جاءت قمة “ترامب – بوتين” في وقت بالغ الأهمية بالنسبة للحرب الأهلية السورية التي تدخل الآن مرحلتها النهائية. وكتب براهام واغنر، زميل بارز لدى مركز الدراسات المتقدمة حول الإرهاب، في صحيفة “واشنطن تايمز” أن تصريحات كلا الزعيمين تعكس فهماً مشتركاً للمشاكل التي تحيط بها وحسب، بل أظهرت أن تلك منطقة يعمل الزعيمان، ومعهما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على تأمين أمن إسرائيل فيها، فضلاً عن حل مشكلة اللاجئين والحاجة لتطهيرها من تنظيم داعش وتنظيمات إرهابية راديكالية فيها.
وكان نتانياهو أشار عقب اجتماعه ببوتين الأسبوع الماضي، لاتفاق فك الاشتباك بين إسرائيل وسوريا، والذي وقع في عام 1974، بوصفه يمثل أساساً لإقامة علاقات مستقبلية بين البلدين. كما أشار بوتين إلى تلك الاتفاقية عند تعليقه على تطورات الحرب السورية.
وأمكن التوصل لاتفاق عام 1974 نتيجة جهود بذلتها إسرائيل وسوريا، فضلاً عن الولايات المتحدة وروسيا(الاتحاد السوفييتي في حينه)، بهدف تلبية مطالب أمنية إسرائيلية، بعد حرب 1973 في الشرق الأوسط.
ويقول واغنر إن اتفاقية 1974 لم تكن معاهدة سلام، ولكنها أثمرت عن 40 عاماً من التعايش السلمي. وتفضل إسرائيل العودة إلى الوضع السابق، وهي مستعدة اقبول عودة سيطرة حكومة الأسد على مناطق سورية يتواجد فيها حالياً متمردون وقوات إيرانية، ويستطيعون من خلالها إطلاق صواريخ وشن هجمات نحو إسرائيل. ولا يشكل وجود هؤلاء مشكلة إسرائيلية وحسب، بل أيضاً بالنسبة لسكان المنطقة من الدروز الذين عانوا على أيدي داعش، وسواهم من المتطرفين. وكثيراً ما تحدثت تقارير عن تقديم إسرائيل مساعدات طبية وإنسانية إلى جيرانهم السوريين خلال الحرب الدموية التي اندلعت في سوريا قبل سبع سنوات.
ويشير كاتب المقال لوجود مشكلة كبرى تعترض سبيل العودة إلى الوضع السابق المستقر، وتتمثل في استمرار وجود قوات إيرانية، ومن حزب الله على مقربة من الحدود الإسرائيلية، وخاصة لأنه لا مصلحة لهؤلاء في تطبيق اتفاقية 1974. وليس من المنطقي التفكير بأن بوتين صار قادراً وحده على إخراج الإيرانيين من سوريا.
وحسب واغنر، ما يبدو واضحاً اليوم من جانب ترامب وبوتين ونتانياهو التركيز على مراعاة هواجس إسرائيل الأمنية. وحتى إذا أمكن إبعاد قوات إيرانية لمسافة 80 كيلومتراً عنها، تظل إسرائيل على اعتقادها أن ذلك ليس كافياً. وفي نهاية الأمر، قد يعود كل من سوريا وإسرائيل لتطبيق اتفاق عام 1974، وعندها في حال انطلقت صواريخ إيرانية نحو مناطق إسرائيلية، فسوف ترد إسرائيل وتدمر قواعد إيرانية وتقتل من يعملون فيها.
ويرى كاتب المقال أن المشكلة الثانية التي بحثها كل من ترامب وبوتين عقب لقائهما في هلسنكي، هي أن عدداً كبيراً من اللاجئين يقيم كثيرون منهم في دول مجاورة لسوريا، الأردن وتركيا ولبنان. ولا بد من معالجة ذلك الوضع الكارثي عبر خطة دولية لإعادة إعمار مناطق دمرتها الحرب داخل سوريا، وإعادة ملايين ممن هربوا أثناء الحرب الأهلية.
ويقول كاتب المقال إنه مع اقتراب نهاية الحرب الأهلية في سوريا، يبدو واضحاً أن الرئيس السوري بشار الأسد خرج منتصراً، ولكن مناطق سورية عديدة أصبحت مدمرة. وسيكون مشروع إعادة إعمار سوريا وإعادة ملايين اللاجئين مكلفاً. ومن المؤكد أن الولايات المتحدة سوف تساهم في تمويل ذلك المشروع، ولكنها لن تتحمل العبء بمفردها، وروسيا لا يسمح لها وضعها الاقتصادي بالمشاركة. وعندها لا بد لدول غنية في المنطقة من تقديم المساعدة، وخاصة لأن ذلك يفتح مجالاً لمحاربة تمدد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
المصدر: وكالات