإقبال على المشاركة في الانتخابات السائد منذ 40 عاما والذي يصفه منتقدون بأنه ”عجز ديمقراطي“ يضعف شرعية العملية التشريعية في الاتحاد الأوروبي.
وأشار استطلاع آراء الناخبين لدى الخروج من مراكز التصويت يوم الأربعاء في أيرلندا المؤيدة للاتحاد الأوروبي إلى موجة صعود متوقعة للخضر. وربما تدعم مخاوف في أنحاء الاتحاد فيما يتعلق بالتغير المناخي والبيئة جماعة الخضر المؤيدة للاتحاد وربما تعني تشديد اللوائح في قطاع الصناعة والشروط التي قد يفرضها الاتحاد على شركائه الساعين لتوقيع اتفاقات تجارية.
كما أجريت الانتخابات يوم الخميس في بريطانيا وتشير الاستطلاعات التي سبقت التصويت إلى أن حزبا جديدا يركز نشاطه على الخروج من الاتحاد الأوروبي سيتصدر نتائجها لكن لم تتوفر بيانات عن استطلاعات آراء الناخبين عند خروجهم من مراكز التصويت.
وتركز الاهتمام في بريطانيا على استقالة رئيسة الوزراء تيريزا ماي. وستعلن النتائج في وقت متأخر يوم الأحد بعد انتهاء التصويت في جميع دول الاتحاد.
ومن التحديات التي تواجه المشروع الأوروبي إهانات غير مسبوقة من رئيس الولايات المتحدة الذي يحتفي بالشعبويين في أوروبا وكذلك خلافات حدودية بين دول أعضاء بسبب المهاجرين والاقتصاد الذي يكبله الدين العام ويمثل صعود الصين تحديا له.
غير أن من المنتظر إن تهيمن على الانتخابات الأحزاب التي تسعى للعمل الجماعي أو القضايا المشتركة مثل التجارة والأمن والهجرة والتغير المناخي وذلك رغم أن من المتوقع أن تكون أغلبيتها أقل حجما بصفة عامة.
ويستعد الأوروبيون للاحتفال بذكرى أحداث شكلت الاتحاد. فقد مر 75 عاما على نزول القوات الأمريكية في فرنسا لهزيمة ألمانيا النازية ومنذ سمحت القوات الروسية للألمان بسحق محاولة بولندية للحصول على الحرية وكذلك مرور 30 سنة منذ هدم الألمان سور برلين لإعادة توحيد شطري أوروبا في الشرق والغرب. غير أن ذكريات الحرب، ساخنها وباردها، لم تكف لبلورة الإيمان بمستقبل موحد.
وتواجه أحزاب التيار الرئيسي الداعي لتوثيق التكامل الاقتصادي في منطقة اليورو صعوبات في استمالة ناخبين انتابهم الملل من النخب السياسية.
فربما يتفوق حزب الرابطة الذي ينتمي إليه نائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني في إيطاليا على الديمقراطيين المسيحيين بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليصبح أكبر حزب منفرد في البرلمان الأوروبي الذي يبلغ عدد أعضائه 751 عضوا.
كما ستعيد الأحزاب اليمينية الحاكمة في بولندا والمجر، والتي تتحدى بروكسل فيما يتعلق بالقيود على الاستقلال القضائي والإعلامي، النواب المشككين في الوحدة الأوروبية للبرلمان يوم الأحد.
ومن المنتظر إعلان النتائج مساء الأحد.
وبإعلان النتائج تبدأ أسابيع من المساومات بين الأحزاب لتشكيل أغلبية مستقرة في البرلمان وبين الزعماء على مستوى الدول لاختيار من يخلف جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية وكبار المسؤولين في الاتحاد.
ويتوقع كثيرون صداما يوم الثلاثاء إذ من المرجح أن يتجاهل القادة المجتمعون في بروكسل مطالب البرلمان الأوروبي بأن يدير المفوضية واحد من النواب الجدد في البرلمان.
المصدر: رويترز