يحيي العالم الخميس “اليوم الدولي للشعوب الأصلية في العالم” تحت شعار ” تنقل الشعوب الأصلية وهجرتها”، حيث يركز موضوع عام 2018 على الحالة الراهنة لأقاليم الشعوب الأصلية، والأسباب الجذرية لهجرتها، وتحركاتها عبر الحدود الوطنية.
ويسلط الضوء على الشعوب الأصلية التي تعيش في المناطق الحضرية وعلى الحدود الدولية، ويمثل هذا الموضوع فرصة للنظر في التحديات المائلة أمام تلك الشعوب والسبل المتاحة للمضي قدما في إنعاش هوياتها وتشجيعها على حماية حقوقها خارج أقاليمها التقليدية.
وكشفت تقارير الأمم المتحدة عن هجرة كثير من الشعوب الأصلية أراضيها وأقاليمها ومواردها بسبب التنمية وغيرها من الضغوط، واتجهت تلك الشعوب إلى المناطق الحضرية بحثا عن آفاق أفضل للعيش والتعليم والعمل.
كما أن تلك الشعوب هاجرت كذلك إلى بلدان أخرى فراراً من الاضطهاد وآثار التغير المناخي،وبالرغم من الاعتقاد السائد بأن الشعوب الأصلية تعيش غالبا في المناطق الريفية، فالحقيقة هي أن كثيراً من المناطق الحضرية هي كذلك مواطن لطائفة واسعة من السكان الأصليين.
وفي أمريكا اللاتينية، يعيش ما يقرب من 40 % من مجمل سكان الشعوب الأصلية في المناطق الحضرية، وتزيد تلك النسبة إلى 80 % في بعض بلدان الإقليم، وفي أغلب الحالات يستطيع أبناء الشعوب الأصلية وبناتها الذين يهاجرون بحثا عن فرص عمل أفضل وتحسين معايشهم للحصول على تلك الفرص كما أنهم يغادرون ما اعتادوا عليه من أراضيهم وعاداتهم التقليدية، وفضلا عن ذاك.. يواجه المهاجرون والمهاجرات من الشعوب الأصلية طائفة كبيرة من التحديات، بما في ذلك صعوبة الوصول إلى الخدمات العامة وبعضا من الممارسات التمييزية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بموجب قرارها 49/214 في ديسمبر عام 1994 أن تحتفل باليوم الدولي للشعوب الأصلية في 9 أغسطس من كل عام خلال العقد الدولي للشعوب الأصلية في العالم ، وهو تاريخ الذكرى السنوية لانعقاد أول اجتماع للفريق العامل المعني بالسكان الأصليين التابع للجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات، التابعة للجنة حقوق الإنسان.
والشعوب الأصلية أو السكان الأصليون، هم المنحدرون من السكان الأوائل في بلدان كثيرة، وتختلف ثقافاتهم وأديانهم وأنماط تنظيمهم الاجتماعي والاقتصادي اختلافا بارزا… ويعيش كثيرون منهم في أكثر من 90 بلداً تمتد من المناطق القطبية إلى الأمازون وأستراليا، إلا أن علاقاتهم الخاصة بالأرض، التي تعتبر تعايشا كينونيا أساسياً حاسماً في بقائهم، كانت تواجه منذ قرون خطر المستعمرين وطلب الآخرين على أماكن العيش والغذاء والموارد.
ويعتبر السكان الأصليون اليوم من أشد المجموعات حرمانا على وجه الأرض…وعندما يدمجون في مجتمع قومي يواجهون التمييز والاستغلال، وكثيرا ما يعانون من أسوأ ظروف العيش، أما الذين يبقون في مناطقهم التقليدية، فيواجهون تمزق ثقافاتهم والتشرد المكاني عند المطالبة بأراضيهم لأغراض التنمية الوطنية.
ويطالب السكان الأصليون بالعدالة من المجتمع الدولي منذ سنوات عدة، فقد نظموا أنفسهم على الصعد المحلية والوطنية والإقليمية وأصبحوا نشطين في الساحة الدولية، مطالبين باحترام ثقافاتهم وأنماط عيشهم وبالمشاركة الكاملة في عمليات صنع القرار التي تؤثر عليهم.
وقبل جيل من الزمن، لم يكن لكثير منهم الحق في التصويت، أما اليوم فقد أخذوا يبرزون بصورة متزايدة بوصفهم شركاء في الكفاح من أجل حماية البيئة العالمية وتعزيز التنمية المستدامة وإعادة استخدام الموارد.
ويقدر عدد السكان الأصليين في العالم بنحو 370 مليون نسمة يعيشون في 90 بلداً ؛ وأن 70% من السكان الأصليين يعيشون في آسيا؛ كما أنهم يشكلون أكثر من 50% من السكان في بوليفيا وغواتيمالا ؛ وأن 40 % منهم نازحون في الهند ، كما أن 40 % من الفتيات والنساء الأصليات يقعن ضحية للاتجار في البشر في تايلاند.
وهذا العدد أقل من 5 % من سكان العالم ولكنه يشكل 15 % من أفقر السكان، وهم يتحدثون بأغلب لغات العالم المقدرة ب 7 آلاف لغة ، ويمثلون 5آلاف ثقافة مختلفة.
هذا وقد انقرضت 500 لغة منذ أن وطأت أقدام الأوروبيين أراضي قارة أستراليا، وتواجه العديد من اللغات الأخرى المصير نفسه في عالم اليوم.
إن الشعوب الأصلية ورثة وممارسون لثقافات فريدة وطرق تتصل بالناس والبيئة وقد احتفظوا بخصائص اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية تختلف عن خصائص المجتمعات السائدة التي يعيشون فيها.
وعلى الرغم من الاختلافات الثقافية، فإن الشعوب الأصلية من جميع أنحاء العالم تشترك في مشاكل مشتركة تتعلق بحماية حقوقها كشعوب متميزة.. وقد سعت الشعوب الأصلية إلى الاعتراف بهوياتها وطريقة حياتها وحقها في الأراضي والأقاليم والموارد الطبيعية التقليدية لسنوات، ولكن عبر التاريخ؛ فإن حقوقهم تنتهك دائماً.. ويمكننا القول أن الشعوب الأصلية اليوم من بين أشد الفئات حرماناً وضعفاً في العالم.
ويدرك المجتمع الدولي الآن أنه يلزم اتخاذ تدابير خاصة لحماية حقوقهم والحفاظ على ثقافاتهم وطريقة حياتهم المتميزة. ويعتمد تحسين حال السكان الأصليين في العالم على ما يتخذ من إجراءات بشأن قضايا عديدة منها: الأرض؛ الحكم الذاتي والتنمية الذاتية؛ الموارد؛ البيئة؛ الثقافة واللغة والتعليم؛ الصحة؛ الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
وكشف تقرير لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لعام 2017 ، عن أن لدى السكان الأصليين عادات وتقاليد وثقافات مختلفة، ولكنهم يتقاسمون واقعاً غير سار: انتزاع أراضيهم، وإنكار ثقافاتهم، وتعرضهم للاعتداءات البدنية، ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. وغالباً ما يتعرض السكان الأصليون للتهميش، ويواجهون التمييز في النظم القانونية للبلدان.
وهذا بدوره يتركهم عرضة لخطر العنف والانتهاكات، كما يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان من أفراد السكان الأصليين للترهيب والعنف الذي غالباً ما ترعاه الدولة.. وقد يتم اللجوء إلى وسم الجهود السلمية التي يبذلها أفراد السكان الأصليين بالخيانة أو الإرهاب على الرغم من أن تلك الجهود تهدف إلى الحفاظ على هويتهم الثقافية أو التحكم بأراضي الأجداد التقليدية ومواردها.
وتعمل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مع السكان الأصليين على وضع قوانين مطلوبة بحيث توفر سريعا حماية لأراضيهم وثقافاتهم وسبل عيشهم.
فعلى الصعيد الدولي، أسمع السكان الأصليون أصواتهم، وقاموا بكسب تأييد الحكومات بصورة فعالة.. وعلى سبيل المثال، تطوير إعلان الأمم المتحدة الخاص بحقوق الشعوب الأصلية في عام 2007..كما تعمل أيضاً من أجل إعادة أولئك السكان إلى موطنهم. فبعد 20 عاما أمضوها في ظل ظروف مزرية على جانب الطريق الرئيسي، فقد كسب مجتمع السكان الأصليين “ساوهوياماتشا” في باراجواي معركة قضائية للعودة إلى أراضي الأجداد التقليدية.. ويقول كارلوس ماريكوس، أحد زعمائهم: نحن السكان الأصليون لا نبكي إلا عندما ننال حريتنا.. ويشكل هذا اليوم بالنسبة لنا موعد خروجنا من السجن، وعليه ترى الكثيرين منا وقد أجهشوا بالبكاء فرحا بهذه اللحظة العاطفية.
وغالباً ما يمتلك السكان الأصليون قيمة رئيسية مشتركة ، ألا وهي رفض مفهوم تملك الأراضي كونهم يرون أنفسهم أوصياء على الأراضي التي يقيمون فيها. ولكن لقد كلفهم هذا التوجه غالياً كون الأراضي التي يقيم السكان الأصليون فيها غنية بالموارد الطبيعية ما جعلها عرضة للمصادرة أو البيع أو التأجير أو التخريب والتلوث.
ويعيش السكان الأصليون غالباً على أراضي غنية بالموارد مما جعلها عرضة للمصادرة أو البيع أو التأجير، أو ببساطة تنهب أو تلوث على أيدي الحكومات والشركات الخاصة..وتم اقتلاع العديد منهم من أرضهم عبر سياسات تمييزية تنتهجها الحكومة، أو بسبب النزاع المسلح.
ويتعرض الناشطون من أفراد السكان الأصليين للعنف والقتل أحيانا في معرض دفاعهم عن مجتمعاتهم وأراضيهم. ويقيم أكثر من 50 % من مجموع السكان الأصليين داخل المدن في العديد من البلدان. فلقد رحلوا خلال العقود الثلاثة الأخيرة من أراضي الأجداد التقليدية إلى المناطق الحضرية طمعاً في الحصول على فرص التعليم والتوظيف، بينما يفر البعض الآخر من انتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما تلك المرتبطة منها بحقوقهم في أراضي الأجداد واستمرار ثقافاتهم.. ومع حرمانهم من الموارد والتقاليد الحيوية لاستمرار بقائهم وسلامتهم، أضحى السكان الأصليون غير قادرين على التمتع بكامل حقوق الإنسان الخاصة بهم، ويتعرضون للتهميش عوضا عن ذلك والفقر والأمراض والعنف إلى حد الانقراض أحيانا.
ففي الأمريكيتين على سبيل المثال، من المرجح ألا يحصل رجال السكان الأصليين ونساؤهما على نفس الأجر الذي يحصل عليه غيرهم من المواطنين، ويحظون بمستويات أدنى من التعليم، وتقل معدلات العمر المتوقع عند الولادة عن نظيراتها بين غيرهم من السكان. وعلى الصعيد العالمي، تعد معدلات الفقر بين السكان الأصليين أكثر ارتفاعا من غيرها بين باقي السكان، وتقل معدلات امتلاكهم للأراضي، ويتفشى سوء التغذية بينهم، وتكثر حركات النزوح الداخلي في مجتمعاتهم؛ علاوة على تدني مستويات الإلمام بالقراءة والكتابة لديهم، والاستفادة من الخدمات الصحية.. وتواجه نساء السكان الأصليين أشكالا متعددة من التمييز جراء ثقافتهن وطبقتهن الاجتماعية ونوع الجنس. ومن المرجح أن يموتن عند ولادة الأطفال. ويؤدي التمييز ضدهن إلى انتهاك حقوقهن على أيدي السلطات والناس من مجتمعات أخرى. فقد خضعت أكثر من 2000 امرأة من السكان الأصليين والفلاحات الفقيرات في بيرو للتعقيم على أيدي سلطات الدولة خلال تسعينيات القرن الماضي دون الحصول على موافقتهن الكاملة. وفي 22 يناير 2014، أغلق مكتب المدعي العام في ليما ملف قضاياهن، فحرمن من تحقيق العدالة بكل بساطة.
ويقع العنف المنزلي في كل المجتمعات.. ولكن مع تعطيل سبل الحياة التقليدية، ومع اضطراب أساليب حياتهن التقليدية، تفقد نساء السكان الأصليين مكانتهن بين أفراد مجتمعاتهن أو يجدن الإحباط، الناجم عن التمييز العنصري والجنسي الذي يؤثر على المجتمع المحلي الأوسع نطاقا، ينزلق إلى العنف في أسرهم.
ويتكرر وقوع مثل هذه التمييز والتهميش والعنف مرة تلو أخرى في مختلف بقاع الأرض ، من جنوب أفريقيا حيث يواجه أطفال شعوب “السان” و”الأوفاهيمبا” وغيرهم من السكان الأصليين صعوبات جمة في الحصول على التعليم ، إلى جنوب شرق آسيا حيث تشكل نساء وفتيات غالبية اللائي يتم الاتجار بهن عبر الحدود.
وتعد قارة أفريقيا حاضنة لأكبر نسبة من الشعوب الأصلية حيث تضم 50 مليون شخص، حيث توجد تجمعات كبيرة منهم في شمال أفريقيا، حيث يعيش الأمازيغ أو البربر، إضافة إلى أخرين في النيجر ومالي وبوركينا فاسو والكاميرون في غرب إفريقيا، وفي شرق أفريقيا يوجد سكان رعويون في إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا، فضلا عن أخرون في جنوب أفريقيا.
وقالت مجموعة العمل الدولية حول شؤون السكان الأصليين، إن بعض الدول الأفريقية لا يزال يتعين عليها الاعتراف بهم، وأن سياسات هذ الدول لا تزال تحدد على أساس حجج تقول إن جميع الأفارقة هم سكان أصليون، وإن مفهوم الشعوب الأصلية غير دستوري ويثير انقسامات. وأشارت إلى أن عمليات استيلاء واسعة على أراضيهم، لا تزال تشكل تحدياً كبيراً في عدة بلدان إفريقية، وأن المشاريع العالمية لاستخراج المواد الخام، والزراعة على نطاق صناعي واسع، وتنفيذ مشاريع بنى تحتية ضخمة، يدفعهم إلى حدودهم الأخيرة.
وأكدت أن ذلك أدى في حالات متعددة إلى توترات ومقتل أشخاص عده، وأنهم مهمشون سياسيا واقتصاديا في القارة السمراء، كما وجهت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، نداءات عاجلة إلى عدد من الحكومات الإفريقية، حول انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان يتعرض لها سكان أصليون.
وفي الوقت نفسه ، حاول سكان منطقة الأمازون في أميركا اللاتينية أن يسمعوا للعالم نداءهم من خلال مؤتمر عقد في مدينة كوتشابمبا البوليفية أخيراً.. وضم الملتقى ممثلين عن شعوب أصلية حول العالم يواجهون مخاطر عدة بسبب التغيرات المناخية والتهميش وسوء المعاملة.
يذكر أنه في سنة 2000 انتفض آلاف السكان في كوتشابمبا ضد أسعار المياه التي فرضتها شركة (بيتشل) المتعددة الجنسيات، وشهدت حينها أميركا اللاتينية بداية حركة احتجاجية ضد استغلال الشركات العالمية لمصادر المياه. ورفعت الحركة شعار “عالم آخر ممكن” في مواجهة العولمة التي تحاول الدول الكبرى فرضها على بقية العالم.
ويذكر أن أكثر من نصف سكان بوليفيا من الأصليين، وانتخب موراليس أول رئيس للبلاد من السكان الأصليين في ديسمبر 2005. وتتهم بلدان أميركا اللاتينية الدول الغربية بالوقوف وراء ظاهرة الاحتباس الحراري، بسبب نشاطاتها الصناعية. وتأتي على رأس هذه الدول بالطبع، الولايات المتحدة التي تسهم بأكبر قسط من الانبعاثات، بواقع 23 طناً من غاز الكربون سنوياً لكل أميركي، أي تسعة أضعاف الكمية التي ينتجها شخص في العالم الثالث. ويطالب اللاتينيون بتشكيل محكمة المناخ يتم فيها البت في قضايا البيئة وانتهاكات الشركات المتعددة الجنسيات، الأمر الذي يراه الرأسماليون وصناع القرار في الغرب غير قابل للتطبيق.
وقد أحصت منظمة الأمم المتحدة نحو 22 قبيلة من السكان الأصليين في طريقها إلى الانقراض. وتحاول قبائل عدة اليوم المحافظة على أراضيها، ومن بين القبائل الأصلية في منطقة الأمازون نجد “كيابو”، و”ويابي” اللتين تعيشان في البرازيل، و”يانوماني” التي تعيش بين البرازيل وفنزويلا ، إضافة إلى قبيلتي “كينشوا وشوار” في الإكوادور، وغيرهما من القبائل التي تعاني ظروفاً معيشية قاسية. وتسببت النشاطات الصناعية في غابة الأمازون، خلال العقود الماضية، في تدهور كبير في حياة الشعوب الأصلية، واندثرت ملايين الهكتارات من الغابات والأدغال.
وتم استغلال بعض القبائل في المزارع التي أنشأها البيض، مثل ما حدث لقبيلة “أشنينكا” التي عملت في المزارع لسنوات طويلة من دون أن يتقاضى أفرادها راتباً.
وتعتبر بوليفيا أول بلد يسن قوانين لحماية السكان الأصليين، وينتمي الرئيس البوليفي إلى هذه الشريحة التي عانت كثيراً منذ الاحتلال الإسباني في القرن الـ15 إلى الآن. ويطالب موراليس بحماية السكان الأصليين في القارة الأميركية وإصدار تشريعات في هذا الخصوص. وكانت أن الأمم المتحدة قد صادقت على إعلان حول حقوق السكان الأصليين، قبل سنوات، وتضمن 46 مادة صيغت لحماية حقوق ملايين الناس في مناطق متفرقة من العالم. وفي الوقت الذي اعتبر السكان الأصليون هذه الخطوة انتصاراً تاريخياً، احتجت الولايات المتحدة على المصادقة عليها، ولايزال الكثير من الهنود في أميركا يعاملون على أساس عرقي ولا يحظون بفرص متساوية مع بقية الأميركيين، على الرغم من أنهم أصحاب الأرض الأصليين.
وجاء في مذكرة أصدرتها منظمة الأغذية والزراعة ، أن استفحال الظروف المناخية القاسية والتمتع بحقوق محدودة في الأرض وموارد أساسية أخرى يعرض حياة وسبل معيشة العديد من هؤلاء السكان للخطر. وترى “ريجينا لاوب” الخبيرة لدى المنظمة في شؤون السكان الأصليين، أن هؤلاء السكان الذين يعتمدون على الطبيعة هم أول من يعاني الظروف المناخية القاسية، فضلاً عن حرمانهم بشكل عام حقوق التمتع بفرص الحصول على السلع والخدمات التي يحظى بها غيرهم من السكان بدرجة أكبر.
والمعروف أن بعض المجتمعات من السكان الأصليين تعيش في نطاق بيئات مهددة بالمخاطر، بما في ذلك المناطق الجبلية، وفي القطب الشمالي، وكذلك في الغابات والأدغال أو في الأراضي الجافة، وهم غالباً أول من يعاني آثار التغيرات المناخية. لذلك فإنهم ليسوا ضحايا ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم وحسب، بل إنهم يلعبون دوراً حاسماً في تدعيم التكيف العالمي إزاء التغيرات المناخية. ففي البيرو، على سبيل المثال وخلال الموسم الزراعي الأخير قاومت البطاطا المزروعة بالطرق التقليدية حالة التجمد المطلق التي لم يسبق لها أن وقعت من قبل هناك. وتذكر دراسات أممية أن نحو 80 % من التنوع البيولوجي المتبقي في العالم يوجد ضمن أراضي السكان الأصليين.
وتختلف أوضاع السكان الأصليين من بلد إلى آخر، وحتى من منطقة إلى أخرى في البلد الواحد. ويعتبر السكان الذين يعيشون في عزلة تامة الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية، نظراً لعدم معرفتهم بما يجري حول العالم. وذهل العالم قبل سنتين عندما بثت صور لقبيلة تعيش في أدغال الأمازون في البرازيل، بشكل منعزل تماماً عن العالم. واكتشفت الجهات الرسمية في ما بعد أنهم كانوا يفرون من الدمار الذي يلحق بالغابات التي يقطنونها، بسبب استغلال أراضيهم والفيضانات الموسمية. وينظر عموم البرازيليين للسكان الأصليين على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وأنهم مثل الأطفال لا يصلون إلى سن البلوغ طوال حياتهم. ويتعرض السكان الأصليون في هذا البلد إلى انتهاكات كثيرة، أهمها الاستيلاء على أراضيهم، وطردهم منها على يد الشركات الكبرى من أجل التنقيب عن البترول واستغلال الأراضي الصالحة للرعي. وكل مرة تحدث فيها كارثة إنسانية أو بيئية، لا تحرك السلطات ساكناً على الرغم من تولي اليساريين للسلطة منذ سنوات.
ويعتبر نهر الأمازون أكبر نهر في العالم، حيث يبلغ عرضه في بعض المناطق أكثر من 30 كيلومتراً، ويصب في المحيط الأطلسي يومياً كمية من المياه العذبة تكفي لتأمين حاجة مدينة نيويورك من الماء لمدة تسع سنوات. وقد عاش الهنود لآلاف السنين حياة بدائية في القرى والتجمعات المتناثرة على ضفاف النهر، إلى أن وصل الرجل الأبيض إلى أميركا الجنوبية، وقلب الموازين رأساً على عقب. وتعرض السكان الأصليون منذ ذلك الحين إلى إبادة جماعية من المستعمرين البيض، وتضاءل عددهم الذي كان ما بين خمسة وستة ملايين نسمة، ليصبح أقل بنحو 20 مرة. ويكتفي الرجل الأبيض بنهب الأراضي واستغلالها بطريقة مفرطة، حتى وصلت تبعات الصناعات الحديثة إلى عقر دار الهنود الذين لايزالون يفضلون الحياة البسيطة والبعيدة عن التعقيدات. ويتعرض سكان منطقة الأمازون إلى المطاردة المستمرة، وبات الكثير منهم يمتهنون جمع المواد الأولية مثل المطاط أو البحث عن الذهب. ويعيش معظمهم في ظروف سيئة للغاية. وعلى الرغم من أن نهر وغابة الأمازون يمتدان إلى 9 دول لاتينبة ، إلا أن الجزء الأكبر منهما يوجد في البرازيل التي تعتبر من أكبر البلدان مساحة في العالم والأكبر في أميركا اللاتينية.
المصدر : أ ش أ