ألقت افتتاحية صحيفة “بوست جازيت” الأمريكية في عددها الصادر الضوء على التوترات المتصاعدة بين دول حوض النيل بسبب سد النهضة الإثيوبي، الذي وصفته بأنه “أساس كُبرى المُشكلات في العالم”، مُعتبرة أن تدخل الولايات المتحدة في الأزمة قد يُساهم في حلّها.
واستهلّت الصحيفة افتتاحيّتها بالقول: “حالة من الدراما تسود شمال شرق أفريقيا، وتحديدًا بين مصر والسودان وإثيوبيا، بينما تقترب الأخيرة من إنهاء العمل على سدّ جديد ضخم على نهر النيل”.
وشرعت إثيوبيا في بناء سد النهضة منذ سنوات على طول حدودها مع السودان، وتحديدًا على ما يُعرف بـ”النيل الأزرق” الذي يُشكّل حوالي 85 بالمائة من المياه المتدفقة إلى نهر النيل. ورصدت له مساحة واسعة من الأراضي بمساحة تبلغ 1800 كيلومتر مربع.
وتقترب عمليات ملء خزان السد على الانتهاء، بعد الإعلان عن إنجاز نحو 63 بالمائة من مراحل بناء السد، ومل 9 مليون متر مكعب من الخرسانة للمشروع الأساسي له، إضافة إلى ملء 11.3 مليون متر مكعب من الخرسانة لسد “سادل” الفرعي. الأمر الذي يعني أن حصة مصر من مياه النهر باتت مُعرّضة للخطر على نحو وشيك، بحسب الصحيفة.
وتخشى مصر من أن بناء السد وما يتبعه من خطوة تخزين للمياه، سيؤديان إلى تدمير مساحات من الأراضي الزراعية لديها، فضلًا عن عدم توفير مياه شرب كافية لسكانها الذين يتجاوز عددهم 100 مليون نسمة، ويعانون بالفعل نقصًا في الموارد المائية.
في المقابل، تقول إثيوبيا إن السد ضرورة لتطوير البلاد، وتؤكد أن له منافع لجميع الدول بما فيها دولتا المصبّ، مصر والسودان.
ويبدو أن الموقف السوداني أقرب إلى إثيوبيا منه إلى مصر، إذ عبّرت الخرطوم أكثر من مرة عن اعتقادها أن سد النهضة ستكون له فوائد على دول المصب، بخلاف ما تخشاه القاهرة.
وعن الموقف الأمريكي من الأزمة، فتُشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة لا تعبأ بما يجري ولن تتأثر بما ستؤول إليه مُجريات الأمور، وإن كانت علاقاتها الجيدة نسبيًا مع مصر وإثيوبيا، تجعلها لا ترغب في أن يتناحر البلدان معًا، وتأمل ألا تتأجّج التوترات حدّ اندلاع حرب في شمال شرق أفريقيا.
ورأت “بوست جازيت” أن حل الأزمة يستدعي العمل على تحسين إجراءات الاتصال والتشاور بين مصر وإثيوبيا والسودان حول السد؛ لاسيّما وأن الدول الثلاث في حاجة ماسّة إلى نهر النيل الذي يُمكن تقسيمه بطريقة تصب في صالح كلٍ منهم، وفق قولها.
وأكّدت الصحيفة على أهمية الدور الأمريكي في الأزمة، قائلة “إذا كانت الولايات المتحدة تمارس دبلوماسية نشطة دؤوبة حيال سد النهضة، كان من الممكن أن تُشارك بشكل فعال لحل الأزمة”.
واعتبرت أن ملف سد النهضة قد يكون فرصة للإدارة الأمريكية لحل المشكلات العالقة مع السودان، بما في ذلك النزاع المُسلّح في دارفور والحرب الأهلية في دولة جنوب السودان المستقلة.
وأنهت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: “مع تصاعد أزمة السد الإثيوبي، رُبما تكون فرصة جيدة لأمريكا للمساعدة في حل أزمة خطيرة حول المياه، تُمثّل على نحو متزايد أساس المُشكلات الكُبرى في العالم”.