انطلقت صباح اليوم الخميس، الانتخابات الأوروبية فى كل من بريطانيا وهولندا، وتجرى وسط تصاعد اليمين المتطرف فى أنحاء القارة العجوز وتنام غير مسبوق للتيار المشكك فى جدوى الوحدة الأوروبية والاتحاد الأوروبي ذاته. ويستمر التصويت فى الجولة الأولى من الانتخابات حتى نهاية يوم الأحد 26 مايو.
وتفتح مراكز الاقتراع فى هولندا، تشير الاستطلاعات إلى تقدم حزب “منتدى الديمقراطية” المشكك فى الوحدة الأوروبية وفى النظريات المتعلقة بتبدل المناخ. ويؤيد زعيمه تيارى بوديه (36 عاما) الذي يتحدر من أصول فرنسية إندونيسية، أوروبا مغلقة في وجه الخارج.
وتشير آخر استطلاعات الرأى إلى أن هذا الحزب الذى يواجه خصوصا الليبراليين بقيادة رئيس الوزراء مارك روتي، سيفوز بما بين ثلاثة وخمسة مقاعد من أصل 26 مقعدا مخصصة لهولندا.
أما فى بريطانيا، فيبدأ التصويت فى أجواء تهيمن عليها قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، التى تشغل كل النقاشات السياسية منذ استفتاء يونيو 2016.
وكان يفترض أن تغادر بريطانيا الاتحاد فى 29 مارس. لكن في غياب دعم من النواب الذين رفضوا ثلاث مرات اتفاق الخروج الذي أبرمته في نوفمبرالماضي مع المفوضية الأوروبية، اضطرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لإرجاء موعد هذا الانسحاب إلى 31 أكتوبرعلى أبعد حد.
وتتنافس عدة أحزاب في بلدان الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرين على شغل مقاعد البرلمان، البالغ عددهم 751 مقعدًا، في أكبر عملية انتخاب غير وطنية تُجرى في العالم كل خمس سنوات.
وتنظم انتخابات البرلمان الأوروبي كل خمسة سنوات، ويقع مقره الرئيسي في مدينة ستراسبورغ شرق فرنسا.
ويعتبر البرلمان الأوروبي الذي أسس لأول مرة عام 1979 المشارك الأساسي في سن والمصادقة على قوانين الاتحاد الأوروبي، وممارسة السلطة التشريعية، كما يلعب دور الرقابة الديمقراطية في مواجهة مختلف مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ويمارس الإشراف السياسي أيضا على جميع مؤسسات التكتل. والإشراف على أعمال المجلس الأوروبي، والمصادقة على ترشيح المفوضين ويمتلك حق سحب الثقة من مجلس الاتحاد.
كما يشترك البرلمان مع المجلس الأوروبي في وضع الموازنة، ويمكنه أن يقوم بتغييرات تطال الانفاق العام للاتحاد، ويتمتع بالحق النهائي للمصداقة على الميزانية.
وينقسم النواب الأوروبيون داخل البرلمان إلى كتل برلمانية متباينة سياسيا أو أيدولوجيا، فهناك مجموعات تمثل اليمين الوسط، والاشتراكيين والخضر، وغيرها من القوى الفاعلة في بلدان الإتحاد الأوروبي، ويحق لأكبر كتلة سياسية تحصل على أعلى نسبة من الأصوات في العملية الانتخابية القادمة، اختيار الشخص الذي سيتبوأ منصب رئاسة المفوضية الأوروبية.
ويتحدد عدد تمثيل كل دولة في البرلمان وفقا لعدد سكانها، وتحظى ألمانيا بالعدد الأكبر من النواب، إذا تملك 96 مقعدا، تليها فرنسا بـ74 مقعدا، ثم إيطاليا وبريطانيا لكل منهما 73 مقعدا.
أما الدول الأقل حصولا على عدد مقاعد فهم قبرص ومالطا لكسمبورغ، حيث تحصل كل دولة منهما على 6 مقاعد فقط.
وتجرى الانتخابات إما على مستوى إقليمي أو وطني، ففي دول مثل بريطانيا وإيطاليا وبلجيكي تجرى الانتخابات على مستوى إقليمي، أما دول مثل فنلندا وفرنسا وإسبانيا والدنمارك والنمسا ولوكسمبورغ فتجري الانتخابات فيها على مستوى وطني، وتجرى الانتخابات في بعض الدول بطريقة تجمع ما بين الطريقتين كما في ألمانيا.
ومن أبرز الأحزاب المتنافسة في الانتخابات حزب الشعب الأوروبي بزعامة السياسي الألماني مانفريد ويبر، الذي يُعتبر من أبرز المرشحين لخلافة اللوكسمبورجي جان كلود يونكر في منصب رئيس المفوضية الأوروبية.
وينتمي حزب الشعب الأوروبي إلى تيار يمين الوسط، ويتبنى سياسات متحفظة تجاه الهجرة، وهو يطالب بتشديد الرقابة على الحدود، لكن في الوقت ذاته، يرفض خطاب اليمينيين الشعوبيين المناهضين للهجرة.
ويخوض ويبر حملته الانتخابية للبرلمان الأوروبي تحت شعار “يجب إعادة أوروبا للشعب”، ودائمًا ما وجه انتقادات للزعماء الأوروبيين على اعتمادهم على الطاقة الروسية.
ثاني أبرز التحالفات الانتخابية، هو تحالف أحزاب الخضر يتقدمه السياسية الألمانية سكا كلير، والهولندي باس إيكهوت. وتخوض كلير الانتخابات للمرة الثانية على التوالي بعد مشاركتها في انتخابات 2014 مرشحةً عن تحالف الخضر أيضًا، لكنها لم توفق في تلك الانتخابات.
وتتبنى كلير خطابًا يدعو ضمان عدم معاناة شعوب العالم جراء سياسات الاتحاد الأوروبي التجارية، كما أنها ترجب بتواجد المهاجرين في أوروبا، بصورةٍ قانونيةٍ.
ويتمتع تحالف أحزاب الخضر بحظوظٍ وفيرةٍ في انتخابات هذا العام، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيتصدر المشهد الانتخابي رفقة حزب الشعب الأوروبي.
وينشط حزب الخضر في عدة بلدان أوروبية على رأسها فرنسا وألمانيا والنمسا وهولندا والسويد، وتتبنى أيدلوجية سياسية داعمة للبيئة ومنهج سياسي يهتم بالطبيعة، ومعظم هذه الأحزاب تتبنى أيدلوجية سياسية اشتراكية يسارية، لكن بعضها له ميول لتيار الوسط ويمين الوسط، ويشتركون في النهاية في أرضية واحدة تتعلق بالحفاظ على البيئة.
ومع موجة صعود اليمين المتشدد، التي ضربت بعض بلدان أوروبا في السنوات الأخيرة، ارتأى للأحزاب اليمينية الشعبوية أن تتكل في تحالفٍ واحدٍ يضم أبرز 11 حزبًا سياسيًا، يتزعمهم نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني.
وأبرز الأحزاب اليمينية المنضوية تحت التحالف حزب الجبهة الوطنية الفرنسي وحزب البديل من أجل ألمانيا وحزب الحرية الهولندي، المعادي للإسلام، وحزب الحرية النمساوي، إضافةً إلى حزب رابطة الشمال، الذي يتزعمه ماتيو سالفيني.
وقالت ماريان لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية الفرنسي، خلال اجتماعٍ للتحالف اليميني في ميلانو، “قبل خمس سنوات، كنا في عزلة، لكننا اليوم ومع حلفائنا سنصبح أخيرًا في وضع يجعلنا نغير أوروبا”.
ومن جهته، أعرب نائب رئيس الوزراء الإيطالي سالفيني عن ثقته في أن تحالفه، سيفوز بعددٍ قياسي من المقاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي.
ولتفادي ذلك، دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى التصدي للأحزاب اليمينية المتطرفة، واعتبر أن الحركات الشعبوية تريد تدمير قيم أوروبا الأساسية مثل مكافحة الفساد وحماية الأقليات، حسب رأيها، وقالت في حقهم “إنهم يريدون تدمير أوروبا”.
رابع التحالفات الانتخابية، سيتمثل في تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا، الممثل لتيار الوسط، ويقوده جي فيرهوفشتات، ويضم حزب الجمهورية إلى الأمام الفرنسي، الذي ينتمى له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويتبنى التحالف خطابًا ينادي بالحفاظ على القيم الأوروبية مثل المساواة والديمقراطية، كما يدعو لمواجهة التيارات اليمينية الشعبوية، والتي يعتبرها تهدد المبادئ الأوروبية الأساسية.
ويخوض تحالف الليبراليين والديمقراطيين انتخابات هذا العام، وأعينهم منصبة نحو مواجهة كل أشكال العنصرية وبناء أوروبا أكثر ليبرالية
وبالنسبة لمعسكر اليسار، يتواجد تحالف الاشتراكيين الأوروبيين، الذي يقوده وزير الخارجية الهولندي السابق فرانس تيمرمانز، ويمثل التحالف تيار يسار الوسط.
ويعتبر التحالف هو أقوى تكتل يساري في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، ولديه حظوظٌ في الحصول على عددٍ مقبولٍ من المقاعد في البرلمان الأوروبي، تمكنه من المشاركة بصورةٍ حقيقةٍ في صنع القرار السياسي في الاتحاد الأوروبي عبر غرفته التشريعية.
ويتبنى الحزب سياسةً أكثر انفتاحًا وترحيبًا تجاه اللاجئين والمهاجرين، ويدعو الاتحاد الأوروبي سياسة مختلفة وعادلة تجاه اللاجئين والمهاجرين، تعتمد على مشاركة المسؤولية والتضامن بين الدول الأعضاء.
وإلى جانب هذه التحالفات، يوجد ثلاثة تحالفات أيضًا، ولكن بحظوظٍ أقل في الفوز بهذه الانتخابات، وعلى رأسها تحالف المحافظين والإصلاحيين، بزعامة السياسي التشيكي جان زهراديل، والذي يدعو إلى إصلاحات في هيكل الاتحاد الأوروبي بما يقلل من مركزيته، ويمنح المزيد من الصلاحيات للدول الأعضاء، كما يطالب بتبنى سياسات نقدية متعددة في التكتل الأوروبي.
سابع التحالفات هو تحالف أوروبا الحرة بزعامة الأسباني أوريل جونكيرس، نائب زعيم كتالونيا السابق، والذي يخوض غمار الانتخابات من خلف القضبان في إسبانيا، حيث يواجه تهمًا تتعلق بالتمرد.
وهناك تحالف يساري آخر، هو تحالف حزب اليسار الأوروبي المتحد واليسار الأخضر الشمالي بزعامة السلوفينية فيوليتا توميتش. ويدعو التحالف أوروبا لتبني سياسيات مناهضة للرأسمالية، كما يطالب بأوروبا خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
المصدر:وكالات