كثيرٌ منّا في فورة الغضب، أو في المواقف الحياتية المُلْتَبِسَة، يواجه صعوبات في التماس العذر لمن حوله، أو فهم الأمور بشكل صحيح، وذلك نظرًا للانفعال الزائد الذي يَنْتَابُنَا لحظة الغضب، مما يؤدي لزيادة المشكلة واحتقان الموقف، بالإضافة للمشاعر السلبية المُتولدة من إحساسك بالخذلان الذي قد يكون خاطئًا في بعض الأحيان.
ويقول خبراء التربية الاسرية إنه لا بدَّ أن نلتمس الأعذار لبعضنا البعض، وألّا نقفَ لنحاسب بعضنا بالورقة والقلم، ففي كثير من الأحيان يكون تجاهلُ الموقف وعدم الوقوف عليه، أفضل من جعله محلَّ نقاش وجلب نزاع، ولكي نتجاوز تلك المشكلة، علينا الالتزام ببعض النقاط، ومن أهمها:
الموضوعية
إن التماس العُذر في حالة نشوب أي خلاف بين طرفين أو أكثر، سواء أكان خلافًا في الحياة العملية أم الاجتماعية، يتطلب قوة نفسيّة للفصل الموضوعي في الأمر محلّ الخلاف، واستيعاب دوافع الطرف الآخر، للتمكن من التماس العُذر له، أو التجاوز عن إساءته، والتفكير في الأمر بحيادية تامة، بغَضِّ النظر عن كونكِ طرفًا في المشكلة.
فإذا أخطأتِ أو تصرفتِ بشكل أدَّى لردِّ فعلٍ مُسيء أو جارح لك من الطرف الآخر، اعترفي بخطئِك، ولا داعي للمُكابرة والعناد، وإن أخطأ غيرُك في حقك دون أسباب، كوني واعية لهذا، ولكن مع النّضْجِ الكافي لمعرفة الأسباب والتجاوز عنها.
التفاهم
توضيح نقاط الخلاف بين الطرفين، والوقوف على أسباب المشكلة والنقاش، أمور تُسهل كثيرًا التماس العذر للآخر؛ بسبب انفتاح الشخص على وجهة النظر المُقابلة له، وبالتالي فهْم دوافعه أكثر، حتى إن لم يقدمْ لكِ تفسيرًا كافيًا.
فحاولي عزيزتي أن تبادري بالنقاش لتتفهمي وجهات النظر الأخرى، وتُفهمي الطرفَ الآخر وجهة نظرك، وبالتالي تزيد مساحة التماس العذر بينكما، ومن ثَمَّ الثقة والمعرفة التي ستتصدى للمشاكل بينكما مستقبلاً.
حسن الظن
عدم التماس الأعذار، لا يتعلق فقط بالخلافات المباشرة مع الآخرين، ولكن كثيرًا ما نرى تصرُّفًا من شخص ما، يعطينا انطباعات غير صحيحة تمامًا عنه، مما قد يؤثِّر على علاقتنا به، أو بمن يشبهونه إذا صادف والتقينا بهم في المستقبل.
لذلك وجب علينا التماس العذر للقريب والغريب، حيث إننا لا نعلم ظروف الآخرين، أو دوافعهم، ولا نعلم إذا كنا في ظروف مختلفة، كيف ستكون شخصياتنا وتصرفاتنا؛ فاعذري الناس لكي تُعْذَرِي، واعملي بالقول المأثور: يا عيني للناس أعينٌ.
التغافل
قد نُحسن الظن ونحاول التفاهم ونكون موضوعيين، دون نتيجة، أو دون وجود سبب وعذرٍ للغير يُبَرِّرُ تصرفاته معنا، أو مع غيرنا بشكل مؤذٍ أو مُسيء، وفي حالة عدم وجود سبب ظاهر يُؤخذ به كعُذر.
فإن التغافل عن الأخطاء أو المواقف الصادرة عن الآخرين، يكون الحلَّ الأمثل لإمكانية استمرار العلاقات الشخصية، أو زمالة العمل بشكل سويّ، حتى لا تُثقل النفوس بالظنون والضغائن؛ فتجاوزي قارئتي العزيزة دائمًا، واصفحي حتى يصفح الآخرون عنك؛ فاليوم لنا وغدًا علينا، وقد أوصانا دينُنا الحنيف بحبِّ الغير، والتجاوز عن الإساءة.
المصدر: