دعت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إدارة البيت الأبيض للانضمام إلى لندن في حملتها ضد روسيا، المتهمة باغتيال الجاسوس الروسي على الأراضي البريطانية بواسطة غاز الأعصاب السام، مؤكدةً أن ذلك وحده الكفيل بوقف ما وصفته بـ”انتشار السم الروسي”.
وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها، أن استخدام غاز الأعصاب الروسي داخل بريطانيا، يُظهر أن الحكومات الغربية فشلت في ردع نظام فلاديمير بوتين ومنعه من ارتكاب أعمال “عدائية” جريئة.
وكانت التحقيقات الحكومية البريطانية قد خلصت إلى أنه “من المرجح جداً” أن تكون روسيا ضالعة في محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته يوليا.
ويأتي هذا الاتهام بعد أسابيع من شنِّ قوات روسية غير نظامية هجوماً مدعوماً بالدبابات والمدفعية على مواقع أمريكية في سوريا، كما أن الاتهامات البريطانية لروسيا تأتي متزامنة مع اتهامات لنظام موسكو بمحاولة التدخل في انتخابات غربية خلال الأشهر الأخيرة، وتكرار محاولات الطائرات الحربية الروسية اختراق المجال الجوي الغربي.
وتمضي الصحيفة قائلة، إن الرئيس بوتين يمضي في مواصلة “استفزازاته غير المسبوقة” حتى بمعايير الحرب الباردة، فهو وصل إلى قناعة بأنه لن يدفع ثمناً باهظاً لما يقوم به.
وتشرح “الواشنطن بوست” طبيعة ما تعرَّض له الجاسوس السابق وابنته في مدينة سالسبوري السلمية، مؤكدةً أنه تعرَّض لعامل كيميائي تعرَّف عليه العلماء البريطانيون، ويُعرف باسم “نوفيشوك”، طوَّره علماء الاتحاد السوفييتي السابق بداية السبعينيات، في انتهاكٍ يدل على أن موسكو لم تلتزم بمعاهدة وقف تطوير وإنتاج الأسلحة الكيماوية.
ويُعتقد أن هذا النوع أقوى بعشرة أضعاف من غازات الأعصاب المستخدمة في الأسلحة مثل غاز “VX”، وهذا النوع لا يعرِّض الجاسوس وابنته للخطر فحسب؛ بل العشرات من الأشخاص الآخرين، ما يعني أن ما قامت به روسيا ليس مجرد جريمة، وإنما “إرهاب دولة”.
وتفسر الصحيفة الأمريكية “جرأة” بوتين باستخدام هذا النوع من الغاز لملاحقة جاسوس سابق، وهو الذي يعلم أنه سيتم التعرف عليه واتهام روسيا بالضلوع في الجريمة، مشيرة إلى أن رئيس وكالة التجسس الروسية، المعروفة باسم “FSB”، تعهد علناً بالانتقام من الجاسوس سكريبال، بعد أن علم أنه قدَّم معلومات إلى بريطانيا.
كما شجعه على ذلك، الرد البريطاني الضعيف نسبياً على مقتل جاسوس سابق هو ألكسندر ليتفيننكو في لندن عام 2006، فبعد ثمانية أشهر من مقتله؛ أقدمت بريطانيا على طرد أربعة دبلوماسيين روس، ولكن التحقيق حينها لم يكتمل إلا بعد تسعة أعوام، وخلص إلى أن بوتين كان مسؤولاً عن عملية القتل.
حزمة العقوبات الجديدة التي فرضتها بريطانيا، أكثر قوة، إلا أنها تحتاج لأن تدعمها حكومات غربية أخرى، بدءاً من الولايات المتحدة.
الرئيس ترامب أُحيط علماً بمسؤولية روسيا عن هجوم “سالسبوري”، ولم تنفِّذ الإدارة حتى الآن العقوبات التي فرضها الكونغرس رداً على جرائم روسية سابقة، ما يعني أن على قادة الكونغرس الإسراع بتطبيق العقوبات، كما أنه من الضروري أن تدعم الولايات المتحدة أقرب حليف لها تعرَّض لعدوان غير عادي.
إن الرد المناسب على بوتين من شأنه أن يوقفه على جميع الجبهات، كسوريا وكذلك أوكرانيا، التي أعلنت الأمم المتحدة أن موسكو متواطئة في جرائم حرب بها، حيث تواصل قوات مدعومة من روسيا السعي للحصول على مكاسب عسكرية، والفضاء الإلكتروني، حيث العشرات من الهاكر الروسي ينتشرون في كل مكان.
وجود رد مناسب -تقول “الواشنطن بوست”- على تصرفات بوتين يمكن أن يوقف جرأته وأن يضع لها حداً.