عندما يحل منتصف الليل ولكن السماء مضيئة وكأننا في وضح النهار بعد شتاء طويل ، تعرف أنك في مدينة سان بطرسبرج ثاني أكبر المدن بعد موسكو وعاصمة الامبراطورية الروسية السابقة والتي تستقطب ملايين السياح لمشاهدة ظاهرة الليالي البيضاء.
وتأبى الشمس أن تغيب في سان بطرسبرج حيث أن الليل لا يدوم سوى بضع ساعات قد تصل إلى ٣ ساعات فقط بين العشاء والفجر مما يمثل مشقة كبيرة في الصيام على المسلمين هنا.
وتعتبر سان بطرسبرج من المدن الأكثر قرباً من الشمال وينتفي فيها الليل نوعاً ما لمدة بضعة أسابيع خلال فترة الانقلاب الصيفي من نهاية شهر مايو حتى منتصف يوليو كل عام ، وستصل فترة الظلام يوم ٢٥ يونيو الجاري ٢٠ دقيقة فقط .
وفيما يجد السياح هذه الظاهرة غريبة ومفاجئة، يعتبرها المحليون ولادة جديدة لهم بعد ستة أشهر من شتاء قاتم وعنيف حيث أن جو المدينة يتغير، ترتفع الحرارة ويتنزه الناس في النهار والليل القصير .
وهناك 5 ملايين سائح تقريباً يتوافدون سنوياً لمشاهدة هذه الظاهرة بين أواخر مايو ومنتصف يوليو، أي ما يوازي تقريبا عدد سكان ثاني أكبر مدينة في روسيا.
وتعد ليالي سان بطرسبرج البيضاء هي رمز المدينة منذ تأسيسها والجميع يعتبر أن سان بطرسبرج والليالي البيضاء ثنائي لا يمكن فصله .
وعلى الرغم من صرامة نظام تأشيرات الدخول في روسيا، تتمتع هذه المدينة بنظام خاص من أجل الزائرين الأجانب ، حيث أنه من يريد زيارة سان بطرسبرج من دون تأشيرة دخول يمكنه أن يستقل القارب من ستوكهولم مثلا أو هلسينكي وأن يبقى في سان بطرسبورج 72 ساعة من دون تأشيرة .
وتنظم المدينة خلال هذه الفترة مهرجاناً للموسيقى الكلاسيكية حول مسرح مارينسكي الشهير وغيره من الفعاليات الثقافية مثل تلك التي تقام بمناسبة تخرج الآلاف من المدرسة.
وتنظم أيضا حفلات موسيقية وعروض رقص ومؤثرات خاصة تنتهي بإطلاق ألعاب نارية من نهر نيفا، ثم يصل قارب فخم ذو أشرعة حمراء كرمز للأمل وللحياة الجديدة المقبلة.
وأسست سان بطرسبرج على يد بيتر الأول العظيم عام 1703 لتكون العاصمة الإمبراطورية الجديدة لروسيا، وهي تمثل التجسيد الكامل للموهبة الفنية بأجمل صورها ، حيث ترك أفضل معماريي أوروبا وأهم مواهب روسيا بصمتهم في هذه المدينة الساحرة، ومن بينهم ألكسندر بوشكين ونيكولاي كوكول وفيودور دوستويفسكي وديمتري شوستاكوفيتش وألكسندر برودسكي.
ومن الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري وصولاً إلى المواهب الفذة في مجال الفنون الاستعراضية في أوبرا وباليه مارينسكي وروائع الفن في متحف الأرميتاج، فإن كل شيء في هذه المدينة الرائعة يستقي إلهامه من الجمال والأناقة. وتستقطب الجسور المتحركة الأسطورية ونهر نيفا العظيم و”الليالي البيضاء” الشهيرة ملايين السائحين سنويا .
ويعتبر مركز المدينة من المواقع المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو واستقت المدينة إلهامها من تقاليدها الفنية الراسخة لبناء ملعب ضخم يتسع لتسعة وستين ألف شخص على جزيرة كريستوفسكي قبالة بحر البلطيق.
وقد صمم هذا الملعب، الذي له شكل مركبة فضائية، المهندس المعماري ذائع الصيت كيشو كوروكاوا ، و أرضية الملعب قابلة للتغطية بحيث تحافظ على جودتها بغض النظر عن الظروف الجوية السائدة.
وتقام مباراة مصر وروسيا في بطولة كأس العالم على هذا الملعب في ثاني مباراة للفراعنة في المونديال ، وتعد هذه فرصة للجمهور المصري ليعيش أجواء خيالية لن يراها في أي مكان آخر بالعالم .
المصدر: أ ش أ