“تعزيز قُدرات القارة الإفريقية الصناعية وتطوير منظومة الاقتصاد، وتنويع مصادر الطاقة، والعمل على الحد من الآثار الضارة لظاهرة تغير المُناخ” جميعها أهداف وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال رئاسته لقمة الاتحاد الإفريقى لتحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030 وأهداف أجندة 2063 الإفريقية.
خطة الرئيس السيسى الرامية إلى خلق بيئة متوازنة داخل القارة السمراء، لا تزال هى المحور الرئيسى فى تقدم الدول، خصوصا بعد نجاح المجتمع الغربى فى تطبيقها، سواء على مستوى “التنوع فى مصادر الطاقة أو كيفية الحد من تغير المناخ”.
ويسعى السيسى خلال رئاسته للاتحاد الإفريقى إلى العمل على إيجاد آلية مناسبة، يمكن من خلالها مكافحة تغير المناخ، والذى أثّر على السياسات البيئية لأمريكا والاتحاد الأوروبى، نتيجة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى.
وحينما وجَه الرئيس بوصلته نحو الغرب، وجد أن الاتحاد الأوروبى وضع استراتيجية بيئية تتضمن تخفيض 30% من انبعاثاته بحلول العام 2020 والتحول من استخدام النفط إلى الغاز الطبيعى، وتنفيذ كفاءة استخدام الطاقة.
معوقات إفريقيا
التجربة العملية التى تتناولها أوروبا حاليا، كانت محور اهتمام الرئيس السيسى، لا سيما فى ظل المعوقات التى تواجه القارة السمراء من بداية من ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات أكبر بكثير من الطبيعى، للتأقلم مع التغير المناخى.
الحلول الاستراتيجية التى تحدث عنها الرئيس السيسى فى عدة مناسبات ارتكزت على كيفية العمل على خفض الانبعاثات، باعتبارها أفضل الطرق لتجنب تكاليف التكيف المعوقة لإفريقيا.
ويبدو أن الموارد المحلية فى القارة السمراء غير كافية للاستجابة للتأثيرات المتوقعة من تغير المناخ، إلا أنه من الضرورى دفع المجتمع الدولى على استكمال تمويله للبلدان الإفريقية، للتكيف مع التحديات.
ومن هذا المنطلق، يعتزم الرئيس السيسى الاستثمار فى القارة كجزء من التخطيط للتنمية الوطنية، والذى من شأنه المساهمة فى تطوير القدرة على التكيف مع آثار تغير المناخ مستقبليا.
مخاوف الرئيس السيسى من تغير المناخ، جاءت فى ظل تيقنه تماما بأن إفريقيا هى القارة المتوقع حدوث تغير المناخ فيها بشكل أسرع من الطبيعى، مقارنة بأى قارة أو دولة أخرى، خصوصا أن مناطق واسعة من القارة السمراء، سوف يتجاوز ارتفاع الحرارة فيها خلال العقدين الأخيرين من القرن الحالى، ما يؤثر بشكل كبير على الإنتاج الزراعى والأمن الغذائى وصحة الإنسان وتوافر المياه.
أضف إلى ذلك مخاوف أيضا من ارتفاع منسوب مياه البحر بشكل أسرع من المتوسط العالمى ليتخطى المستويات الحالية بـ80 سنتيمترا بحلول عام 2100، يصاحب ذلك ارتفاعا كبيرا فى عدد الأشخاص المعرضين لخطر الفيضانات خصوصا فى المدن الساحلية مثل “موزمبيق، تنزانيا، الكاميرون، مصر، السنغال والمغرب”.
وفيما يتعلق بتنوع مصادر الطاقة، فهناك حاجة ملحة أيضا إلى مواجهة المشاكل المزمنة الناتجة نتيجة الاعتماد على موارد محددة دون غيرها فى مصادر الطاقة.
الرئيس السيسى شدد فى كلمته بقمة الاتحاد الإفريقى، على ضرورة اللجوء إلى بدائل للطاقة من أجل إشباع احتياجات الدولة، والمواطن على رأسها.
الحلول الذى يتحدث عنها الرئيس السيسى، كشف عنها فى كثير من لقاءاته الخارجية مع الأشقاء الأفارقة، حيث دعا إلى استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، خصوصا فى المناطق الصحراوية.
لم يقتصر الأمر عند ذلك، بل أعطى الرئيس السيسى أمثلة عديدة على تقدم المجتمعات الغربية فى مجال تنوع مصادر الطاقة، ومثال على ذلك، الولايات المتحدة، والتى تعد من أكثر دول العالم استثمارا فى مجال الطاقات المتجددة يليها ألمانيا ثم الصين والهند فبريطانيا وإسبانيا.
دعوات الرئيس السيسى للجوء إلى الطاقة المتجددة والبديلة، هى فى مضمونها دليل قوى على نجاح التجارب السابقة فى دول العالم من الناحيتين التقنية والاقتصادية.
وخير دليل على ذلك، “تعتبر ألمانيا اليوم من الدول الرائدة فى الطاقات المتجددة وتغطى 15% من حاجتها الكهربائية من مصادر طاقة متنوعة، تشمل الرياح، الشمس، والكتل الحيوية”.
أما بريطانيا فلديها تجربة ناجحة فى إنتاج الكهرباء بواسطة التوربينات الهوائية، والطاقة الكهربائية الإجمالية المنتجة بهذه التقنية، والتى تكفى نحو مليونى منزل.
ومن المهم الإشارة إلى أن نجاح هذه التجربة من الناحية الاقتصادية سيكسر حاجز استحواذ الدول الزراعية على تقنية الوقود الحيوى ويفتح الباب على مصراعيه لاستيراد وتصدير الكتل الحيوية حول العالم، وهو الأمر الذى يشجع عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى بالنسبة لمستقبل القارة السمراء.
موارد اقتصادية
السؤال هنا.. هل تمتلك القارة السمراء موارد حول الطاقة؟
رغم معاناة دول إفريقية عديدة من أزمات متعلقة بالطاقة، تظهر بشكل مستمر بانقطاع الكهرباء فى عدد من الدول مثل الكاميرون، بنين، كوت ديفوار ومدغشقر، وغيرها، إلا أن هناك مصادر من الطاقة لم تحصل على اهتمام كافٍ.
النفط الثقيل
أولا: النفط الثقيل بمدغشقر
على الرغم أن نفط مدغشقر الثقيل غير متناول نسبيا فى الحديث العالمى، فقد بات محل فضول كبير، حيث تهتم اليابان اهتماما كبيرا بمدغشقر ونفطها، وهو ما يمثل تهديدا نتيجة سلب النظام البيئى الذى أوشك على النفاد.
ثانيا: رمال القطران بجمهورية الكونغو
تعد طبقات “رمال القار- القطران” مصدرًا مهما للنفط الخام المُعالج، ورغم ذلك يصعب استغلالها بسبب ما لها من تأثير على البيئة، إضافة إلى أنها أكثر وسيلة لإنتاج النفط تكلفة وتطلبا للطاقة وإحداثا للتلوث.
حيث يتكلف استخلاص برميل واحد من زيت القار 5 براميل من الماء، وينتج غازات مسببة للاحتباس الحرارى أكثر 5 مرات من النفط العادى.
طواحين الهواء
ثالثا: طواحين الهواء فى الرأس الأخضر – كاب فيردى
تعتبر جزر الرأس الأخضر هى مقر أكبر حقل لطواحين الهواء بإفريقيا، ويمكن لمعدات إنتاج الكهرباء فى 4 من الجزر أن تؤدى إلى أكبر إمداد كهربى ناتج عن طاقة الرياح فى العالم.
رابعا: الحرارة الجوفية بمنطقة الوادى المتصدع
تمتلك شمال إفريقيا والدول العربية الإفريقية العديد من المصادر غير المستغلة أهمها الطاقة الشمسية، حيث إن كثافة أشعة الشمس وشدتها فى صحراء شمال إفريقيا تتيح إمكانات هائلة فيما يتعلق بتوليد الطاقة الكهربائية، لذلك تُعد عملية تحويل الطاقة عبر محطات توليد الطاقة الشمسية الحرارية مُبشرة للغاية.
حلول عملية
كشف الخبير العالمى ريتشارد شومبرج، مدير اللجنة الكهروتقنية الدولية، عن مشروع مهم تعمل عليه اللجنة الدولية، ويعد من أكبر المشروعات التى يمكن أن تساهم فى حل مشاكل ندرة الطاقة بالمدن والعواصم الإفريقية.
وأشار شومبرج إلى أن هذا المشروع يمكنه توفير خدمات كهربائية عالية الجودة بتكلفة معقولة، كما يتيح للدول الإفريقية إمكانية الاستفادة القصوى مما هو متاح من مصادر للطاقات المتجددة كالرياح والطاقة الشمسية.
وأضاف أن الشبكات الذكية تأتى كأفضل الحلول لتوفير الكهرباء طبقا للمعايير الدولية والتى تشكل العنصر الأكبر لتحقيق النجاح فى مجال توليد الطاقة على مستوى العالم، خاصة فى الدول التى تعانى من مشاكل فى نقص الطاقة.
المسؤول الدولى لفت إلى أهمية مشروع تحسين كفاءة الطاقة بزيادة معدلات الاعتماد على الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة، وخفض معدلات الانبعاث الحرارى.