قالت صحيفة الخليج الاماراتية في افتتاحيتها إن الولايات المتحدة تستطيع أن تنفض يدها من كل القرارات الدولية، كما يمكنها أن تمارس ما أمكنها من الضغوط السياسية والاقتصادية على دول وشعوب العالم، لكنها لا تستطيع أن تقهر إرادة هذه الشعوب، أو تلغي وجودها، وحقها في تقرير مصيرها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستهتار الأمريكي بالقرارات الدولية والقيم الأخلاقية المفترضة في العلاقات مع الآخرين، يترسخ في زمننا الحالي بالهجمة على اللاجئ الفلسطيني المعدم الذي شرده الاحتلال «الإسرائيلي» من أرضه، في محاولة لتجريده من أبسط حقوقه الإنسانية، وهو حقه في الحياة بالحدود الدنيا، من خلال السعي لنسف وكالة إغاثة وتشغيل الفلسطينيين، (الأونروا)، كمقدمة لتصفية قضيته.
وقالت الصحيفة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، دعا علانية في كلمة له قبل أيام، أمام مجلس الأمن، إلى حل الوكالة لأنها عبارة عن «ضمادة» على حد قوله، معتبراً أن نموذج الوكالة «خذل الشعب الفلسطيني».
جرينبلات يحمّل «الأونروا» مسؤولية فشل حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهو يعلم أنها وكالة ذات طابع إنساني، أنشئت العام 1994 بموجب القرار 302 الصادر عن الأمم المتحدة، ومهمتها توفير الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية، وتحسين أوضاع مخيمات اللجوء في الضفة الغربية، وغزة، والأردن، وسوريا، ولبنان.
وإذا كان جرينبلات لا يريد الاعتراف بأن دولته مسؤولة بالأساس عن مأساة الشعب الفلسطيني، لأنها تقف حائلاً دون تنفيذ القرارات الدولية بشأن القضية الفلسطينية، ووقوفها إلى جانب «إسرائيل»، وتوفير كل مستلزمات عدوانها، وتوسعها، وعنصريتها، فهي في المقابل لا تستطيع قهر إرادة الشعب الفلسطيني الذي ما زال، بعد سبعين عاماً على نكبته، صامداً، صابراً، متشبثاً بحقه، ويقدم أفواج الشهداء بلا تردد في صراع غير متكافئ بين صاحب الأرض، وشذاذ الآفاق الذين تم استيرادهم من كل حدب، وصوب. كما لا يستطيع جرينبلات أن يشطب وجود وكالة «الأونروا» بقرار منه، فهي لم تنشأ بقرار أمريكي، بل بقرار دولي من الجمعية العامة، وهي وحدها لها الحق في ذلك.
هذا الأمر أكده مفوض عام الوكالة السويسري بيير كرينبول، في رده على جرينبلات، إذ شدد على أن «لا أحد يستطيع نزع الشرعية» عن الوكالة، وعدم السماح بتفكيك الوكالة، أو تحميلها مسؤولية فشل جهود السلام، قائلاً: «نرفض أي اتهامات للوكالة بأنها مسؤولة عن فشل حل القضية الفلسطينية سياسياً، ونرفض أي اتهامات غير حقيقية ونعتبرها مضللة».
وأكدت الصحيفة إن تقويض «الأونروا» هو جزء من المسعى الأمريكي لفرض التسوية التي يجري العمل على تسويقها، خصوصاً أن إدارة ترامب أعلنت في أغسطس الماضي، وقف دعمها للوكالة في هذا الإطار.. وجرينبلات يستكمل المحاولة.