لم يكن عبثًا الاهتمام العالمي بفعاليات مؤتمر ميونخ للأمن هذا العام، الذي تحتضنه ألمانيا على مدار الأيام الثلاثة المقبلة، حيث يأتي توقيت عقده، متزامنًا مع توقيت عقد مؤتمرين آخرين هما مؤتمر وارسو الذي ترعاه أمريكا وإسرائيل وتوجهه لتنفيذ استراتيجية السلام الأمريكية في الشرق الأوسط المعروفة باسم صفقة القرن، فضلاً عن اتخاذ خطوات على هامشه ضد إيران، بالإضافة إلى مؤتمر سوتشي الذي يعقد بين روسيا وتركيا وإيران حول الأوضاع في سوريا.
ويأتي الزخم الذي اكتسبه مؤتمر ميونيخ للأمن، لكونه يعد الأقدم والذي يحظى بثقة المجتمع الدولي، لأن المؤتمرات الأخرى وارسو وسوتشي تكرسان لأهداف أخرى تحقق مصالح بعض الدول أو القوى الإقليمية والدولية، بينما يكرس ميونخ جهوده منذ انطلاقه عام 1963 لتحقيق السلم والأمن العالميين.
مؤتمر ميونيخ للأمن يُعد منصة فريدة في العالم للنخب الدولية في السياسة الأمنية، وليس هناك مكان آخر في العالم يجمع هذا العدد من ممثلي الحكومات وخبراء الأمن، لدرجة أنها في تصنيفها الجديد وضعت جامعة بنسيلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية المؤتمر للمرة الرابعة على التوالي في مرتبة أهم مؤتمر في العالم، والمؤتمر هو بوتقة للتواصل بين الفاعلين السياسيين للتعارف وتبادل وجهات النظر ولرسم الخطوط الحمراء.
ويأتي تبني ألمانيا للمؤتمر، كجزء من التزاماتها تجاه المجتمع الدولي في إطار الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انطلق عام 1963 كأحد وسائل التقريب بين وجهات نظر كبار القادة في العالم لتفادى نشوب حروب عالمية جديدة، وبالرغم من تغير اسم المؤتمر على مدار العقود الماضية عدة مرات حتى استقر على اسمه الراهن، إلا أن الهدف من المؤتمر لم يتغير وإنما تطور المؤتمر حتى ارتفع عدد المشاركين به من 60 شخصًا عام 1963، أبرزهم هنرى كيسينجر وهيلموت شميتد، إلى أن وصل في الدورة الـ55 للمؤتمر عام 2019 إلى ما يقرب من 700 مشارك من كبار المسئولين الذين يمثلون 70 دولة و1200 صحفي.
فاق مؤتمر ميونيخ للأمن فى أهميته مؤتمر دافوس الاقتصادى، وأصبح أهم مؤتمر دولى للأمن فى العالم يشارك به رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية والوزراء وأعضاء البرلمان والممثلون رفيعو المستوى للقوات المسلحة والمجتمع المدنى بالإضافة إلى ممثلى دوائر الأعمال ووسائل الإعلام.
ويرأس المؤتمر منذ عام 2009 الدبلوماسي الألماني السابق، وسفير ألمانيا الأسبق في واشنطن، “فولفجانج إيشينجر”، الذي حوَّل المؤتمر لمنظمة غير هادفة للربح منذ 2011 يتولى رئاستها منذ ذلك الوقت، بهدف معالجة القضايا الأمنية ومناقشة وتحليل التحديات الأمنية الرئيسية الحالية والمستقبلية من خلال المناقشة وتبادل الآراء حول تطوير العلاقات عبر الأطلنطي وكذلك الأمن الأوروبي والعالمي، ويتم تنظيم المؤتمر كحدثٍ خاص غير رسمى دون اتخاذ قرارات حكومية مُلزمة ولا يصدر عنه بيان نهائى مشترك.
المصدر:وكالات