يحيي المجتمع الدولى “يوم أفريقيا “، الذي تحتفل به الدول الإفريقية في الخامس والعشرين من شهر مايو من كل عام ، ويصادف هذا العام الذكرى الـ 55 لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية .
ففى هذا اليوم من عام ١٩٦٣ وقع قادة 30 دولة أفريقية من 32 دولة مستقلة من بينها مصر على الميثاق التأسيسي لمنظمة الوحدة الإفريقية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وفى عام ٢٠٠٢ تحول اسم المنظمة إلى “الاتحاد الأفريقى”، وهو منظمة دولية تتألف حاليا من ٥٥ دولة أفريقية ، وتعتبر مدينة أديس أبابا العاصمة الإدارية والرئيسية للاتحاد الأفريقي، حيث تحتضن المقر الرئيسي للأمانة العامة للاتحاد ، ويتم اتخاذ قرارات الاتحاد في اجتماع نصف سنوي لرؤساء الدول وممثلي حكومات الدول الأعضاء تحت مظلة ما يعرف بالجمعية العامة للاتحاد الأفريقى ٠
ويتكون الاتحاد الأفريقي من جزءين أحدهما سياسي والآخر إداري ، وتعرف جمعيته العامة التي تتألف من رؤساء دول الأعضاء أو ممثلي حكوماتها بأنها أكبر صانع للقرارات في الاتحاد ، الذى لديه أيضا هيئة تمثيلية تعرف بالبرلمان الأفريقي (برلمان عموم أفريقيا) ، و مؤسسات سياسية أخرى، مثل المجلس التنفيذي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ٠
وتواجه القارة الكثير من المشكلات والتحديات التى يحاول الاتحاد التدخل لحلها والتغلب عليها ، بدءا من القضايا الصحية وانتشار أمراض الملاريا والايبولا والإيدز ( فيروس نقص المناعة البشرية ومتلازمة العوز المناعي المكتسب ، حيث يصل عدد المصابين به إلى 63 فى المائة من نسبة المصابين به في العالم ، وهذا المرض الذى يودى بحياة أعداد كبيرة من الأفارقة يعد كارثة اجتماعية خطيرة، ثم القضايا السياسية مثل المحاربة السلمية للأنظمة غير الديمقراطية وانتشار الحروب الأهلية، والنزاعات المسلحة بالإضافة للمسائل القانونية المتعلقة بالنزاعات الإقليمية ، والقضايا والتحديات الاقتصادية والاجتماعية ومشاكل المجاعات المتكررة وقضايا البيئة والتغير المناخى وأثارهما٠
وتظل الاضطرابات السياسية وتهميش الاقتصاد، من أخطر التحديات التي تواجه أفريقيا ، وإذا كان من الممكن القول إن الموقف العام في أفريقيا قد تحرك نحو التحسن في السنوات القريبة الماضية، فإنه، في نفس الوقت، لابد عدم إنكار أن وضع أفريقيا كان دائما يتصف بوجود التحديات والفرص السانحة جنبا إلى جنب ، وبالمقارنة الرأسية فقد شهدت أفريقيا تغيرات إيجابية، ولكن بالمقارنة الأفقية، خاصة عندما تقارن مع أقاليم أخرى في العالم، فإن التحديات التي تواجه أفريقيا مازالت قاسية جدا.
ويظل الوضع السياسي المضطرب، الهش والمتغير، العدو المخيف لأفريقيا. ويمكن تلخيص مظاهر الوضع السياسى في أفريقيا في حروب محلية وعدم استقرار آخذ في الصعود واحد بعد الآخر ، حتى أصبح من الصعب علاجها في بعض المناطق الساخنة. وأصبح من الممكن تقويض الوضع المستقر في أى وقت.
والنزاع على المصالح الاقتصادية، مثل المصادر الطبيعية والمعادن والأرض، أصبح سببا مهما للصراعات خلال السنوات القليلة الماضية ، ومازال التهميش فى ظل عولمة الاقتصاد هو التحدي الأعظم الذى يواجه أفريقيا. وبالرغم مما حققه الاقتصاد من تقدم ، لكن تحت ظروف التقدم السريع لعولمة الاقتصاد، فإن الفجوة بين أفريقيا والدول المتقدمة، وحتى مع بعض الدول النامية، مازالت متسعة٠
فيما يمثل الفقر التحدى الأعظم ، فعلى الرغم من نمو الاقتصاد الأفريقي إلا إن هناك زيادة فى نسبة السكان الذين يعانون من الفقر ويرزحون تحت خط الفقر المدقع ، ويحصلون على أقل من دولار أمريكي فى اليوم لمصاريف معيشة، بما يمثل نصف سكان أفريقيا تقريبا ، ومن بين ٤٨ دولة من أفقر دول العالم تقع ٣٣ دولة منها فى إفريقيا ، ويرجع ذلك إلى التوزيع غير العادل للثروة ، ووجود ظاهرة الفساد فى بعض الأماكن، كما أن النمو الاقتصادي لم يستفد منه الفقراء، خاصة وأن الصراعات المتتالية قد أدخلت تلك البلدان فى الدائرة الخبيثة للفقر، فكلما زادت الاضطرابات ازداد الفقر ، إلى جانب أعباء الديون وفوائدها الثقيلة التى تعوق بشدة خطى التنمية.
ومن خلال جهود الوساطة لمنظمة الوحدة الأفريقية، وبعدها الاتحاد الأفريقى والمنظمات الإقليمية، وأيضا المجتمع الدولى، خفت حدة التوترات الداخلية ، وفترت بعض النقاط الساخنة أو تم التحكم فيها ، ووقعت اتفاقات السلام واحدة تلو الأخرى من قبل البلدان التي تعاني من هذه التوترات ، وخطت إفريقيا خطوات حثيثة على طريق تكثيف التكامل الاقتصادى، وتسارعت فى السنوات الماضية خطوات التكامل الاقتصادى الإقليمي ، يعززه غنى القارة بثرواتها الطبيعية ، ورغم ذلك مازالت تعتبر منطقة محفوفة بالحروب والاضطرابات ، ونتيجة لذلك فقد تغلبت النظرة المتشائمة على النظرة المتفائلة لعقود طويلة بشأنها ، ومن خلال الجهود الشاقة للدول الأفريقية فى السنوات القليلة الماضية، فإن الوضع العام فى هذه المنطقة يتحرك نحو منعطف الفرص التاريخية الأحسن والأعظم التى تولد فى أفريقيا.
وقد أظهرت الدبلوماسية الأفريقية معلمين أساسيين تمنحها فرصة عظيمة لاستكشاف سبيل التنمية، ويوقظ الاهتمام الأكبر من كافة الأطراف في المجتمع الدولى ، وهما : أولا أن الدول الأفريقية – التي تحتل ربع مقاعد الأمم المتحدة – قوة عالمية لا يستهان بها إذا عمدت إلى استخدام القوة الجماعية بفاعلية ، وثانيا أن تطبيق الدبلوماسية الاقتصادية على مدى واسع واستغلال تفوقها في مصادرها، واستثمار كل مناسبة لمناشدة المجتمع الدولي لمساعدة أفريقيا في التغلب على الصعوبات والتحديات التى تواجهها ٠
سيظل الاستقرار السياسى فى إفريقيا متوازيا لعدة سنوات قادمة، مع الاضطرابات المحلية ، وسيحتفظ الاقتصاد الأفريقي ككل بقوته الدفع نحو النمو ، لكن معدل النمو لن يكون كافيا لتحقيق هدف أفريقيا للتخلص من الفقر ، وبناء على ذلك، فإن خطر تهميش أفريقيا مازال موجودا وما تحتاجه أفريقيا بشدة هو السلام والاستقرار وهما شرطان جوهريان لا بد من توافرهما لتجديد قوتها وتنميتها فى الألفية الثالثة ، فبدون بيئة سليمة تنعدم التنمية، وسيصل المد الدائم للعولمة الاقتصادية إلي أفريقيا.
وتعتبر أفريقيا ذات ٧٠٠ مليون نسمة آخر أرض بكر محل جذب متزايد للدول الغربية التي تحتاج إلى هدف جديد للاستثمار ، ومع ظهور التغيرات الحديثة فى وضع القارة السمراء ، قررت الدول الغربية توفيق سياستها تجاه أفريقيا، وقوى المجتمع الدولى اهتمامه بها ، وقامت واحدة تلو الأخرى، بتعديل سياستها تجاه أفريقيا ، معلقة اهتماما أكبر بهذا الإقليم من العالم حيث اشتد إقبالها نحوه وزادت قناعتها به ، وأظهر البنك الدولي، والأمم المتحدة، والمجتمع الدولي عموما اهتماما أكبر من ذي قبل ، وبذلوا جهودا عملية لمساعدة أفريقيا في تقليل حدة الفقر، والتغلب على انتشار الأمراض والكوارث الطبيعية والتخفيف من عبء الديون الثقيلة.
ومع التطورات في وضع أفريقيا والبيئة الدولية خلال السنوات القليلة الماضية، انبعثت اتجاهات جديدة، وتغيرات في مكانة أفريقيا الدولية تستحق الانتباه. فقد قوي الانتباه العالمي بعض الشيء بها، وجذبت التغيرات الإيجابية في وضع أفريقيا انتباها جديدا من الغرب، حيث حقق اقتصادها نموا مطردا في عدة سنوات متتالية، وتقدم التنظيم الهيكلي للاقتصاد في عدة دول في السنوات القليلة الماضية ، وإلى جانب ذلك، تكشفت آمال جديدة للاستثمار فى القارة الأفريقية، حيث كثف التطور السريع للعولمة مع مرور الأيام النزاع على السوق بين كل الدول.
أ ش أ