عصر المدن الذكية والتحول الرقمى كانا سيدا الموقف عام ٢٠١٨ فى مصر ، وسمة من سماته البارزة ، باعتبارهما الطريق الصحيح لبناء دولة حديثة يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسى والحكومة فى إرساء دعائمها للحاق بركب التنمية العالمية ، مستهدفين توفير مستقبل واعد للجيل الحالى والأجيال القادمة ، مستقبل يحقق آمال المصريين ويتواكب مع التقدم العلمى المذهل فى تكنولوجيا المعلومات والإتصالات والاستفادة مما تتيحه من تيسيرات.
فالتكنولوجيا الحديثة هى الحل فى تسهيل الخدمات ومواجهة الروتين والفساد، لذلك اتجهت الدولة إلى العمل على تطبيق نظام الميكنة الحكومية أو الخدمات الحكومية الإلكترونية ، التى تتضمن خدمات المرور والتوثيق والشهر العقارى والتنسيق الالكترونى للطلاب ، إلى جانب خدمات أخرى مثل استخراج الأوراق المهمة للمواطنين من بطاقات الرقم القومى وشهادات الميلاد ووثائق الوفاة وغيرها من المستندات والأوراق التى تستغرق وقتا طويلا فى استخراجها.
ويعد “التحول الرقمي” من أبرز الملفات التي طرحتها الحكومة خلال الفترة الماضية بهدف تقديم خدمات متميزة للمواطنين من خلال معاملات إلكترونية توفر الوقت والجهد وتسهم في القضاء على الفساد، وذلك تحت مظلة مشروع “التحول لمجتمع رقمي “، الذى يهدف إلى إتاحة الخدمات الرقمية بطرق بسيطة، وتكلفة ملائمة في أي وقت وأي مكان لجميع المؤسسات والمواطنين من خلال تطوير منظومة رقمية متكاملة مؤمنة على المستوى القومي، وتحفيز الصناعات الرقمية عبر جذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل عن طريق دعم وتنمية الصناعة الرقمية والإبداع التكنولوجي، وإنشاء ممر مصر الرقمي لضمان تحقيق الاستغلال الأمثل لموقع مصر الجغرافي لتصبح مركزا عالميا لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ويعد أمن المعلومات أحد أهم العوامل لضمان تحقيق هذا التحول وتعزيز منظومة الشمول المالي، والتي تعمل عليها الحكومة حاليا ، وستضطلع كل وزارة بالمهمة المنوطة إليها في هذا المضمار تنفيذا لبرنامج “مصر تنطلق” لتحقيق غد أفضل.
والمجتمع الرقمي هو المجتمع الحديث المتطور الذي يتشكل نتيجة لاعتماد ودمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنزل والعمل والتعليم والترفيه، ولا تنفصل في هذا المجتمع الثقافة والتجارة، وهو مجتمع ينمو ويزدهر اقتصاديا ، وحرص الحكومة على التحول لمجتمع رقمى يحتاج لآليات متمثلة في الشمول المالي والحكومة الإلكترونية والحوكمة والاقتصاد غير النقدي، وتوافر بيانات ومعلومات صحيحة ودقيقة عن المواطنين، سواء عن الاستهلاك والدخل والتعداد السكاني والطلب والعرض على السلع والخدمات في السوق، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية والسياسية.
أحدث تقنيات الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى العاصمة الإدارية الجديدة وإنشاء وتطوير المنظومة الرقمية والبنية المعلوماتية التحتية بها وخطة التحول إلى الحكومة الرقمية وميكنة أعمال الحكومة ، شهدت تقدما كبيرا فى عام ٢٠١٨ المقبل على الرحيل ، حيث تواصلت الأعمال الإنشائية فى العاصمة الإدارية الجديدة ، واكتملت الاستعدادات للدخول للمجتمع الرقمى بأحدث تقنياته ، وتطبيق أحدث تقنيات الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى العاصمة الإدارية الجديدة يزكى مصر لدخول عصر المدن الذكية فى العالم ، والمدينة الذكية هو مصطلح شامل لوسائل تطوير بهدف دعم مدينة وإدارتها بطريقة حسنة بتقنية جديدة بحيث تتحسن ظروفها الاجتماعية في ظل حماية البيئة ، وتلك الأفكار والوسائل تتضمن تجديدات تكنولوجية واقتصادية واجتماعية ، ويقترن هذا أيضا في بناء المدن الجديدة وإدارة خدماتها من كهرباء وإضاءة ومياه وتدفئة ومواصلات واتصالات الكترونيا.
ويتواصل العمل حاليا فى العاصمة الإدارية الجديدة المرشحة لتكون أول مدينة ذكية فى مصر ، ويتولى قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات مهمة إنشاء البنية الرقمية والمعلوماتية بها، بحيث تكون بوابة دخول مصر عصر المدن الذكية التى تعتمد على تطبيقات المجتمع الرقمى وأحدث تقنيات الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى أعمال إدارة وتشغيل المرافق والخدمات بما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين وتلبية احتياجاتهم الإقتصادية والإجتماعية والبيئية والثقافية والأمنية ، فضلا عن تقليل تكاليف التشغيل والصيانة وترشيد الإستهلاك.
رفع ثقافة المواطن التكنولوجية، واستحداث منبر لنشر ثقافة الأمن المعلوماتي والتعامل السليم مع التكنولوجيا ، ضرورة حتمية لتسيير التعامل مع أدوات ومفردات تكنولوجيا العصر ، حيث يستلزم التحول الرقمي رفع مستوى التوعية لدى المواطن، من خلال التحول الإلكترونى للتعليم وتنظيم اللقاءات الشبابية والتوعية الكافية، ورفع كفاءة العاملين بالوظائف القيادية ومتخذي القرار للتعامل السليم مع التكنولوجيا، واتباع المعايير الأمنية لها.
وتنفذ مصر حاليا ” استراتيجية ديجيتال إيجبت ” للتحول الرقمى ، تتضمن عددا من المشروعات الكبيرة يتم تنفيذها فى الوقت الحالى، لتحقيق التحول نحو المجتمع الرقمى وتطوير البنية التكنولوجية للحكومة المصرية، والعمل على تكامل قواعد البيانات وتحديثها وتنقيحها ، وتنفيذ مشروع تكامل قواعد البيانات القومية، والمشروعات التى تستهدف رفع كفاءة الخدمات الحكومية للمواطنين باستخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل الخدمات الصحية والتعليمية، كما سيتم العمل على التوسع فى نشر مراكز تكنولوجية متكاملة لخدمة المواطنين.
وتستند الاستراتيجية إلى مجموعة من المشروعات الكبرى التى تهدف إلى النهوض بالصناعات التكنولوجية من خلال انشاء 10 مصانع لتصنيع الالكترونيات بهدف تلبية احتياجات السوق المحلى والتوسع فى أسواق عالمية جديدة، فضلا عن تنمية الصادرات التكنولوجية وإعداد البيئة الملائمة لجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال توقيع مجموعة كبيرة من اتفاقيات التعاون مع العديد من الدول ، مستهدفة نشر المناطق التكنولوجية فى عدد من المحافظات، ودعمها بالبنية التحتية اللازمة لكى تكون معدة لاستقبال كافة الأنشطة الخاصة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وما يرتبط بها من أنشطة خدمية وإنتاجية.
والعمل على إصدار قوانين الجريمة المعلوماتية، وحماية البيانات الشخصية، وحرية تداول المعلومات والتى تعد تشريعات ذات أهمية شديدة لجذب الاستثمارات العالمية ، ووضع مصر على خريطة صناعة مراكز البيانات الضخمة من خلال العمل على استضافة 5 مراكز للبيانات العملاقة العالمية، خاصة وأن مصر تمتلك ميزات تنافسية كبرى تؤهلها لتكون مركزا اقليميا لمراكز البيانات.
وتتضمن الاستراتيجية كذلك عددا من المشروعات التى تهدف إلى تحقيق الشمول المالي باعتباره هدفا استراتيجيا للدولة من خلال تشجيع التجارة الإلكترونية، وتحفيز المدفوعات الإلكترونية ، واستكمال العمل فى مبادرة رواد تكنولوجيا المستقبل التى تحولت خلال عامين فقط منذ إطلاقها فى 2015 إلى برنامج متكامل يضم تحت مظلته العديد من البرامج المقدمة ، وتأهيل كوادر احترافية للعمل فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال توفير التدريب فى التخصصات التكنولوجية الداعمة لتنمية صناعة الالكترونيات وغيرها من تخصصات تكنولوجية تستهدف بالدرجة الأولى تلبية احتياجات التوجهات القومية، فضلا عن تدريب طلاب المدارس على أساسيات البرمجة باعتبارها لغة المستقبل.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )