لم تقتصر مشاعر الامتنان المكنونة للزعيم الجنوب أفريقى الراحل، نيلسون مانديلا، التى تقام سنوياً للاحتفاء بميلاده أو رحيله، سواء داخل موطنه الأصلى أو خارجه، وإنما امتدت إلى خارج موطن النضال الذى خلد الدور السياسى للزعيم الراحل وإسهامه فى التصدى لسياسة التمييز والفصل العنصرى، وتحولت مشاعر الامتنان إلى رغبة فى تخليد الاسم الذى أطلق على العديد من الشوارع والمتنزهات وحتى المقاهى والمطاعم فى العديد من دول العالم، حتى الدول التى ناهض مانديلا سياساتها.
فقد احتفلت جنوب أفريقيا، أمس، بذكرى مرور 100 عام على مولد الزعيم الجنوب أفريقى الراحل، نيلسون مانديلا، الذى يُعد أيقونة عالمية ورمزاً للدفاع عن حقوق الإنسان والتحرر من العنصرية، الأمر الذى جعله يستحق وعن جدارة الفوز بجائزة نوبل للسلام، وجعل من الاحتفال بمئوية ميلاده مناسبة عالمية لا يقتصر الاحتفاء بها على حدود جنوب أفريقيا، وإنما يمتد حتى الدول التى ناهض «مانديلا» سياساتها، وعلى رأسها بريطانيا.
فى بريطانيا التى استعمرت بلده فى يوم من الأيام، أطلق اسم مانديلا على ما لا يقل عن 25 شارعاً، وأصبحت لندن التى كانت فى وقت ما المدينة الرئيسية الاستعمارية لجنوب أفريقيا، مقرا لرمز النضال الدولى لمكافحة نظام الفصل العنصرى، حيث أقيم تمثال من البرونز لتكريم مانديلا فى ميدان البرلمان بلندن عام 2007، قبل 6 أعوام من وفاته، لينضم مانديلا إلى عدد من المشاهير من بينهم رئيس الوزراء البريطانى، ونستون تشرشل، أثناء الحرب العالمية الثانية، والرئيس الأمريكى الراحل، أبراهام لينكولن، وزعيم الاستقلال الهندى، المهاتما غاندى، الذين أقيمت لهم تماثيل لتخليد ذكراهم فى الميدان، كما تحظى بريطانيا بنصيب وافر من اسم مانديلا الذى أطلق على العديد من معالمها، فهناك طريق سريع يحمل اسم مانديلا، وهو الطريق المؤدى إلى كينجستون فى جاميكا.
وفى إيطاليا، أطلقت محافظة روما، اسمه على إحدى بلديات المحافظة، وفى السنغال تفتخر العاصمة داكار بأن أحد شوارعها يحمل اسم نيلسون مانديلاً، كما مدت العاصمة التنزانية، دار السلام، طريقاً سريعاً فاخر التجهيز يحمل اسم نيلسون مانديلا، وفى هولندا، أطلقت مدن بورميراند، أوتريخت، زوترمير، وبورميرند، وآرنم، اسم مانديلا على كبارى فيها وفى مدينة كولمبورخ، يوجد طريق يسمى طريق مانديلا.
وفى دولة سانت لوسيا، شرق البحر الكاريبى، أطلق اسم مانديلا على أحد الطرق السريعة، وفى العاصمة الفرنسية، باريس، يمكن للمارة التنزه على ممشى نيلسون مانديلا، وفى فنزويلا أطلق اسم مانديلا على أحد شوارع كراكاس، وتوجد شوارع باسمه فى نواكشوط وطهران
ولا يقتصر إطلاق الاسم على الشوارع فقط، بل احتفى بعض الدول بالزعيم الراحل بإطلاق اسمه على نواد وصالات رياضية.
ومانديلا سياسي جنوب أفريقي، قاوم كثيرا نظام الفصل العنصري في بلاده، وسجن لمدة 27 عاما لهذا السبب، وحينما خرج من السجن، استطاع الوصول لمنصب رئيس الجمهورية.
وبدأ مانديلا عصرا من الديمقراطية لبلاده التي عانت كثيرا من الفصل بين البيض والسود.
وخلال حياته السياسية تعددت علاقات مانديلا مع زعماء العالم، في الستينيات قبل أن يسجن، وعقب خروجه من السجن، ثم في الفترة التي تلت عامه الأخير في رئاسة جنوب أفريقيا 1999، حيث أصبح سفيرا مهما لبلاده في الخارج.
وكان لدى مانديلا علاقات بالدول العربية ورؤسائها فقد جمعته علاقة وطيدة بالرئيس المصري الراحل عبد الناصر ومناضلي الثورة الجزائرية.
وقد تحدث مانديلا عن علاقته بشوقي مصطفى، المناضل الجزائري، والذي حكى لمانديلا، تفاصيل تنظيم جبهة التحرير وكيف حاولت فرنسا إفشال الثورة الجزائرية.
وقال مانديلا إن الثورة التى قام بها الجزائر تستحق أن نعود إليها ونتذكرها”.
وقد ساعدت الجزائر مانديلا بإدماج أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي في مخيمات تدريب جيش التحرير الوطني الجزائري، وحصل مانديلا نفسه على أول تدريب عسكري له في الجزائر.
وكان تدريب مانديلا بعد قراره تأسيس جناح عسكري للمؤتمر الوطني الأفريقي، وقد زارها بعد خروجه من السجن معترفا بفضل جيشها عليه.
وزار مانديلا السودان 3 مرات، وفي المرة الأولى لم يحمل مانديلا أوراقا ثبوتية، وكان معه وثيقة سفر مكتوب عليها “هذا نيلسون مانديلا، مواطن من جنوب أفريقيا مسموح له بمغادرة تنجانيقا والعودة إليها”.
وحصل نيسلون مانديلا على جواز سفر دبلوماسي من الرئيس السوداني إبراهيم عبود، وهو الجواز الذى ذهب به إلى القاهرة ودول أخرى فيما بعد.
أما مصر فقد زارها مانديلا 3 مرات، قضى بها فترة طويلة في الستينيات، ثم جاء إليها بعد خروجه من السجن، ومرة أخيرة حين أصبح رئيسا لجنوب أفريقيا عام 1995.
وفي المرة الأولى جاء مانديلا إلى القاهرة حافيا وسيرا على الأقدام، ، حيث كان مانديلا مطلوبا لدى الأجهزة الأمنية كثوري هارب، وهو ما جعله يصل إلى السودان من بلاده في مدة شهرين.
وجاء إلى القاهرة يفتتح فرعا لحزب المؤتمر، بالتنسيق مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وعاش بحي الزمالك فيها، وحين عاد إلى بلاده بعدها قبض عليهم وبقي في السجن 27 عاما.
وفي عام 2001، وبدعوة من ولي العهد السعودي وقتها الأمير عبد الله بن عبد العزيز، زار مانديلا المملكة العربية السعودية، في إطار جولة خليجية شملت وقتها البحرين وسلطنة عمان.
كما تلقى مانديلا العلاج في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالمملكة، وذلك لعلاقاته الواسعة مع ملكي السعودية، فهد بن عبد العزيز، وعبد الله بن عبد العزيز.
وفيما يخص الشأن الفلسطيني، كان نيلسون مانديلا يرى ضرورة تأسيس دولة إلى جانب دولة إسرائيل، ودعا في زيارة له عام 99 لإسرائيل وقطاع غزة الدول العربية للاعتراف بإسرائيل التى طالبها بالانسحاب من الضفة الغربية.