أسدل الستار الليلة الماضية على النسخة الثانية من منتدى الشباب العالمى ، الذى احتضنته مدينة شرم الشيخ برعاية وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى صاحب مبادرة إقامته ، وجاء ختامه ليؤكد من جديد أن جذور الحياة نبتت من مصر ، وأن الاعمدة السبعة للشخصية المصرية التى حددها المفكر الراحل ميلاد حنا فى كتابه ، و كانت المحور الرئيسى لجلسات المنتدى ومناقشاته ، باتت بما خلص إليه المنتدى وسابقه من مبادرات مستقبلية وأفكار شبابية فندها وناقشهارئيس الجمهورية ووزراؤه مع شباب العالم ، العمود الثامن للشخصية المصرية.
“تدشين الحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة بهدف إحياء الإنسانية ” كان هدية مصر للعالم ، ودعوتها من فوق منبر المنتدى لنشر نور السلام ، رسالة مفادها أن الجميع بمختلف جنسياتهم وأفكارهم ودينهم قادرون على التعايش السلمى فى مكان وزمان واحد يتسع للجميع إذا تقبل كل منهم الآخر ، وانصهر معه فى سلام يخدم البشرية ، وهو الأمر الذى فعله المصريون من قبل وعلى مدى العصور المختلفة .
فى مقاعد الجمهور جلس الرئيس السيسى بين شباب العالم يستمع إليهم ويشاركهم الحوار ، ويعبر بهم الفجوة الذى تخيل البعض أنها موجودة بين الأجيال ، وما طرحه فى مداخلاته من رسائل لخص التجربة الوطنية ، فجاء تعبيرا مصريا خالصا شمل مختلف القضايا المثارة على الساحة المصرية والعالمية ، وأكد أن التحديات المصيرية ومستقبل التنمية لم يعد رهنا بتعبئة الموارد المادية وجذب الاستثمارات فحسب ، بل بات رهنا بمدى النجاح فى توظيف الطاقات البشرية الكامنة وتحرير طاقات الشباب وتدعيمها والاعتراف بها كقوة مؤثرة فى تحقيق التقدم والسلام المنشود.
أكدت مشاركة الرئيس للشباب فى معظم جلسات المنتدى والاستماع لحوارهم ومناقشاتهم لقضاياهم وللتحديات التى تواجههم وأفكارهم ونماذجهم الناجحة ، التى عبرت عن إرادتهم القوية وطموحاتهم وآمالهم فى تحقيق مجتمع آمن يسوده السلام ويعتمد على الحوار كطريقة للتواصل واستتباب الأمن ، والسبيل الأفضل الذى يتعين الاعتماد عليه فى السعى نحو علاج المفاهيم الخاطئة واستئصال بذور النزاعات ، ومثلت رسائلة وتوصياته وقراراته منهاح لعمل الحكومة فى شأن الشباب ، وعكست قناعته بحق الشباب فى المشاركة فى التنمية ، وإنه لايمكن ان يستمروا بمعزل عن المشاركة الايجابية فى الحياة العامة ٠
وتكللت جهود الرئيس عبد الفتاح السيسى بالنجاح ، بدءا من لفت أنظار العالم إلى واحدة من أبرز المعالم السياحية فى مصر ، مرورا بالرواج السياحى والانتعاش الاقتصادى منقطع النظير الذى شهدته مدينة شرم الشيخ فى تلك الآونة ، وإعطاء نموذج عالمي يحتذى به فى كيفية فتح ذراع العالم للمستقبل بفكر جديد وبسواعد الشباب الذين يبنون آوطانهم ، وفى كيفية مساعدتهم وتقوية قدراتهم الذاتية من أجل معالجة مواطن الخلاف بشجاعة وثقة والخروج بحلول جذرية تساهم فى حل قضاياهم بطريقة إيجابية وسلمية ، وانتهاء بالتوصل لصيغة حوار مشتركة تسهم فى جعل العالم مكانا أفضل للحياة.
وتؤمن مصر بأن تطلعات الشباب والتحديات التى تواجههم تتشابه فى ملامحها فى كل البلاد غنيها وفقيرها ، رغم تنوعها بحسب خصوصية وإمكانيات كل مجتمع ، تجمعها قواسم مشتركة تتجاوز حدود المكان وتفرضها قيم ومبادئ باتت مستقرة ومعترفا بها دوليا ، ومعا تخاطب شباب العالم حول نفس المبادئ والقيم والأفكار وتحاوروا حول نفس القضايا ، فأثرى اختلافهم النقاش وحقق التكامل لا الخلاف ، وجمعهم المستقبل والأحلام والمصلحة المشتركة لكوكب واحد يعيشون عليه.
بناء قاعدة من الشباب الواعى بقيم ومفاهيم السلام حقق المنتدى حشدا قويا للمشاركة فى نشر مفاهيم السلام وأدواته : التسامح وقبول الآخر والاعتراف بالاختلاف ، وفتحت عوالم وآفاقا جديدة للتواصل بين شباب العالم فالسلام وهو المعنى الأسمى للحياة يستتب بتوحيد المفاهيم وطرحها خلال حوار متكافئ لتصبح الصداقة قيمة مضافة لخصائص الشباب المصرى وتتويجا لحواره وخبراته المتبادلة مع الآخرين . و التسجيل الدقيق لكل تفاصيل المنتدى ، يؤكد أنه انحاز للحاضر والمستقبل ، وأنه أحدث علاقة تكاملية بين الشباب بحماسهم والكبار بحكمتهم وخبرتهم .
النسخة الثانية من منتدى شباب العالم لم تبدأ من فراغ ، فقد أرسى المنتدى الأول الذى أطلق شرارتها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى العام الماضى خطوة هامة نحو تحوله إلى ملتقى سنوى دولى ومنصة للحوار وساحة لتقريب وجهات النظر ، وتبادل التجارب فى رحاب مصر مهد الحضارات وملتقى الثقافات ، فكانت ثمار اليوم محصلة عمل الأمس ، فتضاعف اعداد الشباب المشارك فى المنتدى الثانى ، وكذلك تضاعفت المبادرات التى خرجت عنه و حملت رؤية مستقبلية ٠
“الشباب بما يملكه من طاقة وحماس وفكر جديد ثروة ومستقبل ” ، مبدأ كرسته الطبيعة وعززته مناقشات المؤتمر التى امتدت على مدى 4 أيام من النشاط غير مسبوق ، مكللة بدور بارز للشباب المصرى فى تخطيط وتنظيم وإدارة فعاليات هذا المنتدى الذى خرج للعالم بصورة تليق بمكانة مصر الريادية والحضارية والتاريخية ، مبرزا إمكانات الشباب الهائلة ككوادر فاعلة فى عملية بناء المستقبل ، وحملت اقتراحات الشباب المشارك فى الجلسات الحوارية المدرجة على جدول أعماله ، رؤية شاملة للمستقبل ٠
تبادل الرأى ووجهات النظر كان هدف المنتدى الذى نجح فى التوصل الى ما يحقق حشدا قويا يساهم فى نشر مفاهيم وثقافة السلام بين المجتمعات ، ويستند إلى إعداد الشباب لمواجهة تحديات الغد ، ومساعتهم فى بناء مستقبل ينعم بالسلام والصداقة والتعاون والاحترام المتبادل وقبول الاخر ويستفيد من الثراء الذى يقدمه التنوع ويستثمره ، ويعمل على خلق جيل جديد يؤمن بالحق والواجب معا وهما دعامتان اساسيتان للسلام الذى يرتكز على الجوانب الاجتماعية والتربوية ضد العنف والتعصب والتفرقة والتمييز بين البشر ليكون سلوك حياتى يومى ينبع من قيم روحية واخلاقية واجتماعية اصيلة يعبر عنها البعض بأنها سلام وقائى.
فيما مثلت مشاركة الوزراء من العديد من الدول وكبار رجال الدولة فى مناقشاته وفاعلياته المختلفة بطرح وجهات نظرهم أمام الشباب والاستماع لمقترحاتهم وأفكارهم و توصياتهم ، مثلت مسودة عمل للحكومة ، حيث تتبلور حاليا فكرة كيفية متابعته النتائج والتوصيات التى سيخرج بها المنتدى فى ختام أعماله لمواجهة التحديات التي يواجهها الشباب المصرى خاصة وشباب العالم عامة ، كما تتبلور فكرة ضمان استمرارية قوة الدفع التى أحدثها عقد المنتدى لإثراء العمل الشبابى فى مصر ، والحفاظ على هدفه الرئيسى وهو غرس الشعور بالاعتزاز بالنفس لدى الشباب والإنتماء والإرتباط بالمجتمع ، والوطن وتعزيز المشاركة الفعالة فى مناحى الحياة السياسية والاقتصادية.
أما ضيوف مصر من شباب مختلف حول العالم الذى بدأوا فى مغادرة مصر عائدين لبلادهم ، فهم سفراء المنتدى وحاملى رآيات التواصل والإتصال والتحاور بين شباب مصر والشباب حول العالم ، والناقل للإنجازات الهائلة التي تجري على أرض مصر من مشروعات قومية عملاقة ، والقدرة على توفير الامن والامان والحماية الكاملة لضيوف مصر وشعبها.
شهادة نجاح منتدى شباب العالم تجعل شباب مصر يصطف مع شباب العالم لكتابة فصل جديد من دستور الحياة ، وليشهدوا معا على قوة شباب مصر وقدرته على الإبداع ، فأبرز ما ميزه أن من قام عليه وأداره وتحدث فيه هم الشباب انفسهم ، مما يمنح لمصر وشبابها القدرة على التاثير والتغيير فى خريطة القوى الشبابية على المستويين الاقليمى والعالمى
المصدر : أ ش أ