يصادف اليوم الخميس 29 نوفمبر الجاري، ذكرى “يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني”، الذي حددته الأمم المتحدة في عام 1977 إقرارًا منها بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الحصول عليها.
عقود كثيرة مضت على معاناة فلسطين منذ قرار التقسيم، وما زال العالم عاجزًا عن رفع هذا الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني مع التخاذل والصمت الدولي، وما زال الشعب الفلسطيني والعربي ينتظر حتى يومنا هذا أن يحق الحق وتقام الدولة الفلسطينية، ويحصل على حقوقه على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهو الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أبعدوا عنها بالقوة والإكراه.
الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، جاء نابعًا من شعور العالم بالخطيئة وتأنيب الضمير تجاه ما وقع على الشعب الفلسطيني من خروقات وتجاوزات تحدث على مرأى من الجميع وعدم التزام إسرائيل بشروط عضويتها في الأمم المتحدة، واستمرار مختلف أطراف المجتمع الدولي في مواقفها التي لم تتجاوز حدود المطالبة والتنديد دون الانتقال إلى اتخاذ إجراءات عملية من دول العالم كافة، ومنظمة الأمم المتحدة التي تمثلهم تلزم إسرائيل بالانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة لحدود عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة على هذه الأراضي بعاصمتها القدس وتأمين حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى قراهم ومدنهم وممتلكاتهم التي هُجروا منها على أيدي العصابات الصهيونية في عام 1948، وذلك وفقًا للقرار الأممي 194.
ويشكل هذا اليوم مناسبة لتذكير العالم والقوى الفاعلة فيه بحقيقة المأساة الفلسطينية والظلم الذي تعرض له شعب فلسطين نتيجة قرار التقسيم، حيث تحول هذا الشعب إلى مجموعات من اللاجئين الموزعين في شتى بقاع الأرض، كما أن اليوم مناسبة لتذكير المجتمع الدولي بحقيقة أن قضية فلسطين لم تحل بعد، رغم كل الجهود والمساعي والمبادرات والمفاوضات والزيارات والجولات الاستطلاعية في الشرق الأوسط، التي قام بها مئات المسئولين والوفود من الدول الأجنبية.
لم تتوقف أطماع إسرائيل عند الحدود التي حددها قرار التقسيم، بل امتدت إلى البقية الباقية من أرض فلسطين، فمع اندلاع الحرب في عام 1948 بين إسرائيل والدول العربية المجاورة، توسعت الدولة اليهودية واستولت على77 في المئة من أراضي فلسطين، بما في ذلك الجزء الأكبر من القدس، وفي حرب عام 1967، احتلت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، التي ضمتها إسرائيل إليها لاحقا. وقد أسفرت هذه الحرب عن هجرة ثانية للفلسطينيين شملت أكثر من نصف مليون فلسطيني.
منذ قرار التقسيم وحتى يومنا هذا تتواصل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بشكل يومي، والتي تعد وصمة عار على جبين هذا المجتمع، ونتيجة انعدام الأمن وتضييق الخناق والحصار والضغط المتواصل الذي يعيشه الشعب الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال، تولدت حالة الإحباط الشديد والعنف، التى لا يمكن القضاء عليها إلا بالتطبيق الأمين لحل الدولتين كضمان لتطبيق إسرائيل مبادئ الشرعية الدولية ووقف النهج الذي تبنته من تطهير عرقي وقتل وحصار واعتقال ونهب للأرض والاستيطان، واستمرار سياسة الطرد والتهجير وإطلاق يد المستوطنين لإحلال شعب مكان شعب آخر.
ويتزامن احتفال هذا العام بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني مع استمرار الظلم الفادح الواقع على الشعب الفلسطيني احتلالًا وتشريدًا ونكبات متتالية ومصادرة لحقوقه الوطنية والإنسانية، الأمر الذي يتطلب عملًا مكثفًا لحشد الدعم للضغط على حكومة إسرائيل لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يوفر فرصة جيدة لتوثيق الصلات مع لجان التضامن الموجودة في مختلف الدول وتفعيلها وإعادة تنشيط وتفعيل ما خبا من هذه اللجان، وإنشاء لجان جديدة مشابهة في الدول التي لا توجد فيها لجان تضامن بعد أن أصبحت قضية فلسطين وشعبها رمزًا لقضية الحرية والعدالة في العالم.
ويطالب المحللون السياسيون العالم مع هذه الذكرى بترجمة الأقوال والقرارات إلى أفعال، ووقف مسلسل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي من قتل وتشريد ونهب للأراضي واستيطان وتهويد للقدس المحتلة، والإسراع في إرسال لجنة تقصي حقائق للاطلاع على الأوضاع المأساوية التي يعاني منها الأسرى في سجون الاحتلال، ومعاينة أوضاع الأسرى المرضى الذين تتضاعف حالتهم الصحية نحو الأسوأ في ظل الخدمات الصحية المتردية وغير المناسبة، الأمر الذي يشكّل خطرًا جديدًا يضاف إلى ما يعانيه الشعب الفلسطيني من عدم استقرار ونزوح وأزمات خطيرة.
وفي هذا اليوم تعقد اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف بمقر الأمم المتحدة بنيويورك جلسة خاصة سنويا؛ احتفالًا باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ويكون من بين المتحدثين في الجلسة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة، ورئيس مجلس الأمن وممثلو هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة والمنظمات الحكومية الدولية والفلسطينية.
وفي الجلسة يتم تلاوة رسالة من رئيس السلطة الفلسطينية، وتُدعى المنظمات غير الحكومية للحضور، ويلقى المتحدث باسم المجتمع الدولي للمنظمات غير الحكومية المعتمدة لدى اللجنة، كلمة في الجلسة، ومن بين الأنشطة الأخرى التي تنظم في نيويورك في إطار الاحتفال باليوم الدولي للتضامن، إقامة معرض فلسطيني أو حدث ثقافي ترعاه اللجنة وتنظمه بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة.
وتجعل جامعة الدول العربية والجاليات الفلسطينية من يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني يومًا مميزًا في النضال الوطني الفلسطيني، وفي استقطاب الأصدقاء والداعمين والمناصرين لحقوقه الوطنية، بما يسهم في تعزيز الجهود والإنجازات، ويسمح باستقبال العام الجديد بقدرة أكبر على الفعل والتأثير وإيقاظ ضمير العالم تجاه القضية الفلسطينية.
واليوم الدولي للتضامن فرصة لأن يركز المجتمع الدولي اهتمامه على حقيقة أن قضية فلسطين لم تحل بعد، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهو الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أبعدوا عنها.
وتعد القضية الفلسطينية من أهم القضايا لكونها نقطة السلم والحرب في منطقة الشرق الأوسط، وكان لمصر دومًا دور إيجابي تجاه القضية الفلسطينية أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسامح شكري وزير الخارجية كثيرًا، كما أوضحا أن أي جهود للمساس بدور مصر في القضية الفلسطينية أو المزايدة عليه ليس له أي مصداقية أو أرضية يستطيع أن يقف عليها، فضلًا عن ما قدمته القاهرة من تضحيات على مدى أكثر من 60 عامًا لنصرة القضية الفلسطينية.
وقد أصدرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” تقريرًا وثقت فيه الانتهاكات المرتكبة بحقهم في سوريا، منذ مارس 2011.
وبحسب التقرير، فإن ما لا يقل عن 3903 فلسطينيين قتلوا في سوريا بسبب القصف والحصار والاشتباكات والتعذيب والغرق في أثناء محاولات الفرار من الحرب.
وأشار إلى وجود ما لا يقل عن 1712 معتقلًا فلسطينيًا في سجون النظام السوري، لا يزال مصيرهم مجهولًا نتيجة تعرضهم للاختفاء القسري، وأضاف أن 560 معتقلًا فلسطينيًا قضوا تحت التعذيب في سجون الأسد.
والحل ما زال متمثلًا فيما توافق عليه المجتمع الدولي منذ زمن بعيد، وهو حل الدولتين دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا يرضى عنه غالبية الشعب الفلسطيني ولن يتم إلا من خلال المفاوضات، رغم أنه طال أمدها وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسئوليته في دعم المفاوضات والعمل مع السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي للدفع نحو التوصل إلى اتفاق سلام شامل وعادل.
المصدر:أ ش أ