يدق اليوم ناقوس الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يتوجه الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع المخصصة لانتخابات منتصف الولاية، لاختيار أعضاء مجلس النواب وعددهم ٤٣٥ عضوا، و٣٥ عضوا من أعضاء مجلس الشيوخ المكون من ١٠٠ عضو، إلى جانب حكام ٣٦ ولاية من الولايات الأمريكية، و206 من رؤساء البلديات.
وتعد انتخابات الكونجرس الأمريكي بمجلسيه (الشيوخ والنواب)، والتي تجرى على ثلاثة مستويات، هي الأهم خلال مراحل انتخابات التجديد النصفي، حيث تعكس مدى نجاح أداء الرئيس خلال الفترة الماضية، وتأكيد قدرته على تشكيل كونجرس يضم جميع حلفائه.
وستحدد نتيجة تلك الانتخابات من ستكون في يده السلطة خلال العامين المتبقيين من فترة رئاسة دونالد ترامب، الحزب الجمهوري الحاكم أوأن السلطة ستنتقل إلى الحزب الديمقراطي المعارض، حيث لايستأثر أي حزب بالسلطة التشريعية لأكثر من عامين، إلا إذا حصل على تأييد الشعب مرة أخرى في الانتخابات النصفية.
وطبقا لقانون مجلس الشيوخ فإن تلك الانتخابات التجديدية تجري بصفة دورية كل عامين، بهدف إعطاء الفرصة للمواطنين لتغيير القوة المسيطرة في الكونجرس، إذا كانت لا تعبر عن تطلعات الشعب، ويتم فيها إعادة انتخاب أعضاء مجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وبناء على النتيجة يتحدد شكل الأغلبية التشريعية في البلاد.
انتخابات منتصف الولاية التي تنطلق بعد عدة ساعات، هي انتخابات مصيرية للرئيس دونالد ترامب خاصة، ولمستقبل الحياة السياسية الأمريكية عامة، لأنها ترتبط بدرجة كبيرة بمستوى رضا المواطن الأمريكي عن عمل الإدارة الحالية، وتعكس مدى تقيمهم لعامين من رئاسة ترامب لأمريكا التي تولاها في عام ٢٠١٦، ومع الساعات الأخيرة السابقة للانتخابات شهدت الاجتماعات الأخيرة للحملة الانتخابية احتدام وتنافس كبيرين بين الرئيسين الحالي والسابق (ترامب الجمهوري وباراك أوباما الديمقراطي)، وارتفعت حدة القلق والتوتر والاستقطاب بين أعضاء ومؤيدي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وسيطرت قضية الهجرة على المشهد واهتمامات الناخبين الأمريكيين.
القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي ركيزتها انتقاد سياسات الرئيس الجمهوري، خاصة في قضايا الهجرة والمناخ والتجارة والانحياز للبيض، فيما يركز الحزب الجمهوري خلال الحملة على الإنجاز الاقتصادي الذي يشهده سوق العمل الأمريكي، وما صاحب ذلك من زيادة معدلات النمو، وانخفاض معدلات البطالة، وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المتوقعة والحالية، ويرجع الجمهوريون الفضل في ذلك إلى قانون الإصلاح الضريبي الذي تم تمريره في ديسمبر العام الماضي، وكان أحد الوعود الانتخابية للرئيس ترامب.
أغلبية الشعب الأمريكي لاتزال تقف خلف ترامب وتؤيد سياساته، ومهمة الديمقراطيين صعبة حيث يتعين عليهم المحافظة على مقاعدهم أولا قبل السيطرة على مقاعد أخرى تمنحهم الأغلبية في مجلس النواب والشيوخ، ولهذا فإنهم يحاولون توسيع نطاق الانتماء إليهم، ويعتقد بعضهم أن لديهم فرصة جيدة لاستعادة الأغلبية في مجلس النواب، وأن هذا سيمنحهم فرصة وقوة للسيطرة على أي من مجلسي الكونجرس تكفي لإرجاء أو إبطاء أجندة ترامب السياسية، مما يفسح أمامهم الطريق لاستعادة كرسي الرئاسة الذي انتزعه ترامب من هيلاري كلينتون منافسته الديمقراطية قبل عامين.
واقع الأمر يؤكد أن نتيجة الانتخابات غير قابلة للتنبؤ، حيث كشفت مؤشرات الانتخابات المبكرة التي أجريت في ولاية فلوريدا وعدد من الولايات الأخرى عن تباين النتيجة وتغير تفاصيلها واختلافها كل ساعة، وبصرف النظر عن نتيجة الانتخابات فإنها ستعطي الصورة الحقيقية عن الشعب الأمريكي ومدى قبوله أو رفضه لسياسيات ترامب المتشددة تجاه المهاجرين ومنهجه الحمائي في التجارة.
وفي حالة تحقيق الديمقراطيين الانتصار في الانتخابات النصفية للكونجرس فإن ذلك يعني عدم رضاء الشعب عن أداء الرئيس الجمهوري، ومن ثم ستتغير بشكل أساسي السياسات الأمريكية خلال العامين القادمين، وسيكون النصف الثاني من رئاسة ترامب مختلفا تماما، وسيمثل ذلك خطرا عليه، وسيسيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، وربما يكون ذلك نافذة للمضي قدما في التحقيق بعدد كبير من القضايا المرفوعة ضد ترامب وبعض مساعديه حول العديد من القضايا، أهمها التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الماضية، وقد يبدو سيناريو عزله في الأفق، وسيتصدر الديمقراطيون لعدة تشريعات يحاول ترامب تمريرها ومنها الحصول على تمويل بناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك، وإلغاء النظام الصحي (أوباما كير) الذي وضعه سلفه.
وفى حالة فوز الجمهوريون ستتغير ملامح السياسة الأمريكية بسيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض والكونجرس بمجلسيه وسيهيمن ترامب على المشهد في النصف الثاني من ولايته الرئاسية، وسيجد نفسه قادرا على التحول بالبلاد إلى أمريكا التي يريدها، وكذلك قادرا على تطبيق تشريعات مثل تشديد قوانين الهجرة، وسيتمكن الحزب من تمرير حزمة من القوانين التي تتعلق بقضايا حيوية، وسيعزز فرص إعادة انتخاب ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة في عام ٢٠٢٠.
المصدر : أ ش أ