البوصلة الرئاسية تتجه لكريت اليونانية حيث الحلقة السادسة في القمم المصرية القبرصية اليونانية
بتوجه البوصلة الرئاسية اليوم إلى جزيرة كريت اليونانية يكون قد حان توقيت انعقاد الحلقة السادسة في سلسلة القمم الثلاثية المصرية القبرصية اليونانية التي حافظت على دورية انعقادها وقوة الدفع التي منحتها لها مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي والتي انطلقت من القاهرة في عام 2014 ، وأذنت بعقد القمة الثلاثية الأولى قبل أربع سنوات وعلى مدى تلك السنوات تنامت نواتها لتشكل إطارا يمثل مصالح دول شرق المتوسط ويدافع عنها.
ركن استراتيجي ومرحلة جديدة وهامة للعلاقات المصرية الإقليمية تحدد ملامحها القمة الثلاثية السادسة التي تجمع الرئيس السيسي ونظيره الرئيس القبرصي نيكوس أناستادياديس ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس حيث موضوع الطاقة الملف الرئيسي لمناقشات القمة في مجالات التعاون المشترك بين الدول الثلاث والبحث في سبل تعميق أواصر التعاون في الاقتصاد والاستزراع السمكي وقضايا الأمن في البحر المتوسط والهجرة غير الشرعية ومواجهة الإرهاب بما يخدم المصالح المشتركة ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.
وتأتي تلك القمة في إطار حرص زعماء الدول الثلاث على الحفاظ على دورية اللقاء، وفقا لما تم الاتفاق عليه في القمة الأولى التي استضافتها القاهرة في 8 نوفمبر 2014 ، وتأكيدا ودعما للعلاقات المتميزة بين القاهرة ونيقوسيا وأثينا ، وتعزيزا وترسيخا لآلية الحوار السياسي الثلاثي حول الملفات والقضايا المطروحة على المستويين الإقليمي والدولي وتتميز القمة بأنها تشهد دائما فاعليات موازية والبناء على ما يتم تحقيقه.
وتمر العلاقات المصرية اليونانية القبرصية حاليا بمرحلة تقارب حيوى هام وغير مسبوق في كافة المجالات ، وشهدت حراكا سياسيا استند على العلاقات التاريخية والجغرافية التي جمعت بين الدول الثلاث ولعبت دورا مهما في تأسيسها وتطورها على مر التاريخ بما يصب في صالح شعوب دولها خاصة وأن مصر تعد الدولة الأكثر استقرارا في المنطقة ولها نظرة استراتيجية خاصة.
وبحسب ما صرح به السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية فإن قمة “كريت” تهدف إلى البناء على ما تحقق خلال القمم الخمس السابقة وتقييم التطور في مختلف مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها في إطار الآلية، وذلك في سياق دعم وتعميق العلاقات المتميزة بين الدول الثلاث بالإضافة إلى تعزيز التشاور السياسي بينهم وحول سبل التصدي للتحديات التي تواجه منطقتي الشرق الأوسط والبحر المتوسط.
وقال راضي ، في تصريحات صحفية ، إن قضايا التعاون الاقتصادي سوف تتصدر أجندة القمة الثلاثية خاصة في مجال الطاقة بعد توقيع مصر وقبرص اتفاقية خط أنابيب بحري لإسالة الغاز القبرصي في المعامل المصرية ومجالات الزراعة والاستزراع السمكي والبيئة والتعاون في مجال الموانئ واللوجستيات وتفعيل مشروع البواخر السياحية بين الدول الثلاث وتبادل المعلومات.
وأشار إلى أن القمة ستتناول أيضا التنسيق بين الدول الثلاث في مجال الأمن في البحر المتوسط ومكافحة الهجرة غير الشرعية ومواجهة الإرهاب بالإضافة إلى تبادل الرؤى حول الأزمات في المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأزمتان السورية والليبية إلى جانب بحث تعزيز العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي .. مؤكدا حرص مصر على التشاور المستمر والتنسيق تعزيزا لعلاقات الصداقة القوية القائمة بين مصر وقبرص واليونان والتي باتت تمثل أساسا استراتيجيا هاما وراسخا في منطقة المتوسط والأولوية المتقدمة التي توليها مصر للعلاقات الإستراتيجية مع كل من أثينا ونيقوسيا وتطلعها إلى تعزيزها والارتقاء بها، لاسيما فيما يتعلق بتطوير العلاقات الاقتصادية وبما يتناسب مع طبيعة ومستوى التقارب السياسي بين الدول الثلاث.
وستبحث القمة أيضا التقدم المحرز في تنفيذ مشروعات التعاون المشتركة في إطار آلية التعاون الثلاثي ، ويأتي على رأسها مشروع الربط الكهربائي بين القارتين الأفريقية والأوروبية عبر الدول الثلاث ومشروعات التعاون في مجال الطاقة في ظل الاكتشافات الهيدروكربونية الأخيرة في منطقة شرق المتوسط وما تمثله من أهمية استراتيجية.
ما بين القمة الأولى التي استضافتها القاهرة في عام 2014 والقمة السادسة التي تشهدها جزيرة كريت اليوم ، تقع أربع قمم ثلاثية ، أكدت جميعها أهمية آلية التعاون الثلاثي والإشادة بما تعكسه دورية اجتماعاتها من قوة العلاقات بين الدول الثلاث وحرصها على مواصلة تعزيز أطر التعاون القائمة وتوسيعها لتشمل مجالات جديدة ، متناولة استعراض الموقف التنفيذى للمشروعات الجاري تنفيذها في إطار الآلية.
وكانت القمة الثلاثية الثانية قد عقدت في أبريل عام 2015 بقبرص، فيما استضافت اليونان في ديسمبر عام 2015 القمة الثالثة، وعقدت الرابعة مرة أخرى في القاهرة في عام 2016، ثم القمة الخامسة في قبرص في نوفمبر عام 2017.
وكانت القمة الأولى قد أسفرت عن إعلان القاهرة الذي ركز على محاور أربعة، تتمثل في الأمن والتنمية والاستقرار والمكانة، حيث كان بمثابة نواة إقامة تحالف بين مصر وقبرص واليونان، وجمع الأطراف الثلاثة قاسما مشتركا في التوجهات أمكن على أساسه تدشين ركائز حقيقية قابلة للظهور في صورة سياسات عملية، برزت مؤشراتها الأولى في “إعلان القاهرة”.
فيما كان الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين الدول الثلاث في منطقة شرق البحر المتوسط من أبرز نتائج القمة الثلاثية الثانية، الأمر الذي أتاح اكتشاف احتياطيات الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية المصرية، والعمل على الارتقاء بمستوى العلاقات الاستراتيجية والتاريخية التي تجمع بين الدول الثلاث، والبناء على ما تحقق من نتائج إيجابية خلال القمتين الأولى والثانية.
وانعقدت في ديسمبر عام 2015 أعمال القمة الثلاثية الرابعة بأثينا بمشاركة الرئيس السيسي ونظيره القبرصي ورئيس وزراء اليونان ، وشارك الرئيس السيسي في القمة الثلاثية المصرية – القبرصية – اليونانية الخامسة التي عقدت بالعاصمة القبرصية نيقوسيا قبل نحو عام، مؤكدة نجاح آلية التعاون الثلاثي بين تلك الدول في التوصل إلى ترسيم الحدود البحرية، مما أتاح الفرصة لاكتشافات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، وتطابقت وجهات النظر بين الدول الثلاث حيال عدد من القضايا الدولية الراهنة، مثل (مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وتوحيد جزيرة قبرص).
المصدر: أ ش أ