في رحاب صحراء مصر تجمعت مفردات مشروع المليون ونصف مليون فدان، ليرسم منظومة فريدة للتقدم بخطى ثابتة في معركة البناء والتنمية التي تخوضها بقوة وعزيمة الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قفزات استراتيجية ومشروعات جديدة يتم افتتاحها تباعا، تؤكد أرقامها أنها ستنقل مصر نقلة تنموية ملموسة، وبالأمس وفي مرسى مطروح أفصح البناء عن نفسه من خلال افتتاح الرئيس للمرحلة الأولى من مشروع المائة ألف فدان صوبة زراعية، والتي أقيمت بأسلوب حديث يتماشى مع روح العصر والمتغيرات التي تشهدها التطورات الحديثة في الزراعة والري.
افتتاح الرئيس أمس للصوبات الزراعية حمل قدر من الرمزية والدلالة على انحيازه للفقراء، ولصحة المواطن، وللباحثين عن فرص عمل، حيث أكد أن إنتاج هذه الصوبات لن يتم تصديرها إلا بعد سد احتياجات السوق المصري وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها وزيادة المنتج منها بما يساهم في خفض الأسعار، متعهدا بعدم استخدام أي مبيدات حشرية أو أسمدة غير مطابقة للمواصفات حتى لا تؤثر على صحة المواطنين حيث الهدف الأسمى هو توفير الغذاء الصحي وبأسعار مناسبة، ودعا المستثمرين للإقبال على الاستثمار في هذه الصوبات وإتاحة فرص عمل للشباب بها.
مشروع المليون ونصف مليون فدان، حلم أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي فور توليه مقاليد الحكم في مصر من أجل تأسيس ريف مصري جديد وعصري يتكون من مجتمعات عمرانية متكاملة، وهو أحد المشروعات القومية العملاقة التي تولي الدولة له أهمية خاصة، فهو مشروع تنموي شامل وليس مجرد مشروع زراعي، وتجربة مصرية جديدة في ظل اتجاه الدولة لإضافة مئات الآلاف من الأفدنة للرقعة الزراعية، كما أنه يعد أحد ركائز برنامج “خطوة نحو المستقبل” الذي تتبناه الدولة، ويشمل عددا كبيرا من المشروعات الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة وخلق مجتمعات زراعية وصناعية متكاملة خارج الوادي الضيق بما يساهم في زيادة الناتج القومي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية.
وتعتمد فلسفة المشروع على إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة في قلب الصحراء، قائمة على الزراعات التي تتناسب مع البيئة الصحراوية في مصر بما تحتويه في باطنها من مياه جوفية، مما يعمل على تغيير الخريطة الديموجرافية للتوزيع السكاني الذي يتكدس في الدلتا والوادي الضيق على طول نهر النيل، والذي أدى إلى تدهور الرقعة الزراعية وزيادة الضغط على الموارد المائية المحدودة في بعض الأماكن.
10 أهداف رئيسية لمشروع المليون ونصف المليون فدان، في مقدمتها إنشاء ريف مصري جديد وعصري، زيادة الرقعة الزراعية بنسبة ٢٠ % (من ٥ر٨ مليون فدان إلى ٢ر٩ مليون فدان)، توسيع الحيز العمراني واستيعاب النمو السكاني وزيادة المساحة المأهولة بالسكان من 6 % إلى ١٠ %، تعظيم الاستفادة من موارد مصر من المياه الجوفية، زراعة المحاصيل الاقتصادية التي تساهم في سد الفجوة الغذائية التي تعاني منها مصر وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار، الاعتماد على الزراعات العضوية، إعداد قانون ينظم هذه الزراعات لضمان التسويق الجيد للمحاصيل في أراضي المشروع الذي يعتمد على ترشيد استهلاك الماء، وضع عدد من الضوابط لمنع الإسراف في استخدام المياه الجوفية لضمان استدامة الموارد المائية، باعتبار أن المناطق المختارة للمشروع على مستوى الجمهورية واعدة للتنمية على جميع المستويات وتشجيع زراعة المحاصيل ذات العائد الاقتصادي، وزيادة معدلات التوطين، إلى جانب استنباط أفكار غير نمطية لتوظيف الشباب (مثل مشروع الصوبات الزراعية الذي افتتحه الرئيس أمس) من خلال توفير ما يزيد على ٢٥ ألف فرصة عمل.
وقد قام مركز البحوث الزراعية ومعهد بحوث الأراضي والمياه بإجراء دراسات تفصيلية حول التركيبات المحصولية، والتغيرات المناخية بالمواقع التي يتضمنها المشروع، وسيتم إجراء دراسات على الخزان الجوفي ومدى استخداماته ووجود المياه ومدى ملائمتها للمحاصيل المختلفة، وتعمل الحكومة من خلال الوزارات المعنية على جعل المناطق الجديدة بالمشروع جاذبة للسكان، وبها كل الخدمات والمشروعات التنموية ووسائل المعيشة الكريمة، وتشارك المؤسسة العسكرية في المشروع باعتبارها نموذجا في الانضباط والتخطيط، حيث تقوم بدورها كاملا في التنمية الشاملة للدولة، دون أن يكون ذلك على حساب خطتها التسليحية والتدريبية ومهامها القتالية لحماية الأمن القومي.
اهتمام الرئيس بالمجال الزراعي لم ينحصر فقط في مشروع المليون ونصف مليون فدان، فهناك العديد من الأمور الإيجابية للرئيس على قطاع الزراعة، ومنها إعفاء الفلاحين من مخالفات زراعة الأرز خارج المساحات المقررة خلال العامين الماضيين، تقديرا منه لتراجع دخل المزارعين، ومضاعفة أسعار توريد القمح بعد تعويم الجنيه ووصوله إلى ٥٥٥ جنيها للأردب بدلا من ٤٢٠ جنيها فقط، إنجازات لا تقبل التشوية ومعدلات إنجاز على أرض الواقع في كافة المشروعات القومية لا تقبل التشكيك، حيث لا يكتفي الرئيس بمجرد الحديث عن عموميات وعناوين سريعة مختزلة للمشروعات التي يفتتحها، بل يحرص على مناقشة وسؤال المسئولين عن تنفيذ تلك المشروعات على الهواء وأمام الكاميرات.
أ ش أ