قالت صحيفة (الشرق الأوسط) في عددها الصادر اليوم الاثنين: إنه بعد أن تدهورت الأوضاع الاقتصادية في لبنان، وازدياد أحوال الفلسطينيين صعوبة، بدأ اللاجئون الفلسطينيون في البلاد بالهجرة إلى أوروبا.
ونقلت الصحيفة عن القيادي في حركة فتح منير المقدح، أنه تم تسجيل هجرة 1500 فلسطيني خلال الأشهر الستة الماضية، فيما أفاد مصدر آخر بمغادرة نحو 4000 عائلة فلسطينية ما بين عامي 2017 و2018.
وقالت: “لعل نتائج التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، الذي أنجزته إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في عام 2017، الذي خلص إلى وجود 174 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان يعيشون في 12 مخيماً و156 تجمعاً فلسطينياً في المحافظات الخمس في لبنان، أكبر مؤشر على حجم الهجرة الفلسطينية من لبنان، باعتبار أن عدد اللاجئين المسجلين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في بيروت يبلغ 449 ألفاً، ما يؤكد، بحسب مصادر فلسطينية متعددة، أن أكثر من 50 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين هاجروا من لبنان”.
وعددّ اللواء منير المقدح مجموعة أسباب تجعل الهجرة الهدف الأول للقسم الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لافتاً إلى أن البطالة لامست 70% بالمخيمات، كما أن خدمات (أونروا) تراجعت بشكل كبير أخيراً، إضافة لعدم إمكانية تملك منزل أو ممارسة مهن تتطلب الانضمام إلى نقابات.
وأضاف: “كما أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان، الذي تأثر به بشكل كبير المواطنون اللبنانيون، انعكس بشكل مضاعف على الفلسطينيين الذين يرزحون أصلاً تحت وضع صعب، ما أدى لهجرة نحو 1500 شخص خلال الأشهر الستة الماضية”.
ونقلت (الشرق الأوسط) عن المقدح إشارته إلى وجود “سماسرة محليين ودوليين يُسهمون في هجرة الفلسطينيين”، موضحاً أنه يتم دفع مبالغ كبيرة للوصول إلى أوروبا، وأن عدداً كبيراً من اللاجئين باع كل ممتلكاته لضمان مغادرته لبنان.
بدوره قال ممثل حركة حماس في لبنان، علي بركة: إن موضوع الهجرة الفلسطينية من المخيمات المنتشرة في مختلف المحافظات اللبنانية ليس جديداً، وقد تفاقم بعد الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982، لافتاً إلى أنه ومع كل حدث أمني كبير يشهده مخيم ما تعود موجات الهجرة، وهو ما حصل خلال وبُعيد معركة نهر البارد، حيث ترك عدد كبير من اللاجئين منازلهم في مخيمات شمال لبنان، وتوجهوا إلى دول أوروبا.
ويعتبر بركة أن الأسباب الرئيسية التي تدفع اللاجئين للتفكير دائماً بالهجرة إلى جانب الأوضاع الأمنية، هي عدم إقرار الدولة اللبنانية الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين في لبنان، خصوصاً عدم قدرة مَن يحصل على شهادات جامعية على الانضمام إلى النقابات وبالتالي على مزاولة مهنته، ما يدفعه للبحث عن فرص للعمل والعيش في دول الخليج وأوروبا.
ووفق الصحيفة، فقد شكَّلت إسبانيا الوجهة الرئيسية للاجئين الفلسطينيين في الآونة الأخيرة، قبل أن تتخذ الدولة هناك قراراً واضحاً برفض استقبال أي فلسطيني.
وبحسب المقدح، كما ياسر العلي، عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، فإن لبنانياً عمل على تأمين وصول عشرات، لا بل مئات اللاجئين، إلى إسبانيا.
وشرح العلي كيف تتم هذه الهجرة، حيث يؤمن الوسيط اللبناني للاجئ الراغب في الهجرة “فيزا” إلى البرازيل، على أن ينتقل منها إلى بوليفيا أو إحدى دول أميركا اللاتينية قبل أن يدخل في طريق العودة إلى إسبانيا عن طريق “الترانزيت”، حيث يُقدِم على تمزيق مستنداته الرسمية، وتقديم طلب لجوء.
وأوضح أن بلجيكا استقبلت أيضاً عدداً كبيراً من اللاجئين، وقد باتت الدولة الأسهل في دخولها، بعد أن أغلقت السلطات الإسبانية الباب بشكل كلي أمام الفلسطينيين منذ نحو شهر.
وأضاف العلي لصحيفة (الشرق الأوسط): “عادة ما كانت تبلغ تكلفة الهجرة إلى أوروبا ما بين 10 و12 ألف دولار، أما اليوم فتتراوح بين 6 و8 آلاف”، مشيراً إلى طرق أخرى يتم سلوكها لبلوغ أوروبا ومنها تركيا- اليونان- أوروبا، وهي الطريق التي اعتمدت كثيراً منذ اندلاع الحرب في سوريا، وكان يسلكها سوريون ولبنانيون وأيضاً فلسطينيون.
ويوضح العلي أن نحو 100 ألف فلسطيني غادروا لبنان يعيشون حالياً في ألمانيا والسويد والدنمارك، فيما يعيش نحو 100 ألف آخرين في دول الخليج.
ونقلت الصحيفة عن مصدر فلسطيني وصفته بأنه مطلع، فقد غادرت نحو 3000 عائلة فلسطينية لبنان ما بين عامي 1976 و1982، فيما غادرت 1500 عائلة ما بين عامي 1985 و1991، لافتاً إلى أن 3200 عائلة غادرت ما بين 1991 و2016، ليرتفع هذا الرقم كثيراً في العامين التاليين، إذ تم تسجيل هجرة 4000 عائلة فلسطينية من لبنان إلى أوروبا في عامَي 2017 و2018.
ويؤكد مدير مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية، الباحث الفلسطيني الدكتور هشام دبسي، أن أيّاً من السفارات الأجنبية لا تعطي الفلسطينيين “فيزا” هجرة، فهي لا تعطيهم حتى تأشيرة سياحة، لافتاً إلى أن الهجرة التي تتم غير منظمة ويتولاها سماسرة.
وأضاف: “هؤلاء السماسرة معروفون بالاسم في المخيمات، ولا يخجلون من نشر إعلانات لتسويق الهجرة مقابل مبالغ تتراوح ما بين 5 و10 آلاف دولار، وهناك حالياً عشرات العالقين في دول بوليفيا والبيرو وتشيلي بعد إغلاق إسبانيا أبوابها أمام الفلسطينيين”.
ويشير دبسي إلى أن هناك عصابات للهجرة غير الشرعية تعمل بشكل علني، لافتاً إلى أن ذلك يُضاف إلى محاولات التضييق على الفلسطينيين لدفعهم إلى مصير خارج لبنان.
وتابع: “وفق آخر الدراسات الميدانية التي أعددناها تبيَّن أن الغالبية الساحقة من الشباب الفلسطيني تعمل وتسعى للهجرة من لبنان”، موضحاً أن نحو نصف مليون فلسطيني هاجروا بشكل أساسي من لبنان وسوريا يعيشون حالياً في الدول الإسكندنافية وفي غرب أوروبا.
وينشط نحو 5 آلاف شخص على صفحة “فلسطينيو لبنان يطالبون بالهجرة” على موقع (فيسبوك)، حيث يؤكدون رغبتهم ورغبة عائلاتهم في المغادرة فوراً في حال توفرت الفرصة.
المصدر: وكالات