يحيي العالم يوم 15 يوليو من كل عام اليوم العالمي لتنمية مهارات الشباب وتحمل هذه المناسبة في العام الحالي شعار “تحسين صورة التعليم والتدريب التقني والمهني”، حيث يهدف الاحتفال إلى زيادة فرص الشباب في الحصول على التدريب الجيد وتطوير المهارات من خلال التعليم والتدريب التقني والمهني على الصعيد العالمي.
ولقد وضعت المشاركة الإنتاجية في أسواق العمل الديناميكية الحالية والناشئة تركيزاً فريداً على التعليم والتدريب التقني والمهني كمصدر هام لرأس المال البشري الماهر بشكل متجاوب، وتدل اتجاهات وتوقعات التوظيف على أن شباب اليوم بحاجة إلى كفاءات وظيفية بالإضافة إلى مهارات عرضية عالية المستوى تمكنهم من الاستجابة للتغيرات المستمرة في عالم العمل، وفي خضم إجماع متنامي لدعم إمكانات التعليم والتدريب التقني والمهني للتعامل مع هذه التحديات، كانت القضية المتكررة عدم جاذبيتها النسبية تجاه التعليم الأكاديمي للطلاب.
ويواجه الشباب بنسبة تزيد بثلاث مرات عن الأكبر منهم سنا احتمال البطالة والتفاوت في الفرص في سوق العمل، فضلا عما يواجهونه من معروض وظائف لا ترقى إلى طموحاتهم، كما أنهم يواجهون عملية انتقال صعبة بين مرحلتي الدراسة والدخول في سوق العمل، وتواجه الشابات مشاكل أكثر، حيث المعروض الوظيفي عليهن أقل جودة وإبهاراً ( غالبا أشغال بدوام جزئي) وأجور أقل أو عقود عمل مؤقتة. ولهذه الأسباب، يعد التعليم والتدريب من المفاتيح الأساسية للنجاح في سوق العمل، ولكن للأسف، أخفقت النظم القائمة في تلبية احتياجات الشباب التعليمية.
وتشير الدلائل إلى أن الشباب يفتقرون إلى المهارات الكافية في القراءة والكتابة والرياضيات، وهي المهارات التي تؤهلهم للتنافس في سوق العمل الرسمي.
وكانت الجمعية العامة قد اعتمدت القرار 145/ 69 في ديسمبر 2014، الاحتفال بيوم 15 يوليو من كل عام بوصفه اليوم العالمي لمهارات الشباب لإذكاء الوعي العام بأهمية الاستثمار في المهارات الإنمائية للشباب.
يعتبر التعليم الفني هو أساس التنمية التكنولوجية في المجتمعات الحديثة ومن هنا جاءت أهمية وضع معايير أكاديمية لقطاع التعليم الفني للارتقاء بجودته حتى تتم مواجهة التحديات التي تتعرض لها الدول في الوقت الراهن.
لذلك تولي معظم الدول التعليم العام اهتماماً كبيراً يفوق بكثير اهتمامها بالتعليم الفني والتدريب المهني ، كما توجد نظرة سلبية للتعليم الفني والتدريب المهني ومؤسساته ويلتحق معظم من لم يستطع الاستمرار في التعليم العام بالمدارس الفنية ومراكز التدريب المهني على الرغم من الجهود المبذولة من معظم الدول العربية في مجال تطوير أنظمة التعليم الفني والتدريب المهني من حيث السياسات والأهداف والبنية المؤسسية والبرامج وطرق وأساليب التعليم والتدريب وغيرها، وذلك لسد الفجوة بين متطلبات أسواق العمل ومخرجات المدارس الفنية ومراكز التدريب المهني ، إلا أنه لا تزال معظم الدول العربية تحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لتحسين نوعية مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني ومستويات المهارة المهنية حتى تواكب المستويات العالمية وتلبي احتياجات سوق العمل من المهن والتخصصات الجديدة وتساهم في زيادة قابلية التشغيل لخريجي المعاهد والمدارس الفنية ومراكز التدريب المهني بما يؤدي إلى خفض نسبة البطالة بين هذه الفئة ويزيد من دورها في تلبية الاحتياجات المطلوبة لتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول، وكذا المنافسة في سوق العمل الخارجي.
وهناك طرق متعددة للتعليم الفني والتدريب المهني والتقني ففي بعض النظم يقضي الطالب فترة التعليم أو التدريب في المدارس ومراكز التدريب المهني فقط ، كما يمكن أن يقضي الطالب جزءاً من فترة التعليم أو التدريب في المدرسة أو مركز التدريب ؛ والجزء الآخر في مواقع العمل والإنتاج ( النظام الثنائي ) أو التلمذة الصناعية ؛ والنوع الثالث هو أن يقضي المتدرب فترة التدريب في موقع العمل والإنتاج.
إن توافر الخبرات المتعددة بدلاً من مجرد إتقان مهارة وحيدة أو تخصص واحد, بحيث يكون العامل قادراً على التعامل مع الإلكترونيات الدقيقة والحاسب الآلي والآلات الأتوماتيكية، وقراءة البيانات وسرعة التعامل معها واستخدام اللغات في قراءة هذه البيانات، واتخاذ القرارات الفورية الصحيحة في ضوء معطيات الموقف الإنتاجي أو اكتشاف الأخطاء وتصحيحها وإصدار القرارات الحاسمة في خطط الإنتاج ذاته. وفي إطار توسع النظرة إلى مفهوم تنمية الموارد البشرية, فان السياسات التعليمية اليوم تتجه نحو توسيع مفهوم التعليم المهني والفني من مجرد مهمة محدودة لتوفير تدريب للمهارات الخاصة بالصناعة، والمهارات الخاصة بالحرف إلى مهمة أوسع لتنمية (الموارد البشرية) والتعلم مدى الحياة من أجل التنمية المستدامة.
ومن أجل مواجهة حالة البطالة المزمنة عالميا، فان سياسات التعليم تتجه نحو ما يسمى بالتحويل العكسي حيث إن الكثير من خريجي التخصصات الأدبية يختارون التعليم المهني والفني في الكليات التقنية والمجتمعية.
وقد كشف تقرير للبنك الدولي، أن الحركة العالمية لإنهاء الفقر وتعزيز الرخاء المشترك تتوقف إلى حد كبير على أنواع الوظائف التي سيحصل عليها السكان في سن العمل. وبالنسبة للعديد من البلدان ، سيظل تزايد معدلات المشاركة في القوى العاملة وضمان حصول العمال على وظائف ذات نوعية جيدة يشكل تحدياً لسنوات قادمة. ويقدر البنك الدولي أنه في السنوات الـ 10 القادمة، سيحتاج العالم إلى خلق أكثر من 600 مليون وظيفة لتجنب زيادة البطالة واستيعاب الشباب الذين يدخلون سوق العمل، وفي مناطق مثل أفريقيا وجنوب آسيا تواجه البلدان تحديات خاصة لتوظيف عدد متزايد من الشباب الذين يدخلون سوق العمل، غير أن خلق وظائف جديدة ليس هم وحدهم الحكومات. ويركز صانعو السياسات أيضا على انخفاض معدلات المشاركة في سوق العمل وارتفاع معدلات الفقر بين من يشاركون ويمتلكون وظيفة.
وتميل معدلات العمالة في العالم النامي إلى الانخفاض لأن العديد من الأفراد في سن العمل ، وخاصة النساء ، لا يشاركون في سوق العمل. كما أن معدلات المشاركة هي الأقل في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في الوقت نفسه ، في أجزاء من شرق أوروبا وآسيا الوسطى ، تعمل الديموغرافيات على تقليص حجم القوى العاملة.
وتشير تقارير البنك في مساعدة الدول في تطوير خدمات العمل والتدريب، ففي أوغندا بدأ أكثر من 6000 شاب عاطل عن العمل في مشاريع وحسنوا سبل معيشتهم الاقتصادية؛ وفي ماليزيا، ساعد البنك الحكومة على وضع الحد الأدنى للأجور الوطني للمرة الأولى؛ وساعد البنك الدولي في تطوير مراكز الخدمات الشاملة لخدمات التوظيف في الأرجنتين، حيث ربط ما يقرب من 1.5 مليون عامل بأرباب عمل كل عام ؛ وفي بلغاريا، يستفيد أكثر من 700 ألف شخص من التحسينات في خدمات التوظيف والتدريب ودعم المشاريع الصغيرة وتخطيط التنمية الاقتصادية المحلية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)