حمل افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي الليلة الماضية لفعاليات الملتقى العربي الأول لمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة في طياته ، رسائل تبعث على التفاؤل فيما يتعلق بالنتائج وثيقة الصلة بالجهود التي تبذلها الدولة، على قدم وساق من أجل النهوض بالتعليم والبحث العلمي في مصر ، وأيضا ” طمأنة ” للشباب المتطلعين إلى مستقبل أفضل فيما يتعلق بتسخير جميع الإمكانيات المتاحة في خدمة العلم والعلماء والدارسين والباحثين، من أجل الارتقاء بالإنسان والناتج القومي .
ويأتي حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على تكريم شباب الباحثين، انطلاقا من التأكيد على تبني مصر استراتيجية فعالة نحو دعم وتنمية القدرات وتوجيه الإمكانيات المتاحة لخدمة قضايا التنمية وقضايا المجتمع من أجل بناء وتأسيس الكفاءات القادرة على تحمل المسئولية، وصولا إلى تحقيق الهدف الأسمى وثيق الصلة بالتنمية الشاملة المنشودة .
وجاء افتتاح الملتقى العربي الأول لمدارس ذوى الاحتياجات الخاصة والدمج – والذي بدأ فعالياته أمس /الاثنين/ – نتيجة مباشرة لحرص الرئيس السيسي واهتمامه بتوفر البيئة المؤهلة والعناصر المتخصصة، والتي تستطيع القيام بعمليات تخطيط وتنفيذ برامج التنمية وذلك في إطار استراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030، التي تتضمن أهدافها الحق في التعليم، والاهتمام بدمج التلاميذ ذوي الإعاقة البسيطة في الفصول النظامية بالمدارس، وصدور القرارات المنظمة لذلك من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بما يتفق مع قرار المجلس الأعلى للجامعات بقبول الطلاب ذوي الإعاقة السمعية في الجامعات المصرية، وهو الأمر الذي يتسق مع ما نادى به الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة الذي ينص على ضمان التعليم الشامل والجيد للجميع وتعزيز التعلم مدى الحياة.
ويعتبر دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع إحدي الخطوات المتقدمة والتي أصبحت محل نظر برامج التأهيل المختلفة، كهدف أساسي لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة حديثا، حيث أن عمليات دمجهم تستهدف مواجهة الاحتياجات التعليمية مع توفير الدعم الكامل والذي يضمن تفاعلهم وتواصلهم مع الأقران الطبيعيين ضمن أقل البيئات تقييدا لضمان عدم عزلهم عن الآخرين.
وقد شدد السيسي – خلال كلمته أمام الملتقى – علي أن الدولة المصرية تولى عناية فائقة لمتحدي الإعاقة، إيمانا منها بقدراتهم وإمكاناتهم، وضرورة توفير الخدمات التدريبية والتأهيلية الملائمة، والرعاية الكافية والفرص المتكافئة، بما يمكنهم من المشاركة بفاعلية جنباً إلى جنب مع باقي أفراد المجتمع.
وقال إن ” قضية الإعاقة قضية مجتمعية يلزم لمواجهتها تضافر كافة الجهود الحكومية مع جهود منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، ومن هنا فإن المشاركة المجتمعية أصبحت ضرورة قصوى، لأنه لا يمكن أن تتحقق التنمية في كافة القطاعات إلا بمشاركة مجتمعية حقيقية وفعالة؛ مشاركة لا تكتفى فقط بالمساهمة بالموارد، ولكنها تتعدى ذلك إلى صياغة الفكر، وتشكيل الثقافة المجتمعية التي يمكن أن تسمح بتحقيق التنمية المستدامة ، إلى جانب أنها تمثل رقابة شعبية على أداء المؤسسات، ليتم تلافي السلبيات والقضاء عليها، وتغذية وتدعيم الجوانب الإيجابية “.
ويعتبر الاهتمام بتطوير التعليم والنهوض بالبحث العلمي بكافة صوره وأشكاله، عصب التقدم في الكثير من المجالات بالنسبة للكثير من الدول والمجتمعات، وتكمن أهميته كونه يساعد على زيادة القدرات التنافسية، بما يسهم في دفع عجلة التنمية وتحقيق التقدم وكذلك تصحيح المعلومات الخاطئة عن كافة الظاهر والمشكلات التي تؤرق الدول والمجتمعات ومن ثم التخلص منها والسيطرة عليها من خلال المقترحات والحلول التي يصل إليها الباحثون في كافة المجالات كل يوم .
يذكر أن استراتيجية التنمية المستدامة، تمثل رؤية مصر 2030 ، وهي محطة أساسية في مسيرة التنمية الشاملة في مصر ، تربط الحاضر بالمستقبل وتستلهم إنجازات الحضارة المصرية العريقة، لتبني مسيرة تنموية واضحة لوطن متقدم ومزدهر تسوده العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وتُعيد إحياء الدور التاريخي لمصر في الريادة الإقليمية ، كما تمثل خريطة الطريق التي تستهدف تعظيم الاستفادة من المقومات والمزايا التنافسية، وتعمل على تنفيذ أحلام وتطلعات الشعب المصري في توفير حياة لائقة وكريمة.
وتعد أيضا تجسيدا لروح دستور مصر الحديثة والذي وضع هدفا أساسيا للنظام الاقتصادي، وقد تبلور في تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وأكد على ضرورة التزام النظام الاقتصادي بالنمو المتوازن جغرافيا وقطاعيا وبيئيا .. وتعتبر أول استراتيجية يتم صياغتها وفقا لمنهجية التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى والتخطيط بالمشاركة، حيث تم إعدادها بمشاركة مجتمعية واسعة راعت مرئيات المجتمع المدني والقطاع الخاص والوزارات والهيئات الحكومية، كما لاقت دعما ومشاركة فعالة من شركاء التنمية الدوليين، الأمر الذي جعلها تتضمن أهدافا شاملة لكافة مرتكزات وقطاعات الدولة المصرية.
وتأتي أهمية هذه الاستراتيجية خاصةً في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها مصر بأبعادها المحلية والإقليمية والعالمية والتي تتطلب إعادة النظر في الرؤية التنموية، لمواكبة هذه التطورات ووضع أفضل السبل للتعاطي معها بما يمكن المجتمع المصري من النهوض من عثرته والانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة وتحقيق الغايات التنموية المنشودة للبلاد.
وترتكز الاستراتيجية على مفاهيم النمو الاحتوائي والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة، بما يؤكد مشاركة الجميع في عملية البناء والتنمية ويضمن في الوقت ذاته استفادة كافة الأطراف من ثمار هذه التنمية وتراعي الاستراتيجية مبدأ تكافؤ الفرص وسد الفجوات التنموية والاستخدام الأمثل للموارد ودعم عدالة استخدامها بما يضمن حقوق الأجيال القادمة .
المصدر : أ ش أ