الزيارة الرسمية التي بدأها الخميس وزير الخارجية سامح شكري لنيودلهي لرئاسة وفد مصر في أعمال الدورة السابعة للجنة المشتركة بين البلدين تسلط الضوء على أهمية العلاقات الثنائية المصرية الهندية وسبل تطويرها في كافة المجالات ، في ضوء النتائج المثمرة للزيارات واللقاءات المتعددة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودى منذ عام 2015 ، والتنسيق المشترك بين البلدين فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية.
وتعكس الزيارة تطلع مصر لتنمية وتطوير العلاقات الثنائية مع الهند في مختلف المجالات ، خاصة أن للهند تجربة رائدة في تحقيق التقدم والنهوض السياسي والاقتصادي ، الأمر الذى وضعها في مصاف القوى الدولية البازغة التي استطاعت تحقيق معدلات نمو سريعة ومرتفعة.
وترتبط مصر والهند بعلاقات عريقة تنطلق من أنهما من أقدم حضارات العالم ، حيث تتمتعان باتصال وثيق من العصور القديمة ، وشهدت العلاقات المصرية الهندية في مجال الاقتصاد والتجارة خلال الأعوام الماضية تطورا ملحوظا ، حيث تعد الهند ثالث أكبر شريك تجاري لمصر، وتبلغ الاستثمارات الهندية في مصر حوالي 3 مليارات دولار ، وتتركز في قطاعات الغزل والنسيج وتخزين البضائع المتنوعة والبترول والبتروكيماويات.
وتسعى مصر للاستفادة من الخبرة الهندية في مجال تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتنشيط تعاون الصندوق الاجتماعي للتنمية بمصر مع نظيره الهندي وتفعيل اتفاق الصندوق والهيئة العربية للتصنيع من جانب مصر ومؤسسات هندية في مجال البرمجيات وصناعة الحاسب الآلي ، حيث يبلغ عدد الشركات الهندية المستثمرة 372 شركة ، وتستوعب حجم عمالة مصرية يقدر بحوالي 15 ألف عامل.
وسجلت الواردات المصرية من الهند أعلى قيمة لها 2.45 مليار دولار خلال عام 2014 مقارنة بحوالي 2.26 مليار دولار خلال عام 2013 ، أي بمعدل زيادة بلغ حوالي 8.3% ، ويرجع ذلك إلى ارتفاع الواردات من بعض البنود مثل لحوم الأبقار المجمدة ، خيوط القطن والأقمشة من ألياف تركيبية ، ومصنوعات من صلب ، وقطع غيار السيارات وسيارات النقل.
وتوطدت العلاقات بين البلدين بشكل كبير مع قيام ثورة يوليو 1952، وساندت الهند الموقف المصري عند وقوع العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 ، حيث دافع الزعيم الهندي جواهر لال نهرو عن القضية المصرية ، مهددا بانسحاب بلاده من رابطة الشعوب البريطانية (الكومنولث البريطاني).
وفي أعقاب حرب عام ١٩٦٧ ، أيدت الهند الموقف المصري والحق العربي في صراعه مع الاحتلال الإسرائيلي ، وطالبت بعودة الأراضي التى اغتصبتها إسرائيل ، وأيدت في عام 1977 كذلك مبادرة السلام التي أطلقها الرئيس الراحل أنور السادات ، واعتبرتها بمثابة الخطوة الأولى في طريق التسوية العادلة لمشكلة الشرق الأوسط.
وفي إطار تعزيز وتوطيد العلاقات بين مصر والهند ، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة إلى الهند خلال الفترة 1-3 سبتمبر 2016 ، تلبية لدعوة من الرئيس الهندي براناب موخرجى ، وعكست تلك الزيارة حرص البلدين على تعزيز العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربطهما على جميع الأصعدة.
والتقى الرئيس السيسي برئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودي على هامش أعمال قمة تجمع (بريكس) ، وأكد حرص مصر على تطوير علاقات التعاون مع الهند في جميع المجالات ، بما يساهم في تعميق أواصر الصداقة والروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين ، معربا عن تطلعه لقيام مجتمع الأعمال الهندي بزيادة استثماراته في مصر.
من جانبه ، أشاد رئيس وزراء الهند بالزخم الذي شهدته العلاقات بين البلدين على مدى العامين الماضيين ، مؤكدا قوة هذه العلاقات وحرص الهند على دفع وتعزيز التعاون مع مصر على الأصعدة المختلفة ، خاصة في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية.
ويولي البلدان اهتماما كبيرا بتنمية وتعزيز العلاقات في المجال الثقافي والأكاديمي ، حيث بدأت مراكز الأبحاث والجامعات بتنظيم عدة ندوات فكرية وثقافية بين مفكري ومثقفي البلدين ، والحرص على المشاركة المستمرة في المهرجانات الثقافية والفنية بالبلدين (أفلام ، مهرجانات سينما ، المسرح التجريبي ، الفن التشكيلي ، الموسيقى) ، كما أن هناك فرص لتنويع مجالات التعاون الثقافي مثل الترميم وصيانة الآثار ، وإقامة معارض للآثار المصرية في الهند.
وفي إطار الجهود المصرية لتعزيز الشراكات الدولية ضد الإرهاب ، وبناء على فترة عضوية مصر بمجلس الأمن الدولي وترؤسها للجنة مكافحة الإرهاب في المجلس عامي 2016 و2017 ، استضافت مصر الاجتماع الثاني لمجموعة العمل المشتركة بين مصر والهند لمكافحة الإرهاب الدولي ، وشارك فيه مختلف الوزارات والأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة الإرهاب في البلدين، حيث استعرض المشاركون المخاطر الإرهابية التي يتعرض لها البلدان وذلك في إطار جهودهما في مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.
تجدر الإشارة إلى أنه من المنتظر أن يلقي الوزير سامح شكري محاضرة أمام مركز الأبحاث التابع للحزب الهندي الحاكم “بهاراتيا جاناتا”، يستعرض خلالها رؤية مصر تجاه العديد من التطورات الإقليمية والدولية ، فضلا عن إجراء مباحثات مع نظيرته الهندية ، ورئاسة الوزيرين لأعمال الدورة السابعة للجنة المشتركة بين البلدين.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)