تحتفل مصر ومختلف دول العالم، اليوم الخميس، باليوم العالمى للمرأة الذى يحمل هذا العام شعار ” حان الوقت ..الناشطات من الريف والحضر يغيرن حياة المرأة ” ، وتركز الاحتفالات للدلالة على الاحترام العام الذى يكنه المجتمع للمرأة ولإنجازاتها الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية ، حيث تعد هذه المناسبة فرصة للتأمل وتقييم التقدم المحرز للنهوض بالمرأة ، والدعوة لتسريع الجهود الشجاعة التي تبذلها عوام النساء وما يضطلعن به من أدوار استثنائية في صنع تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن.
وتاريخيا جاء هذا الاحتفال كثمرة لما شهدته شوارع مدينة نيويورك فى 8 مارس عام 1908 ، من خروج الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر، ليس ضد ظروف العمل فقط، بل وللمطالبة أيضا بتخفيض ساعات العمل ، ووقف تشغيل الأطفال وتمتع النساء بحق الاقتراع ، وحملت المتظاهرات قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود كشعار لتلك المسيرة الاحتجاجية ، و هكذا بدأ اختيار التاريخ يوم 8 مارس من كل سنة يوما للاحتفال بالمرأة على مستوى العالم ، وفى عام 1910 طرحت السياسية اليسارية من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني ” كلارا زتكن ” فكرة الاحتفال بيوم المرأة العالمي واقترحت أن تختار كل دولة يوما محددا من كل عام للاحتفال بيوم المرأة على أن تتم فيه طرح مطالب النساء في كل دولة.
وفى عام 1975 اعترفت الأمم المتحدة “بيوم المرأة ” ، وباتت دول العالم تحتفل بهذه المناسبة منذ هذا التاريخ بصورة رسمية.
وعندما تحتفل النساء بيوم المرأة بإقامة الفعاليات والأنشطة المتنوعة فإن ذلك يساهم في استمرار لفت أنظار العالم تجاه الممارسات غير العادلة بحق النساء، ويساعد على تسليط الضوء على القضايا الهامة التي تشغل اهتمام النساء ، بالإضافة إلى ذلك فإن اليوم العالمي للمرأة هو يوم للاحتفال وتكريم النساء الأكثر تأثيرا واللاتي استطعن تجاوز المصاعب وتحقيق إنجازات عظيمة.
وتختلف طقوس الاحتفال في دول العالم باليوم العالمي للمرأة بحسب ثقافة الدول والمجتمعات ، ولكن عادة لا تخلو أجواء الاحتفالات من الإشادة بأدوار المرأة وتقديرها بمختلف المجالات في المجتمع ، ففى مصر يدشن اليوم العالمى للمرأة احتفالات شهر مارس بالمرأة المصرية ، ويوافق يوم 12 مارس هذا العام الذكرى ال٦٤ عاما على أول إضراب عن الطعام قام بها سيدات مصريات ، حيث اعتصمت الكاتبة الثائرة درية شفيق بمقر نقابة الصحفيين مع مجموعة من زميلاتها ، مطالبات بحقوق المرأة الدستورية كاملة غير منقوصة، وبضرورة تمثيل المرأة الجمعية التأسيسية، وإتاحة الفرصة لها فى مناقشة الدستور الذى سيحكم البلاد ، وقد أثار هذا الحدث جدلا وضجة إعلامية محلية عربية وعالمية آنذاك، بسبب عدم اعتياد المجتمع على هذا النوع من الاعتراض ، فما كان من الحكومة التى وجدت نفسها فى موقف حرج أمام العالم، إلا أن تدعو المعتصمات بكتابة مذكرة تتضمن مطالبهن والاستجابة لها ٠
وفى يوم ١٦ مارس ، تحتفل مصر “بعيد المرأة المصرية ” الذى يوافق ذكرى مناسبة وطنية ، حيث يمثل ذكرى خروج المرأة المصرية تتقدمها هدى شعراوى فى مظاهرة لأول مرة للمشاركة في احتفالات ثورة 1919 ومقاومة للاحتلال البريطاني، حيث لم يكن خروج النساء فى هذا اليوم للمطالبة بامتيازات لهن، وإنما كان خروجهن للمطالبة باستقلال الوطن وحريته، وقد سقطت أول شهيدة مصرية فى هذه المظاهرة وهى ” شفيقه محمد ” ٠
وفى ذات اليوم و بعد مرور أربع سنوات شكلت هدى شعراوي الاتحاد النسائي المصري ، للمطالبة بالاستقلال وإلغاء الامتيازات الأجنبية وتكافؤ الفرص بين الجنسين، وفى 16مارس من عام 1956 حصلت المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشيح ، وهى بعض المطالب التى طالما ناضلت المرأة المصرية من أجلها والتى تحققت بالفعل فى عام 1956 ، وفى عام 1995 اختار المجلس القومي للمرأة يوم 16 مارس يوماً للمرأة المصرية و تم الاحتفال به رسمياً لأول مرة عام 1996.
وفي 21 مارس من كل عام تحتفل مصر ب”عيد الأم” الذي يسلط الضوء على عطاء الأم المصرية ، والجانب الإنساني لها ودورها الفطري ، فالمرأة كأم مستعدة للتضحية من أجل أولادها بنفسها وبكل غالي ونفيس لإسعادهم وإتمام دورها على أكمل وجه .
وتحل مناسبة اليوم العالمى للمرأة على المرأة العربية هذا العام ، فى ظل اتساع نطاق المأساة الإنسانية التى تشهدها المرأة العربية جراء الصراعات التى اندلعت فى أكثر من بلد عربى ، وبات الأمن القومى فى بعض دول المنطقة فى حالة تهديد عامة وذلك أخذا فى الإعتبار المعنى الواسع للأمن الذى لايقتصر على الأبعاد العسكرية فحسب ، بل امتد ليشمل الأبعاد الإجتماعية والإقتصادية والأخلاقية ، واضطر الملايين إلى ترك ديارهم فارين بأنفسهم من مناطق الخطر والقتل والتنكيل والإنتهاك إلى مناطق أكثر أمنا ، وشكلت النساء الغالبية العظمى من هؤلاء الفارين الذين أضحوا يواجهون صعوبات شتى فى المناطق التى نزحوا إليها .
وعلى المستوى العالمى ، مازالت المطالبة بحقوق المرأة ، وإشكالية اللامساواة التاريخية والهيكلية ، التي سمحت بتفشي القمع والتمييز بينها وبين الرجل قائمة فى الكثير من دول العالم ، ومن أعظم التحديات المطروحة في مجال حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر، ومن العقبات الجسيمة التى ما زالت ماثلة في موازين القوى التي يقوم عليها التمييز والاستغلال.
وأعلن الامين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش فى رسالته بمناسبة اليوم العالمى للمرأة هذا العام تضامن الأمم المتحدة مع النساء حول العالم في كفاحهن للتغلب على كافة أشكال الظلم التي تواجهها ، سواء كن نساء ريفيات يتعرضن للتمييز في الأجور، أو نساء حضريات ينظمن صفوفهن في سبيل التغيير، أو نساء لاجئات معرضات لخطر الاستغلال والانتهاك الجنسي، أو نساء يواجهن أشكالا متداخلة من التمييز، مثل الأرامل ونساء الشعوب الأصلية والنساء ذوات الإعاقة والنساء اللواتي لا يمتثلن للمعايير .
وأكد أن تمكين المرأة يندرج في قلب أهداف التنمية المستدامة ، والتقدم المحرز فيها يعني إحراز تقدم بالنسبة لجميع النساء في كل مكان ، مؤكدا مجددا على أن الاستثمار في المرأة هو أنجع السبل للارتقاء بالمجتمعات المحلية والشركات، ومشاركة المرأة يجعل اتفاقات السلام أقوى، والمجتمعات أكثر قدرة على التكيف، والاقتصادات أشد صلابة.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)