يحيي العالم بعد غد الأربعاء اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام 2018 تحت شعار “تعزيز الحماية والسلام والتنمية ” ، حيث تعتبر الإجراءات المتعلقة بالألغام عملاً إنسانياً لأنها تنقذ الأنفس، وتتضمن إيجاد الألغام الأرضية وأخطار المواد المنفجرة في المناطق التي مزقتها الحروب ومن ثم تدمير تلك الألغام والمواد، مما يمكن في نهاية المطاف من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين لها.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بموجب قرارها 97/60 في ديسمبر 2005، يوم 4 أبريل من كل عام رسميا اليوم الدولي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام، وقد دعت إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام للقيام حسب الاقتضاء، بتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديدا خطيرا على سلامة السكان المدنيين المحليين وصحتهم وأرواحهم، أو عائقا أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين الوطني والمحلي.
وأشار أنطونيو جوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته ، إلي أنه في عالم اليوم، ما فتئت النزاعات تتضاعف ويتزايد ترابطها، وأكثر ما يبعث على القلق أن كثيراً من الأطراف المتحاربة لا تبدي أي خجل في استهداف المدنيين بل تبدي تجاهلاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
وأضاف أن الأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع تتسبب في مقتل وإصابة آلاف المدنيين سنوياً ، وهذه الأجهزة الخبيثة مخبأة في المنازل والمدارس وتروِع السكان المحليين.. وعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية، قامت الأمم المتحدة وشركاؤها بتطهير مساحات شاسعة من الأراضي الملوثة بالألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، فأُعيدت إلى المواطنين أراض كانت منطوية على مخاطر وغير منتجة، وبذلك تمكنوا من إعادة بناء مجتمعاتهم المحلية. كما أن إزالة الألغام الأرضية من الطرق ومهابط الطائرات سهّلت وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في حاجة إليها.
وذكر أن الأمم المتحدة قدمت المساعدات الطبية للضحايا، وقامت بتثقيف الملايين من الناس بشأن كيفية العيش بأمان أثناء النزاع أو في أعقابه مباشرة، وقمنا أيضاً بتدريب آلاف الرجال والنساء على الإجراءات المتعلقة بالألغام، وبتوظيفهم في هذا المجال الذي يدعم السلام ويصونه.
وحث جوتيريش جميع الدول الأعضاء على إبقاء هذه المسألة في صدارة جدول الأعمال الدولي عند التفاوض بشأن السلام، وعند السعي إلى منع وقوع الأذى أثناء النزاعات، وعند نشر عمليات الاستجابة الإنسانية الطارئة في مناطق الحرب، فالإجراءات المتعلقة بالألغام ترسي الأسس اللازمة للإنعاش والتنمية الدائمين ولا ينبغي لأحد أن يعيش وهو خائف من الموت حتى بعد توقف القتال.
وكشف تقرير حملة المنظمة الدولية ضد الألغام الأرضية لعام 2017، إلى أن هناك 119 مليون لغم تنتشر في أرجاء العالم، وأن هناك لغما ينفجر كل 33 ثانية، وضحية كل 20 دقيقة، ويمكن ملاحظة العلاقة بين زراعة الألغام الأرضية وتبعاتها الاجتماعية على سلامة الجسد وتشريد السكان، كما أنها تؤثر على الاستثمار والإنتاج والتجارة والعمالة وغيرها من السياسات التي تشكل بيئة العمل الاقتصادي.
وأوضح التقرير أن الألغام قتلت السنة الماضية 2089 شخصاً، كما أن أكثر من 6500 رجل وامرأة وطفل أصيبوا بهذه المتفجرات الخبيثة، مضيفة أن معظم ضحايا سنة 2016 ، كانوا في دول : أفغانستان، وليبيا، وأوكرانيا، واليمن، و42% من الضحايا المدنيين كانوا من القصر. في السياق ذاته، أشار تقرير لمنظمة اليونيسيف أن سنة 2016 كانت سنة مأساوية بحيث وصلت نسبة الضحايا من الأطفال إلى 48% من جراء الألغام والقنابل العنقودية حول العالم. موضحا أن حوالي 4 ملايين طفل تلقوا مساعدة اليونيسيف في 26 بلدا وأن المنظمة هي رائدة في هذا المجال ضمن منظمات الأمم المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن الصراعات في سوريا وميانمار أدت إلى بؤر توتر جديدة لعبت فيها الألغام الأرضية دوراً محزناً، إذ تستخدم القوات النظامية في سوريا ألغام الأفراد منذ عام 2012 كما استخدمها تنظيم داعش.
وكشف أن التكنولوجيا الحديثة قد استطاعت صناعة ألغام بلاستيكية أصغر حجما وأقل عرضة للكشف، وتتراوح تكلفة إنتاج هذه الألغام بين 3 دولارات و75 دولارا أمريكيا، ومما يؤسف له أن صغر حجم الألغام وطبيعة تصميمها, بل ولونها في كثير من الأحيان يجعلها جذابة للأطفال الذين يلتقطونها معتقدين أنها لعب، كما أن وسائل إطلاق الألغام المضادة للأفراد من بعد مثل الإسقاط بالطائرات أو القذف بالمدافع زادت من عشوائية نشر الألغام دون تحديد لمواقعها على خرائط, ولا سيما في المناطق الريفية حيث لا يتطرق إلى أذهان الضحايا الآمنين أنها تحيط بهم .
ويشكل المدنيون نسبة 80% من ضحايا الألغام ، والأطفال أكثر من البالغين عرضة للموت تأثرا بالإصابات الناجمة عن الألغام , ويقدر أن 50 % من الضحايا يموتون في غضون ساعات من وقوع الانفجار وغير قادرين على الوصول إلى مراكز الرعاية الطبية . وبالنسبة للناجين فإنهم يواجهون ظروفا صعبة في بلدان نامية مزقتها الحروب أو تنقصهم النظم اللازمة لتقديم خدمات إعادة التأهيل أو يفتقرون إلى أخصائيين مدربين أو موارد مالية وتقنية أو نظام للتدريب المهني لإعادة تأهيلهم.
بدورها، قالت “آميلي شايه” مديرة الحملة الدولية لحظر الألغام والحملة الدولية لحظر القنابل العنقودية إن 163 دولة وقعت على اتفاقية نزع الألغام ولكن ما زال هناك الكثير من الدول خارج هذه الاتفاقية.
وأضافت أن الألغام استخدمت في مناطق متعددة من العالم من قبل قوات حكومية وميليشيات متقاتلة. مشيرة إلي أنه تم تدمير أكثر من 2،2 مليون لغم سنة 2016 ، وأن 41 دولة أوقفت تصنيع الألغام لكن الألغام ما زالت متداولة بشكل غير شرعي في بعض البلدان مثل أوكرانيا واليمن وغيرها.
وعددت شايه ، البلدان حيث تم ويتم تنظيف الألغام والأعداد المتبقية بالإضافة إلى أعداد الضحايا الذين بلغوا 8605 قتيل ومصاب سنة 2016 ، منهم 2089 قتلوا في 52 بلدا وهو الرقم الأعلى منذ العام 1999، والأمر ينطبق أيضاً على الضحايا الأطفال حيث ارتفعت الأعداد والنسب. لافتة إلى تدني مستوى الدعم العالمي والمحلي لبرامج نزع الألغام منذ سنة 2012 وحتى 2016.
وقد أكدت الأمم المتحدة ضرورة تطوير مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها المخلفات المنفجرة للحرب تهديداً خطيراً على سلامة السكان المدنيين وصحتهم وأرواحهم، لافتة إلى أن الألغام تشكل عائقاً أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين الوطني والمحلي.
وتفرض معاهدة أوتاوا الموقعة سنة 1997 في كندا من قبل 123 دولة، والتي تعارضها دول أخرى بينها الولايات المتحدة وروسيا والصين وبولندا، حظرا شاملا على الألغام المضادة للأفراد، وتقضي بتدميرها سواء أكانت مخزنة أم مزروعة في الأرض.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)