زيارة كيم الثالثة للصين تأكيد على المصالح الاستراتيجية وتبديد المخاوف والشكوك الصينية
تحمل الزيارة الثالثة ، خلال هذا العام لرئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون للصين، رسالة فحواها أن بيونج يانج لن تهمل المصالح الاستراتيجية الصينية، حتى خلال شهر العسل الدبلوماسي مع الرئيس الأمريكي ترامب، حيث تعهد كيم، خلال اجتماعه مع نظيره الصيني شي جين بينج، بالتعاون مع المسئولين الصينيين من أجل الوصول إلى سلام حقيقي في عملية فتح مستقبل جديد في شبه الجزيرة الكورية، بعد أن توصلا إلى تفاهم بشأن قضايا مشتركة من أهمها إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية.
مصالح مشتركة:
تشير الدراسات السياسية إلى أن السياسة الخارجية لكوريا الشمالية بدأت تتجه نحو فتح آفاق من التعاون مع كل القوى الدولية بهدف بناء اقتصاد كوري قادر على المنافسة العالمية وباتت السياسة الكورية تقوم على مبدأ التوازن في المصالح الاستراتيجية، إذ يطمح كيم إلى تطوير علاقات سلمية مع الولايات المتحدة، والحفاظ فى الوقت نفسه على علاقاته التاريخية مع الصين، التي تعد من بعيد شريكه الأول على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي.
كما تأمل بكين في أن تصبح شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من السلاح النووي، على أن لا يكون للتقارب بين واشنطن وبيونج يانج تأثيرات سلبية على المصالح الصينية وألا يكون على حسابها، ومن شأن هذا السيناريو ـ في حالة حدوثه ـ أن يهدد مصالحها الاقتصادية والأمنية في المنطقة.
واذا كانت الصين لم تتمثل في القمة بين كيم جونج اون ودونالد ترامب في 12 يونيو في سنغافورة، فقد كانت الوسيط الدبلوماسي القوي والضاغط لإتمام هذا اللقاء، بل وأعارت الرئيس الكوري الشمالي طائرة للوصول الى سنغافورة.
فقد وضع كيم في مقدمة أولوياته، خلال زيارته الثالثة إلى الصين، أن يتناقش مع الرئيس الصيني فيما تم التوصل إليه من اتفاقات مع الجانب الأمريكي، وما يمكن أن يكون في صالح كوريا الشمالية بالكامل، بجانب ما تم الاتفاق عليه من نزع السلاح النووي.
ولا ريب أن إطلاع الصين على كافة جوانب المباحثات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية، بات أمراً في غاية الأهمية، لأنه يترجم شكل الصداقة بين كوريا والصين من جهة، ومن جهة أخرى يتيح لكافة الأطراف “الأسيوية” أن تعدل طريقها بما يتناسب مع التوجهات الأمريكية الجديدة في المنطقة، وفي مقدمتها الانسحاب من بعض الاتفاقات، والتي كان من أبرزها القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعليق التدريبات العسكرية “الاستفزازية” بين واشنطن وسيئول، والتي كانت مصدر إزعاج حقيقي لكوريا الشمالية، وتهدد العلاقات المشتركة بين الكوريتين، حيث أن أخر مجموعة من التدريبات العسكرية المشتركة بين الأمريكان والجنوبيين، كانت على كيفية اقتحام الحدود الكورية الشمالية.
يُشار إلى أن التحالف الصيني -الكوري الشمالي قائم منذ حارب البلدان جنبا الى جنب خلال الحرب الكورية (1950-1953) لكن تطبيق الصين عقوبات الأمم المتحدة الرامية الى اقناع بيونج يانج بالتخلي عن برنامجها النووي، أدى الى بعض التوتر فى العلاقات التي بات البلدان يحرصان على إعادتها كما كانت.
ففي أواخر مارس الماضي، زار كيم جونج أون بكين فى أول رحلة له إلى الخارج منذ وصوله الى سدة الحكم أواخر 2011، ثم قام بزيارة ثانية فى مايو المنصرم الى مدينة داليان الشهيرة بمرفأها في شمال شرق الصين.
يبقى القول إن زيارة كيم الثالثة للصين ستكون لها نتائج بعيدة المدى، على صعيد العلاقات الكورية الصينية في المستقبل المنظور سواء فيما يتعلق بالدور الصيني في تخفيف العقوبات على بيونج يانج، مع التمسك بمصالح بكين الاقتصادية والسياسية في المنطقة، أو فيما يتعلق بعلاقة واشنطن مع بكين بعد انطلاق شرارة الحرب التجارية بين البلدين، أو فيما يتعلق بإعادة منظومة العلاقات الدولية في شبة الجزيرة الكورية بما يحافظ على أمن واستقرار المنطقة ودولها من تهديدات الأسلحة النووية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)