بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تنطلق اليوم الأحد فعاليات منتدى السلام بالعاصمة الفرنسية باريس والذي يستمر لمدة ثلاثة أيام بمشاركة أكثر من 60 من رؤساء دول وحكومات العالم، وذلك لمناقشة قضايا السلام والأمن، والبيئة، والتنمية، والمجال الرقمي والتكنولوجيات الحديثة، والاقتصاد الشامل.
ويعقد المنتدى بمناسبة مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، ويشارك فيه عدد كبير من قادة العالم من أبرزهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، كما يشارك في المنتدى رؤساء أبرز المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، والتجارة العالمية، واليونسكو، والمفوضية السامية للاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها من المنظمات فضلا عن مشاركة ممثلين عن المجتمعُ المدني بمختلف أطيافه ومنها الجمعيات والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات والإعلام ورجال الدين والنقابات العمالية وغيرها.
وكان من المقرر أن يشارك الرئيس الأمريكى دونالد ترامب في فعاليات المنتدى، غير أن الإدارة الأمريكية أعلنت الخميس الماضي عدم حضوره، رغم حضوره احتفالية الذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى في باريس، ونتج عن ذلك إلغاء اللقاء المرتقب الذي كان سيعقد بينه وبين الرئيس بوتين لمناقشة آخر تطورات القضايا الدولية، ومن أهمها الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية للخروج من معاهدة الصورايخ قصيرة ومتوسطة المدى.
ويأتي انعقاد منتدى السلام بباريس بمبادرة من الرئيس ماكرون ليكون بمثابة اجتماع سنوي جديد لجميع الجهات الفاعلة في مجال الحوكمة العالمية لعرض المشروعات والأفكار والمبادرات التي تسهم على نحو فاعل في تحسين التعاون الدولي بشأن الرهانات العالمية الأساسية وتحقيق عولمة أكثر عدلاً وإنصافاً، وبناء نظام متعدد الأطراف وأكثر فعالية، وتنظيم الإنترنت والتبادل على نحو أفضل، فهو يدعم فكرة أن التعاون الدولي هو مفتاح التصدي للتحديات العالمية وضمان السلام الدائم.
ويركز المنتدى على 120 مشروع ومبادرة حوكمة من جميع أنحاء العالم، تم اختيارها من بين 900 اقتراح وستُعرض خلال الدورة الأولى للمنتدى، وتشمل خمسة مجالات هي السلام والأمن والبيئة والتنمية والتكنولوجيات الجديدة والاقتصاد الشامل.
ويتميز المنتدى بأن أهدافه بعيدة الأجل، فهو لا يقتصر على تسليط الضوء على هذه المبادرات والمشروعات الهامة فحسب، بل يهدف إلى تعزيزها ومتابعة تطوّرها وتنفيذها حيث ستعمل لجنة توجيهية مكونة من عدد من الخبراء على متابعة 10 مشروعات من بين 120 مشروعا التي جرى اختيارها، وذلك على مدار عام كامل.
ويأتي انعقاد المنتدى، الذي يضم قادة العالم في باريس، في وقت تعاني فيه القارة الأوروبية من العديد من الخلافات والأزمات حول عدة قضايا من أبرزها أزمة المهاجرين وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتصاعد اليمين المتطرف في عدد من دول القارة.
وكان ماكرون قد صرح مؤخراً من أن أوروبا تخاطر بالعودة إلى ثلاثينيات القرن العشرين بسبب انتشار المشاعر القومية عبر القارة. وعليه، يسعى الرئيس الفرنسي من خلال هذا المنتدى إلى تعزيز مكانته كزعيم للسياسة الوسطية والتعددية داخل أوروبا لاسيما في تلك الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية الأوروبية المقررة في مايو المقبل.
كما يأمل ماكرون في أن يساهم القادة المشاركون بهذه المناسبة في التحذير من تزايد النزعات القومية وصعود بعض القادة المتطرفين، للتأكيد على ما يمثله ذلك من مخاطر على الديمقراطيات الليبرالية ومؤسسات التعددية.
وفي هذا السياق ، دعا ماكرون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الإدلاء بالكلمة الافتتاحية في المنتدى باعتبارها رمزا للقيادة الأوروبية المعتدلة والداعية للتمسك بالتعددية.
وقد أُنشئ منتدى باريس للسلام على هيئة جمعية بموجب القانون 1901، ويعمل المجلس التنفيذي للمنتدى تحت رعاية الجمعية الوطنية للعلوم السياسية (معهد باريس للعلوم السياسية)، ومؤسسة “كوربير”، ومؤسسة “مو إبراهيم”، والمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، ومعهد “مونتانييه”، والجمهورية الفرنسية ممثلةً في وزارة الخارجية.
ويتم تمويل هذا الحدث، الذي تقدر تكلفته بمبلغ 5 ملايين يورو، بنسبة كبيرة من قبل شركاء غير حكوميين، ولم يكن لأي من هؤلاء الشركاء القدرة على تغطية أكثر من 10٪ من التكاليف وذلك لضمان استقلال المنتدى.
المصدر: أ ش أ