منذ بداية الحدث الدامي في كرايستشيرش بنيوزيلندا تصرفت رئيسة الوزراء جاسيندا آرديرن بشكل حازم وأظهرت أنها امرأة حديدية إلى جانب التعاطف والشفافية المطلقة.
فمن بين دماء أكثر من 50 شخاص تدفقت من المسجدين كالنهر، قدمت جاسيندا آرديرن للعالم رؤية أفضل، جاءت من أعلى السلطة، وأدت هذه الرؤية إلى اختفاء الورود من المحال في ويلنجتون، عاصمة نيوزيلندا.
كما جاءت من أفراد الشعب العاديين بحيث، جعلت حتى أكثر اللاعبين قسوة وخشونة في عالم الرياضة يظهرون مشاعر الحب والتعاطف.
الأهم من ذلك أن الناجين من مذبحة المسجدين أصبحوا أبطالا بشتى الطرق، فبعضهم ضحى بحياته من أجل نجاة الآخرين وحماية أرواحهم، بحسب ما ذكرت الصحفية الجارديان البريطانية، سوزان مور.
إلى جانب كل هذا، أظهرت رئيسة وزراء نيوزيلندا، البالغة من العمر 38 عاما فقط، جاسيندا آرديرن، للعالم كيف تكون عليه القيادة الحقيقية.
فهذه المرأة ظلت تعمل حتى لحظة ولادتها، واصطحبت وليدها الرضيع معها إلى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتحولت إلى شخصية عالمية شهيرة، وصارت تظهر على وسائل الإعلام في كثير من دول العالم، وتشارك في نقاشات وحوارات مختلفة، بحسب صحيفة الجارديان.
وبالنسبة إلى مور، قبل مذبحة كرايستشيرش، لم تظهر آرديرن أي بوادر صلابة، لكن بعد المذبحة المروعة، كشفت رئيسة وزراء نيوزيلندا عن الصفات التي تحدد وتعرف ماهيتها بصفتها زعيمة وقائدة، وأنها مستعدة لأن تكون صلبة وحاسمة وحازمة في أوقات الشدائد.
ومنذ البدايات الأولى للمذبحة، كانت آرديرن تتواصل مع كل الجهات المعنية، وتقدم للشعب النيوزيلندي كل ما يحتاجه من معلومات عن المذبحة أولا بأول، وعبرت عما يجيش في صدر أي شخص، عندما أعلنت بكل صراحة وقوة “إنهم نحن” في إشارتها إلى ضحايا المذبحة.
فهي لم تنبذ أبناء شعبها عموما، وإن كانوا مختلفين.. وإن كانوا يتبعون ديانة أخرى، كما ذكرت الجارديان.
وأوضحت أنه تم استهداف نيوزيلندا لأنها آمنة ولأنه لا يوجد مكان للكراهية أو التعصب أو التمييز العنصري، و”لأننا نمثل التنوع والطيبة والتعاطف.. ولأن بلادنا وطنا لأولئك الذين يشاركوننا قيمنا ولأنها ملاذ للمحتاجين”.
ووجهت آردرين كلامها إلى القتلة والإرهابيين قائلة “لقد اخترتمونا.. لكننا نرفضكم وندينكم”.
ولم تتأخر في التصرف ردا على جريمة السفاح الأسترالي، مرتكب مذبحة المسجدين برينتون تارنت، فسارعت إلى التعهد بتشديد قوانين السلاح، وهو ما فعلته خلال أقل من 72 ساعة على الجريمة البشعة.
كما سارعت إلى ضمان دفع تكاليف جنازات الضحايا وتقديم أي مساعدة مالية لمن تأثروا بالمذبحة.
ففي يوم الحادث، توجهت إلى كرايستشيرش، لكنها لم تكن وحيدة، فاصطحبت معها زعماء كل الأحزاب النيوزيلندية، ووقفت إلى جانب الزعماء المسلمين واحتضنت أهالي الضحايا، فأظهرت لهم الاحترام والتعاطف الحقيقي، فأبهرت العالم.
وواجهت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بصراحة متناهية عندما رفضت قوله بأن “الإرهاب اليميني لا يتزايد”، وقالت له “لا” مشددة على أن الإرهاب اليميني المتطرف يتزايد.
ورغم الحزن الذي ظهر على وجه رئيسة وزراء نيوزيلندا في الأيام القليلة الماضية، فإنه لم تظهر عليها أي بوادر خوف على الإطلاق.
لقد أظهرت جاسيندا آرديرن شكلا آخر من الإجماع الشعبي والعام، وتصرفت بقوة وبلا هوادة وعززت الوحدة بين جميع أفراد الشعب دون أن تتنازل عن المواقف المهمة، خصوصا فيما يتعلق بقوانين تشديد السلاح ورفض الإرهاب والإرهابيين، بصرف النظر عن معتقداتهم ولونهم.
المصدر: وكالات