اعتبارا من الأول من يناير المقبل، ستدخل 5 دول جديدة إلى مجلس الأمن الدولى لتشغل مقاعدها لمدة عامين، بينها القوى الإقليمية الثلاث ألمانيا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا، بينما لا يمكن التكهن بما إذا كان التغيير على رأس البعثة الأمريكية سيجعل التفاهمات مع الولايات المتحدة أسهل حول العديد من القضايا والأزمات الدولية، فيما ستغادر «نجمة» مجلس الأمن نيكى هايلى مقعدها، لتحل محلها الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، سفيرة للولايات المتحدة فى الأمم المتحدة.
وقال ريتشارد جوان من جامعة الأمم المتحدة لوكالة «فرانس برس»، إن «عددا كبيرا من الدبلوماسيين يركزون على استبدال السفيرة الأمريكية فى المجلس»، وأضاف «أن كثيرين يخشون أن تتبنى نويرت خطا أكثر تشددا من نيكى هايلى فى مبدأ (أمريكا أولا)، الذى يتبناه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب»، وهو ما أثار معارك سياسية ودبلوماسية وحربا تجارية بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين وخصومها الدوليين وبخاصة الصين.
وأشار دبلوماسى غربى، لم يذكر اسمه، إلى أن «أمريكا أطلقت العنان» لتطبيق مبدئها من سياسة «الأحادية» إلى «الانعزالية»، معبرا عن تخوفه من أن تصبح الأمم المتحدة هدفا لهذا التصلب الأمريكى، وكان مجلس الأمن الدولى أخفق بشأن سوريا، بسبب الفيتو الروسى، لكنه بدا متحدا فى 2017 عندما أقر سلسلة من العقوبات ضد كوريا الشمالية، وكان الانقسام الذى هيمن على المجلس سمة عام 2018. وقال دبلوماسى آخر لم يذكر اسمه، إن «المناقشات تجرى بحدة فى أغلب الأحيان، لم يعد هناك سعى إلى تفاهمات، لم يعد أحد يصغى، عمليات التصويت الإجرائية تتوالى والمواقف تتسم بالاستقطاب». وذكر سفير فى الأمم المتحدة، طالبا عدم كشف هويته، أن المجلس رأى فى نهاية 2018 بشأن اليمن، الولايات المتحدة تهدد باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد نص تقدمت به بريطانيا أقرب حليفة لها، فى حادثة لم تكشف، لكنها شكلت صدمة للندن. وفى العلن، تبدو اللهجة لاذعة، إذ قال السفير الروسى بالمجلس، فاسيلى نيبينزيا، خلال دورة عن أفريقيا الوسطى: «لا سعى إلى تسوية، إنها ليست المرة الأولى التى يقال لنا فيها (إنه أمر غير قابل للنقاش)»، وتعتبر موسكو أن مشاكل مجلس الأمن ناجمة عن «حاملى الأقلام المحتكرين من قبل الثلاثى» الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، التى تعود إليها تقليديا ومن أجل مصالحها العديد من القرارات التى يجب صياغتها حول النزاعات فى العالم.
ولم تخف بوليفيا أيضا غضبها، وقال مندوبها «نطالب بأن نؤخذ بجدية»، منتقدا «غياب الشفافية والاحترام» فى المفاوضات التى سادتها الفوضى حول إرسال مراقبين دوليين إلى اليمن، كما يتساءل مراقبون عن إمكانية تحقيق الانسجام فى المجلس مع دخول ألمانيا وجنوب أفريقيا، وهما دولتان مرشحتان للحصول على مقعد دائم على الأمد، أو إندونيسيا، ومعها بلجيكا وجمهورية الدومينيكان، وستحل هذه الدول محل السويد وكازاخستان وإثيوبيا وهولندا وبوليفيا.
ومع انتشار حوالى 100 ألف من جنود حفظ السلام فى عدد من مناطق النزاعات، تواجه الأمم المتحدة تحديات كبرى، لكن يصعب تحقيق السلام بمجلس أمن وصفه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، نفسه بأنه «منقسم اليوم أكثر من أى وقت مضى».
وقال دبلوماسى سويدى على وشك الرحيل، إن الانقسامات هى نفسها فى الاجتماعات العلنية والمغلقة على حد سواء. وللمرة الأولى، تفاهمت الدول الأعضاء الخمس الجديدة مع الدول الخمس الأخرى غير الدائمة العضوية (بولندا والبيرو والكويت وغينيا الاستوائية وساحل العاج) لتقاسم رئاسات اللجان وتقديم اللائحة إلى «مجموعة الخمس»، أى الدول الخمس الدائمة العضوية (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين)، وقال دبلوماسى غربى إن الدول العشر غير الدائمة العضوية «لن تحقق توازنا مع مجموعة الخمس، لكن يمكنها لعب دور ما». وفى ما يعكس رمزيا رفضها لبنية موروثة عن مرحلة ما بعد الحرب ولم تعد تلائم عالم اليوم، لا تريد الدول الخمس الأعضاء الجديدة أن تسمى «أعضاء غير دائمين»، بل «أعضاء منتخبين»، ومع دخول ألمانيا يمكنها أن تتعاون مع فرنسا للتعاون الوثيق ليظهرا أنه ما زال لأوروبا وزن تعددى على الرغم من انسحاب بريطانيا» من الاتحاد الأوروبى.
المصدر:وكالات