أكدت صحيفة (لوس انجلوس تايمز) أن الإرهاب لا يعرف حدودا، وذلك تعليقا على الهجوم الدموي الذي استهدف مُصلّين في نيوزيلندا أمس الجمعة.
واقتحم رجل عشريني مسلحٌ مسجدين في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا، وفتح النار على حشد من المصلين من مسافة قريبة وقتل 49 إنسانا وبث المشهد على الإنترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في تغطية حية.
وقالت التايمز، في افتتاحيتها، إن عنصرية الجنس الأبيض تطل برأسها البغيض في نيوزيلندا. ورأت أن الأسئلة التي أثارها الحادث أكثر من الأجوبة حتى الآن؛ وأن هناك مَن سيقول لنا إن هذا الجاني مجنون؛ ولكن ملابسات الحادث تقول إن هذا الجاني جسّد عنصرية الجنس الأبيض العنيفة ونزعته إلى السيادة.
وأوضحت الصحيفة ما تعنيه بالملابسات، مشيرة إلى حِرص المهاجم على التسلح بأسلحة تشبه أسلحة المقاتلين؛ ورغبته – حسبما أفاد بيانه المحموم على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك – في إرسال رسالة مفادها أنه لم يعد ثمة مكانٌ آمن وحُرّ يلجأ إليه المهاجرون.
المفارقة في الأمر، بحسب التايمز، هي أن هذا المهاجم نفسه هو مهاجر استرالي المَولد وافدٌ إلى نيوزيلندا، إلا أنه لم يرَ الأمر على هذا النحو؛ وإنما رأى نفسه مدافعا عن ثقافة أوروبية في مواجهة مهاجرين مسلمين يمثلون خطرا على تلك الثقافة.
ونوهت الصحيفة عن أن ارتكاب الفظائع تحت راية سيادة الجنس الأبيض، ليس أمرا جديدا على العالم بشهادة التاريخ؛ فقد قتل هتلر خَلْقا كثيرين في أوروبا وشمال أفريقيا وكانت تحدوه على هذا الطريق آمالُ تشييد امبراطورية الجنس الآري.
ولفتت التايمز إلى أنه، وفي عصرنا الراهن، تعاني الولايات المتحدة هجمات إرهابية على أيدي متعصبين للجنس الأبيض أكثر مما تعانيه من هجمات ينفذها أجانب.
ونبهت الصحيفة إلى أن هذه النزعة العنصرية “آفة” لا تسترعي ما يكفي من الاهتمام؛ وتمنّتْ لو لاقى هجوم نيوزيلندا هذا وأمثاله أصداء عالمية.
ورأت التايمز أن الدعم الذي تحظى به أعمال القتل على مواقع التواصل الاجتماعي يعكس حقيقة أن القاتل العنصري أيضا له جمهوره على تلك المواقع، حيث يستطيع أي شخص بحوزته كاميرا ولديه حساب أن يعمل كمحطة بثّ عالمية.
وأيا ما يكن، فإن النزعة الكامنة وراء أعمال القتل ليست جديدة؛ كما أن الإصرار على التعبير العنيف عن سيادة عرق بعينه أو دين بعينه في القرن الحادي والعشرين يهزأ بأي ادعاء بأن العالم قطع أشواطا على طريق التحضر بعيدا عن همجية الأقدمين.
واختتمت الصحيفة قائلة: “إن متطرفين مسلمين يرتكبون فظائع، ومتطرفين مسيحيين يقترفون جرائم مروعة، ومتطرفين هندوسا وبوذيين يأتون أيضا فظائع وجرائم – ولكن كلمة واحدة تجمع بينهم هي “التطرف”، ليبقى قتلى نيوزيلندا الـ49 اليوم أحدث ضحايا هذه اللعنة البشرية القديمة”.