شهد عام 2018 تواصلا لاستمرار عبث الإنسان بالبيئة المحيطة به، ما أدى إلى تغير توزيع الظواهر المناخية، فكان أثره ملحوظا على جميع دول العالم دون استثناء، حيث لا تعترف التغيرات المناخية بالحدود الجغرافية، وبات تهديدها للبشر وللاقتصاد العالمي، ولمواردهم الغذائية مما يتطلب اتخاذ إجراء فوري.
وتؤكد توقعات العلماء أنه لايزال هناك ما يقرب من 20 عاما قبل أن تصبح السيطرة علي الأحوال المناخية أمرا مستحيلا، وأن الإنسان يمكنه تجاوز مخاطر التغيرات المناخية إذا تم تحجيم الانبعاثات العالمية من غازات الاحتباس الحراري، ثاني أكسيد الكربون، الغاز المتهم الأول في ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تجاوز تركيزه 410 أجزاء في المليون خلال شهر أبريل الماضي، وهو أعلى مستوى في 800 ألف عام، وبلغ متوسط درجات الحرارة السطحية العالمية 1.2 درجة مئوية، أعلى مما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، والتقدير العلمي المتفق عليه من قبل
العلماء في الولايات المتحدة، هو أن أقصى زيادة في درجة الحرارة التي ستحد من مخاطر تغير المناخ هي درجتان مئويتان.
ويسمى ثاني أكسيد الكربون بغاز الاحتباس الحراري، وهو الأكثر انتشارا بين جميع الغازات الدفيئة التي تنتجها الأنشطة البشرية، والتي تعزي إلي حرق الوقود الأحفوري، ويحذر العلماء من أن ارتفاع مستويات هذا الغاز في الجو سيؤدي إلي عشرات آلاف الوفيات سنويا، وله تأثيرات ضارة علي الصحة العقلية للإنسان، إلى جانب ارتفاع منسوب البحار والمحيطات، ويتسبب في ارتفاع درجات الحرارة.
وما يدعو للقلق هو المصاعب والتحديات الجسيمة التي تواجهها الدول الفقيرة والنامية في أفريقيا وآسيا جراء التغير المناخي، حيث تسدد تلك الدول فاتورة تقدم الدول الكبرى التي تنتهك التوازن البيئي لتحقيق الرفاهية لشعوبها على حساب دول عاجزة عن وقف زحف التغير المناخي متسببا في حدوث كوارث تضاعفت وتيرتها في السنوات الأخيرة بسبب الاحتباس الحراري وارتفاع درجة الأرض، مما يهدد مئات الآلاف من الأشخاص في الدول الفقيرة بالنزوح عن مناطقهم بسبب العواصف والفيضانات والجفاف.
العديد من الدول الكبرى تتحمل مسئولية انبعاث أكثر من 40 في المائة من الانبعاثات العالمية من الغازات الدفيئة بما في ذلك الصين والولايات المتحدة، وقد بدأت تأثيرات تغير المناخ في الظهور بوضوح، حيث شهد القرن الحالي صيفا ساخنا وشتاء قارسا، وسجلت 17 عاما من الـ 18 عاما الأولى منه ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة، فكانت الأكثر حرارة منذ اختراع مقياس الحرارة، وفي فصل الشتاء الماضي، قفزت درجات الحرارة في أجزاء من القطب الشمالي إلى 25 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي.
كما ضربت موجة الحر كندا خلال العام الحالي،واضعة الحكومة الكندية أمام خطر حقيقي لظاهرة التغير المناخي الذي يعتقد العلماء أنه سيفاقم من حدة الكوارث الطبيعية وسيضاعف من احتمال حدوثها، وطال التغير المناخي الولايات المتحدة الأمريكية مطلع العام الحالي، عقب الانهيارات الطينية التي دمرت أجزاء من مقاطعة “سانتا باربرا” في ولاية كاليفورنيا وارتفع عدد القتلى إلى أكثر من 20 شخصا، وفي هاواي، أعلنت السلطات أن المئات من منازل الجزيرة دمرت جراء الحمم التي قذفها بركان كيلويا أنشط براكين العالم.
ومع ارتفاع درجات الحرارة، سيتغير توزيع الظواهر المناخية ، فالفيضانات التي كانت تحدث مرة واحدة كل 100 عام ستحدث كل 50 أو كل 20 عاما فقط ، وسيؤدي ارتفاع مستوى البحار والعواصف العاتية والفيضانات الجارفة والمتكررة إلي جعل بعض الدول غير صالحة للسكن، تهديدات عالمية تتطلب تعاونا دوليا قويا.. إذا واجهت الإنسانية هذه المشكلة بنجاح، فسيكون ذلك بسبب تعاون القادة في هذا الهدف المشترك ، وسيتعين علي الصين والولايات المتحدة العمل بشكل وثيق، وسيكون على جميع الأطراف الفاعلة الأخرى، مثل الشركات الخاصة، والمنظمات غير الحكومية، القيام بدورها.
كما سيؤدي تغير المناخ، من خلال ارتفاع درجات الحرارة وتحول أنماط هطول الأمطار، إلى إخضاع بعض المناطق إلى عدم كفاية الأمطار وعدم انتظامها، ما يترتب عليه نقص في المياه لتلبية الاحتياجات البشرية، وسيؤدي إلى توترات دولية أكثر حدة، والطرق التي تواجه بها الدول لآثار تغير المناخ قد تكون في بعض الأحيان أكثر أهمية من الآثار نفسها.
المصدر : أ ش أ