بقرارات ست وتعهدين أنهى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة جدلا استمر في الشارع الجزائري لقرابة الشهر بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة.
بوتفليقة الذي عاد أمس الأول الأحد من رحلة علاجية في سويسرا استمرت أسبوعين وأجرى خلالها فحوصات طبية روتينية حسبما أعلنت الرئاسة الجزائرية، أصدر مساء أمس الاثنين قرارات استجاب فيها لمطالب الشعب الجزائري الذي عبر عنها في تظاهرات في كل الولايات منذ 22 فبراير الماضي، كان أبرزها تأجيل الانتخابات الرئاسية وعدم ترشحه لفترة رئاسية خامسة وإجراء تعديلات حكومية واسعة.
القرارات التي أعلنها بوتفليقة في رسالته للشعب الجزائري تضمنت عدم الترشح لفترة خامسة والعمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد ، تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل استجابة للمطالب الشعبية، -إجراء تعديلات واسعة على الحكومة، وعقد مؤتمر وطني شامل وتكوين هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لإعداد واعتماد كل أنواع الاصلاحات التي ستشكل أساس النظام الجديد على أن يرأسه شخصية وطنية مستقلة، تَحظى بالقبول والخبرة، على أن ينهي المؤتمر عمله قبل نهاية عام 2019 مع عرض الدستور الذي يعده المؤتمر الوطني على الاستفتاء الشعبي، كما يتولى المؤتمر تحديد موعد تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية، وتنظيم الانتخابات الرئاسية عقب المؤتمر تحت الإشراف الحصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة، و تشكيل حكومة كفاءات وطنية، تتمتع بدعم المؤتمر الوطني .
وإضافة إلى القرارات السابقة تعهد بوتفليقة في رسالته للجزائريين بتعبئة مؤسسات الدولة وهياكلها من أجل الإسهام في النجاح التام لخطة العمل المعلن، كما تعهد بتسليم مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية.
وتمثل رسالة الرئيس بوتفليقة مخرجا لحالة الانسداد التي سادت الشارع السياسي الجزائري منذ أن أعلن بوتفليقة اعتزامه الترشح لفترة رئاسية خامسة في 10 فبراير الماضي، وتقديمه أوراق ترشحه رسميا في 3 مارس الجاري.
وجاء استقبال الرئيس بوتفليقة مساء اليوم للأخضر الإبراهيمي وزير الشؤون الخارجية الجزائري الأسبق والمبعوث الأممي السابق لسوريا، ليدعم ما ذكرته وسائل إعلام جزائرية من أن الإبراهيمي قد يكون هو الشخصية الوطنية المستقلة التي ترأس المؤتمر الوطني الشامل الذي دعا له بوتفليقة.
وجاء تنفيذ قرارات الرئيس بوتفليقة سريعا، إذ قدمت الحكومة برئاسة أحمد أويحيى استقالتها للرئيس بوتفليقة الذي كلف نور الدين بدوي وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية في الحكومة المستقيلة بتشكيل الحكومة الجديدة، وعين رمطان لعمامرة وزير الشؤون الخارجية الأسبق والدبلوماسي الجزائري المرموق في منصب نائب رئيس الوزراء وهو منصب مستحدث إضافة لتوليه وزارة الشؤون الخارجية في الحكومة الجديدة.
ويحظى نور الدين بدوي بثقة الرئيس بوتفليقة إذ يعد من أقدم الوزراء في الحكومة الجزائرية ، وبقي في الحكومة منذ 2013 حين كان وزيرا للتكوين والتعليم المهنيين حتى عام 2015، ليتولى بعدها منصب وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية منذ 2015 وحتى اليوم.
ويعرف عن بدوي تواضعه وحنكته في تسيير أعمال وزراته، وسبق أن طرح اسمه منذ 2017 لرئاسة الحكومة الجزائرية، نظرا لشعبيته وثقة بوتفليقة فيه.
كما قوبل تعيين لعمامرة نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للشؤون الخارجية بارتياح نظرا لما يعرف عنه بخبرته الدبلوماسية حيث عين سفيرا لبلاده في إثيوبيا وجيبوتي والولايات المتحدة ، ثم مندوبا للجزائر لدى الأمم المتحدة حتى عام 1996، كما شغل منصب أمين عام وزارة الخارجية الجزائرية بين عامي 2005 و2007.
وشغل لعمامرة منصب وزير الشؤون الخارجية بين عامي 2013 و2017، ويرى مراقبون أوروبيون أنه أعاد الدبلوماسية الجزائرية إلى الواجهة خلال فترة توليه وزارة الخارجية، وأسهم في تحسين صورتها، خاصة أنه يعتبر من أبرز الدبلوماسيين في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، لتخصصه في مجال الوساطة الدولية لحل النزاعات.
ومنذ 14 فبراير الماضي يتولى لعمامرة منصب وزير دولة ومستشارا دبلوماسيا في الرئاسة الجزائرية، قبل أن يعين اليوم نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للشؤون الخارجية.
ورغم عدم صدور أي ردود فعل من أحزاب المعارضة الجزائرية، إلا أن الشارع الجزائري أعلن عن ترحيبه على الفور بتلك القرارات، وخرجت مظاهرات حاشدة في الجزائر العاصمة وعدد من الولايات الجزائرية ترحيبا بتلك القرارات .
وفي العاصمة الجزائرية، تجمع الآلاف في ساحة البريد المركزي بوسط العاصمة رافعين الأعلام الجزائرية وأطلقوا أبواق السيارات مرددين هتافات مؤيدة للقرارات التي أعلنها الرئيس بوتفليقة .
المصدر : أ ش أ