فى إطار الاستعدادات المصرية اللازمة للانخراط فى الثورة الصناعية الرابعة، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، فعاليات الدورة الـ22 لمعرض القاهرة الدولى للاتصالات تكنولوجيا المعلومات ، والتى تحمل عنوان “قيادة التحول الرقمى” .
وعرض المؤتمر وناقش، بمشاركة ٥٠٠ شركة محلية وعالمية وناشئة، الحلول الرقمية التى تؤدى الى تحسين الاداء فى عدد من المجالات من بينها تطوير البنية التحتية للنقل والطرق وتطوير منظومة التعليم ، والتكنولوجيا المالية ، والشمول الرقمى ، والامن والسلامة وتأمين الاشخاص والمنشآت ، والمدن والمجتمعات الذكية. وكلها مجالات ومحاور من الضرورى أن تصبح جزءا من عملية التحول الرقمى الذى تقوم به مصر حاليا لتلحق بالثورة الصناعية الرابعة ، و تحتل مركزا متقدما فى دليل التنافسية العالمية والدولية فى مجال الذكاء الاصطناعى .
وبحسب ما صرح به السفير بسام راضى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، فإن هذا المعرض ذلك يأتى فى إطار التوجه لتوطين التكنولوجيا بأحدث المعايير العلمية فى مختلف المدن والمحافظات والمجتمعات العمرانية الجديدة الجارى تشييدها وذلك للتحول إلى مجتمع رقمى وكذا ميكنة الخدمات الحكومية المقدمة للجماهير ٠
وتشير تقارير إخبارية إلى تنافس الدول على تبنى تطبيقات ومبتكرات الثورة الصناعية الرابعة نظرا لما تجنيه من فوائد من ورائها فى مجالات زيادة الإنتاج الصناعى والزراعى وتحسين جودته وتطوير الخدمات الحكومية وزيادة التصدير وتطوير نظام التعليم بما يشجع قيم الابتكار وتحقيق الشمول المالى والاجتماعى بحيث تتوافر صورة رقمية عن كل هيئة ومؤسسة ومواطن.
وتسعى الحكومة المصرية للانخراط فى تلك الثورة، حيث خططت الدولة للتحول الى المجتمع الرقمى والعدالة الرقمية بما يسهم فى تحقيق الاصلاح الإدارى وتطوير الخدمات الحكومية وتحسينها ومكافحة الفساد ، وهناك جهود كبيرة لتطوير البنية المعلوماتية المصرية والتى تشارك فيها وزارة الاتصالات مع عدد من الوزارات الاخري ٠
فى هذا الإطار جاءت المبادرة الرئاسية الخاصة بدعم الابتكار والإبداع ، وتدشين صندوق لدعم المبتكرين بمساهمة مشتركة بين القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى ، بالإضافة إلى تعاظم جهود وزارة الاتصالات المكثفة على طريق الثورة الصناعية الرابعة عبر تنظيم دورات تدريبية للشباب فى هذا المجال ، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن قرار تدريب 10 آلاف شاب من مطورى الألعاب الإلكترونية ٠
وقد بدأت مصر على طريق هذه الثورة فى توفير ستة عوامل تضمن لحاقها السريع بها ، وهى تكاتف المجتمع وتدعيمه بقوة لتطوير النظام التعليمى وتشجيع الابتكار والاختراع ، وتنظيم الدورات التدريبية لصقل مهارات الشباب ، والعمل على إنشاء مراكز البحث فى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بالجامعات وإقامة الحضانات التكنولوجية ومراكز تشجيع الابتكار ، وتطوير البنية التشريعية المحبذة لتلك التطورات وتوفير التمويل المناسب.
ميلاد تلك الثورة يعود لما يقرب من نصف قرن عندما بدأ الحديث عن ثورة المعلومات والاتصالات والتقدم المذهل فى أجهزة الحاسب الآلي ، حيث انتشر مصطلح الثورة الصناعية الرابعة الذى أطلقه “كلاوس شواب “، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمى فى الأوساط العلمية والإعلامية والسياسية فى كل أنحاء العالم ، وارتبط بالتقدم المذهل فى مجالات الذكاء الاصطناعى والآلات التى تحاكى قدرات الإنسان (الإنسان الآلى أو الروبورت)، والتكنولوجيا الحيوية والسيارات والمعدات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار ، وإنترنت الأشياء وسلسلة الكتل والطابعات ثلاثية الأبعاد ، والعملات الافتراضية ” البتكوين “، وكلها مجالات تعتمد على الابتكار والإبداع ، وتقوم على التفاعل بين المعلومة والآلة وعقل الإنسان.
وتتسارع الدول والحكومات فى توطين هذه التقنيات واستخدامها ، حيث تلحق الثورة الصناعية الرابعة بالثورات الصناعية الثلاث ، فبعد الأولى التى اعتمدت على البخار ، والثانية التى بدأت بعد اكتشاف الكهرباء ، والثالثة التى دشنتها شبكة الاتصالات العالمية “الإنترنت” والرقمنة البسيطة، جاءت الثورة الرابعة المبنية على سابقتها لتعتمد على القدرات الهائلة فى تخزين المعلومات الضخمة واسترجاعها والربط وإقامة العلاقات والتشابكات بينها ، والاقتصاد المدعوم بالإنترنت المحمول، والتشغيل الآلي (الأتمتة) والذكاء الاصطناعى .
وصدق تقييم وتنبؤ “كلاوس شواب “، الذي جعل الثورة الصناعية الرابعة موضوع اجتماعه السنوي ، الذى عقد فى مدينة دافوس السويسرية عام 2016 ، حيث يعيش العالم حاليا غمار مرحلة تحول رقمى واسعة النطاق توصف بأنها ” الثورة الصناعية الرابعة “، تعبيرا عن ثورة الذكاء أو الثورة الذكية والتى تنتشر آثارها وتطبيقاتها بسرعة مذهلة و تمس مختلف جوانب حياة الإنسان والمجتمع والدولة وكل العلاقات والنظم المرتبطة بها ، وهناك مسميات أخرى لهذا التحول كالحضارة الرقمية والزمن الرقمى والعصر الرقمى وعصر ما بعد المعلومات.
في العامين الماضيين، ومنذ حديث شواب عن هذه الثورة، أصبحت هذه الاتجاهات في ارتفاع مستمر، وتشير الزيادة المفاجئة في التقنيات التي تبدأ من مكونات الهاتف والشبكات اللاسلكية ثم مراكز البيانات، إلى نوع جديد من الأتمتة أكثر انتشارا وذكاء من أي وقت مضى.
وأكد مختصون ومستشرفون وخبراء عالميون أن الثورة الصناعية الرابعة وسيلة لتحقيق الاستدامة، وشددوا على أهمية العمل بخطوات استباقية لمواكبة المتغيرات المعقدة التي يشهدها العالم، وابتكار حلول عملية تستفيد مما توفره تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتعزيز الوعي بالقدرات والإمكانات التي تقدمها.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)