أعلن الرئيس السيسي عن إطلاق “مبادرة إفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية ” وذلك استكمالا لتلك الجهود التي تهدف لإنشاء جيل جديد قادر علي قيادة برامج التحول الرقمي ، وإدارة أنظمة العمل في البيئة الرقمية، وتشجيع وتحفيز الإبداع التكنولوجي، ليس فقط مصر ، بل وفي القارة الأفريقية، التي شدد الحرص علي التعاون مع دولها الشقيقة، ودعم جهود التنمية فيها، لتتولي وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تنفيذها، بالتعاون مع جهات الدولة المعنية بهدف تنمية قدرات وتأهيل عشرة آلاف شاب مصري وأفريقي علي تطوير الألعاب والتطبيقات الرقمية، باستخدام أحدث التقنيات وتحفيز تأسيس مائة شركة ناشئة مصرية وأفريقية في هذا المجال.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمة ألقاها لدى افتتاح فعاليات معرض القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اليوم الأحد أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أصبح يمثل عنصرا أساسيا في دعم الخطط التنموية للدولة ، ومحركا دافعا في جهود بناء اقتصاد “تنافسي ” ومتنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة.
وأضاف أن مصر أولت اهتماما كبيرا بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، حيث حرصت من خلال رؤيتها في هذا المجال على تطوير وتحديث البنية التحتية للاتصالات ، وإقامة المدن الذكية ، وتمكين مختلف فئات المجتمع من استخدام الخدمات الرقمية ، فضلا عن نشر الوعي المجتمعي بأهمية التحول الرقمي ، وهو ما يسهم في تحقيق نقلة نوعية في المجتمع المصري عبر توطين التكنولوجيا في محافظات مصر المختلفة ، وتوفير بيئة تشجع على بناء قدرات الشباب والنهوض بصناعة وتصميم الإلكترونيات .
وقال الرئيس السيسي ” إن ما نشهده اليوم من جهد متميز ، وفكر إبداعي ، ومشروعات يجري تنفيذها من خلال التعاون والتنسيق بين مختلف الوزارات والهيئات المعنية ، يعزز من الثقة في أننا ماضون على الطريق الصحيح نحو التحول إلى مجتمع رقمي يحظى فيه أبناؤه بفرص متساوية للمشاركة في عملية التنمية ، وتتكامل فيه مؤسسات الدولة لإتاحة خدمات رقمية مبتكرة تعمل على تحسين الكفاءة التشغيلية وزيادة الانتاجية ، والمساهمة في تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة ، وتحسين مستوى معيشة المواطنين” .
وأعرب الرئيس عن فخره بأن المبادرات التي تم إطلاقها تترجم إلى واقع ملموس ، وعلى رأسها المعامل الإلكترونية المتكاملة بالمناطق التكنولوجية ، والتي تأتي تأكيدا للجهود التي تبذلها الدولة لتوطين التكنولوجيا في محافظات مصر المختلفة ، وإقامة صناعة وطنية للإلكترونيات ، وفقا لمبادرة تصميم وتصنيع الإلكترونيات التي تستهدف جعل هذه الصناعة إحدى دعامات نمو الاقتصاد وزيادة الدخل القومي .
ونوه الرئيس – في سياق كلمته – بدور الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة ، والتي ستفتتح وفقا لأحدث معايير الجودة والتدريب ، تكليلا لجهود الدولة في دمج وتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة باستخدام الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بهدف دعمهم ، وإتاحة المزيد من الفرص لهم للمشاركة والقيام بدور فاعل في المجتمع ،بالاضافة إلى معمل الأمم المتحدة الأفريقي لرعاية الإبداع التكنولوجي ، والذي تم تجهيزه بأحدث الوسائل العلمية والتكنولوجية الحديثة ، بما يسهم في تنمية المهارات ، وتعزيز قدرات الباحثين والعاملين في المجالات التكنولوجية من مختلف أنحاء القارة الإفريقية” وكذلك لتطوير حلول تكنولوجية إبداعية تساعد في مواجهة التحديات العالمية ، وتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
ولفت الرئيس السيسي إلى الإرث الحضاري الذي ساهم به المصري القديم في تاريخ الإنسانية .. معربا عن ثقته في قدرة مصر على استكمال مسيرة البناء الحضاري في ظل ما تمتلكه من شباب قادر على المشاركة الفعالة في بناء المستقبل ، مشيرا إلى أنه من هذا المنطلق جاءت استراتيجية الدولة لبناء منظومة متكاملة تسعى إلى تسخير جميع الإمكانيات ، وتوفير فرص أفضل في التعليم والتنمية لبناء الإنسان المصري الركيزة الأساسية لتقدم الوطن .
ونوه بأنه في هذا الإطار قدمت الدولة عددا من البرامج والمبادرات التي تسعى إلى الاستثمار في الطاقات الخلاقة للشباب المصري الواعد ، وتنمية مهاراتهم في جميع المجالات ، حيث شهدنا على مدار العامين الماضيين تزايدا في أعداد الملتحقين بمبادرة رواد تكنولوجيا المستقبل التي تم اطلاقها لإعداد جيل قادر على توظيف أحدث الوظائف التكنولوجية في مختلف القطاعات بما يتواكب مع احتياجات المجتمع المصري، كما قدمت الدولة المصرية الدعم للعديد من المشروعات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز ثقافة الابداع وريادة الأعمال لدى الشباب في مختلف أنحاء الجمهورية.
وأعرب الرئيس السيسي في ختام كلمته عن تمنياته بالنجاح في استثمار الإمكانيات الهائلة والفرص المتميزة التي يتيحها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما يساعد في التوصل إلى حلول مبتكرة لدفع عجلة التنمية المستدامة، مؤكدا دعم الحكومة الكامل لهذا القطاع ، لمواكبة التطورات العالمية المتسارعة في هذا المجال ، وللقيام بدوره في إقامة مجتمعات جاذبة للاستثمارات وداعمة للإبداع التكنولوجي، وبناء مستقبل مزدهر يليق بمكانة الوطنا والشعب المصري العظيم.
ويعرض المؤتمر ويناقش – بمشاركة ٥٠٠ شركة محلية وعالمية وناشئة – الحلول الرقمية التى تؤدى الى تحسين الأداء فى عدد من المجالات من بينها تطوير البنية التحتية للنقل والطرق وتطوير منظومة التعليم ، والتكنولوجيا المالية ، والشمول الرقمى ، والامن والسلامة وتأمين الاشخاص والمنشآت ، والمدن والمجتمعات الذكية. وكلها مجالات ومحاور من الضرورى أن تصبح جزءاً من عملية التحول الرقمى الذى تقوم به مصر حاليا لتلحق بالثورة الصناعية الرابعة ، و تحتل مركزاً متقدماً فى دليل التنافسية العالمية والدولية فى مجال الذكاء الاصطناعى ٠
وبحسب ما صرح به السفير بسام راضى المتحدث الرسمى بإسم رئاسة الجمهورية ، فإن ذلك يأتى فى إطار التوجه لتوطين التكنولوجيا بأحدث المعايير العلمية فى مختلف المدن والمحافظات والمجتمعات العمرانية الجديدة الجارى تشييدها وذلك للتحول إلى مجتمع رقمى وكذا ميكنة الخدمات الحكومية المقدمة للجماهير ٠
فى هذا الإطار جاءت المبادرة الرئاسية الخاصة بدعم الابتكار والإبداع ، وتدشين صندوق لدعم المبتكرين بمساهمة مشتركة بين القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى ، بالإضافة إلى تعاظم جهود وزارة الاتصالات المكثفة على طريق الثورة الصناعية الرابعة عبر تنظيم دورات تدريبية للشباب فى هذا المجال ، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن قرار تدريب 10 آلاف شاب من مطورى الألعاب الإلكترونية ٠
وقد بدأت مصر على طريق هذه الثورة فى توفير ستة عوامل تضمن لحاقها السريع بها ، وهى تكاتف المجتمع وتدعيمه بقوة لتطوير النظام التعليمى وتشجيع الابتكار والاختراع ، وتنظيم الدورات التدريبية لصقل مهارات الشباب ، والعمل على إنشاء مراكز البحث فى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بالجامعات وإقامة الحضانات التكنولوجية ومراكز تشجيع الابتكار ، وتطوير البنية التشريعية المحبذة لتلك التطورات وتوفير التمويل المناسب.
ميلاد تلك الثورة يعود لما يقرب من نصف قرن عندما بدأ الحديث عن ثورة المعلومات والاتصالات والتقدم المذهل فى أجهزة الحاسب الآلي ، حيث انتشر مصطلح الثورة الصناعية الرابعة الذى أطلقه “كلاوس شواب “، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمى فى الأوساط العلمية والإعلامية والسياسية فى كل أنحاء العالم ، وارتبط بالتقدم المذهل فى مجالات الذكاء الاصطناعى والآلات التى تحاكى قدرات الإنسان (الإنسان الآلى أو الروبورت)، والتكنولوجيا الحيوية والسيارات والمعدات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار ، وإنترنت الأشياء وسلسلة الكتل والطابعات ثلاثية الأبعاد ، والعملات الافتراضية ” البتكوين “، وكلها مجالات تعتمد على الابتكار والإبداع ، وتقوم على التفاعل بين المعلومة والآلة وعقل الإنسان.
وتتسارع الدول والحكومات فى توطين هذه التقنيات واستخدامها ، حيث تلحق الثورة الصناعية الرابعة بالثورات الصناعية الثلاث ، فبعد الأولى التى اعتمدت على البخار ، والثانية التى بدأت بعد اكتشاف الكهرباء ، والثالثة التى دشنتها شبكة الاتصالات العالمية “الإنترنت” والرقمنة البسيطة، جاءت الثورة الرابعة المبنية على سابقتها لتعتمد على القدرات الهائلة فى تخزين المعلومات الضخمة واسترجاعها والربط وإقامة العلاقات والتشابكات بينها ، والاقتصاد المدعوم بالإنترنت المحمول، والتشغيل الآلي (الأتمتة) والذكاء الاصطناعى .
وصدق تقييم وتنبؤ “كلاوس شواب “، الذي جعل الثورة الصناعية الرابعة موضوع اجتماعه السنوي ، الذى عقد فى مدينة دافوس السويسرية عام 2016 ، حيث يعيش العالم حاليا غمار مرحلة تحول رقمى واسعة النطاق توصف بأنها ” الثورة الصناعية الرابعة “، تعبيراً عن ثورة الذكاء أو الثورة الذكية والتى تنتشر آثارها وتطبيقاتها بسرعة مذهلة و تمس مختلف جوانب حياة الإنسان والمجتمع والدولة وكل العلاقات والنظم المرتبطة بها ، وهناك مسميات أخرى لهذا التحول كالحضارة الرقمية والزمن الرقمى والعصر الرقمى وعصر ما بعد المعلومات.
في العامين الماضيين، ومنذ حديث شواب عن هذه الثورة، أصبحت هذه الاتجاهات في ارتفاع مستمر، وتشير الزيادة المفاجئة في التقنيات التي تبدأ من مكونات الهاتف والشبكات اللاسلكية ثم مراكز البيانات، إلى نوع جديد من الأتمتة أكثر انتشارا وذكاء من أي وقت مضى.
وأكد مختصون ومستشرفون وخبراء عالميون أن الثورة الصناعية الرابعة وسيلة لتحقيق الاستدامة، وشددوا على أهمية العمل بخطوات استباقية لمواكبة المتغيرات المعقدة التي يشهدها العالم، وابتكار حلول عملية تستفيد مما توفره تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتعزيز الوعي بالقدرات والإمكانات التي تقدمها ٠
المصدر: وكالات